من صحراء لقوة عالمية… تحققت قصة نجاح الإمارات
بشكل إعجازي تحولت الإمارات إلى بلد تعج بناطحات السحاب والطرق السريعة والمعمار الفريد، وأصبحت قبلة لكبرى المؤسسات العالمية في كافة المجالات فأصبح هناك متحف اللوفر الفرنسي في أبوظبي، وحرم لجامعتي نيويورك والسوربون وأفخم مراكز التسوق والمنشآت في العالم.
تلك الإنجازات غير المسبوقة بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، لم تكن كافية لحكومة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. خلال الفترة الماضية حافظت الإمارات على حقوق العاملين بها، وأصبحت حلما لكل من يريد العمل في بيئة احترافية من خلال العمل رسميًا أربعة أيام ونصف مع ضمان كافة الحقوق وتنظيم سوق العمل بشكل عادل، ولم تكتفِ الإمارات بالتطوير على الأرض فقررت النظر إلى الفضاء وإرسال بعثات له في خطوة غير مسبوقة عربيًا.
وتابعت هيئة الإذاعة البريطانية: إن الإمارات العربية المتحدة أصبحت على مر السنين بوابة بين الشرق والغرب، وهي مزيج من الحداثة والتكنولوجيا تغذيها حقول النفط الغنية بها، كما أنها أصبحت ممثلا عالميا قويا، وحليفا رئيسيا للقوى الغربية في منطقة الخليج العربي.
وأضافت: أن خلف ذلك التحول الذي هز البلاد في أقل من نصف قرن، لا يتردد خبراء الشرق الأوسط في الإشارة إلى الرجل الذي حكم اتحاد الإمارات منذ بداية هذا القرن وحتى وفاته هذا الشهر الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان وشقيقه الأصغر الشيخ محمد بن زايد.
قصة نجاح
يجد روري ميلر، الخبير في السياسة الخليجية والشؤون الدولية أن النجاح الاقتصادي غير المسبوق للإمارات يستند بشكل أساسي إلى قدرتها على إعادة توزيع عائدات النفط بين مجموعات المصالح المختلفة، وتحويل الفوائض المتبقية إلى أصول ذات قيمة مثل العقارات والفنون والأسهم في كبرى الشركات.
ويتابع ميلر، في كتابه “من ممالك الصحراء إلى القوى العالمية: صعود دول الخليج”، إنه من بين باقي دول الخليج، تمكنت الإمارات العربية المتحدة في وقت قصير من وضع نفسها بين أغنى الدول وأكثرها تطورًا بالنسبة للفرد.
وأضاف: أن التفكير في مصلحة الوطن فقط، دفع القائمين على الحكم لتنويع المشهد المالي: فقد بدأت بعض الإمارات في المراهنة على السياحة. بينما ابتكر البعض الآخر إستراتيجيات لجذب رأس المال الأجنبي، وتضاعفت المناطق الحرة. حيث يوجد حاليًا أكثر من 30 منطقة، كما أصبحت أساليب جذب الاستثمار الأجنبي أكثر تواترًا. وتراوحت بين الفوائد إلى ضرائب الخصم والمزايا الجمركية إلى الحوافز والمرونة الواسعة للمالكين الأجانب.
وبالنسبة للإماراتيين، كانت رؤية الأب المؤسس للدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هي التي تمكنت من وضع بلادهم على الخريطة العالمية بحلول نهاية القرن العشرين، ويرون أن رؤية القرن الجديد تم ابتكارها من قِبل الشيخ خليفة وشقيقه الشيخ محمد بن زايد الرئيس الحالي للإمارات.
مواجهة الأزمات
ووفق الإذاعة البريطانية، كانت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم في عام 2008 والتي أثرت بعمق على دبي كواحدة من المراكز المالية في العالم من أولى التحديات التي واجهها الرئيس الجديد -والثاني الوحيد- لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقرر الشيخ خليفة ضخ مليارات الدولارات في أموال خطة الإنقاذ الطارئة في الإمارة؛ ما أدى إلى إنشاء أطول برج في العالم، والذي تم التخطيط له في البداية ليتم تسميته برج دبي، والذي تم تغيير اسمه إلى برج خليفة في افتتاحه الرسمي في يناير 2010.
كما استخدم قادة الإمارات الثروة النفطية لجذب المراكز الثقافية والأكاديمية إلى البلد العربي وأيضاً للترويج لصورة أمته في الخارج، كما تم استثمار الأموال الإماراتية، الخاصة والحكومية، في الشركات الكبرى والعقارات الرئيسية والمؤسسات المالية والعلامات التجارية الفاخرة وحتى أندية كرة القدم (مثل مانشستر سيتي).
وحاول قادة الإمارات إعادة توجيه الاعتماد الاقتصادي على النفط من خلال تشجيع الاستثمار في أبحاث الطاقة المتجددة. وتعد هيئة أبوظبي للاستثمار حاليًا واحدة من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حيث تصل أصولها إلى ما يقرب من 700 مليار دولار.