قلق أمريكي متزايد: قدرة إيران النووية ما تزال تشكّل تحدياً عسكرياً معقّداً

أفادت وكالة أسوشيتد برس نقلا عن مصادر مطلعة، بأن وزارة الدفاع الأميركية، لا تزال غير واثقة من تدمير المنشآت النووية الإيرانية، في تشكيك جديد برواية الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ونقلت الوكالة عن اثنين من كبار المسؤولين في الوكالة الأميركية للحد من التهديدات العسكرية، التي أشرفت على تطوير وإنتاج قنابل جي.بي.يو-57 الخارقة للتحصينات، قولهما أن هذه الوكالة لم تتلق بعد أية بيانات نهائية تؤكد التدمير الناجح لمنشآت البرنامج النووي الإيراني بالقنابل نتيجة للضربة الجوية الأمريكية في 22 يونيو/حزيران الماضي.
وأشارا إلى أنه لا يوجد في الوكالة حتى الآن أية ثقة في أن القنابل، وصلت إلى عمق التأثير المطلوب لتدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل.
وتؤكد المصادر على أن الوكالة لا تملك حتى الآن المعلومات اللازمة التي تشير إلى نجاح العملية بشكل لا لبس فيه.
في وقت سابق، قال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لشبكة سي.بي.اس، إنه بقيت لدى إيران بعض مكونات برنامجها النووي ويمكنها استئناف تخصيب اليورانيوم في غضون بضعة أشهر.
وشدد غروسي على أن إيران كانت ولا تزال تمتلك قدرا من إمكانيات معالجة اليورانيوم وتحويله وتخصيبه في فوردو ونطنز وأصفهان. وأضاف غروسي أن هذه القدرات “دمّرت إلى حد كبير”، ولكن “البعض منها لا يزال موجودا”.
في 24 يونيو الماضي، ذكرت شبكة سي.ان.ان أن أوساط الاستخبارات الأميركية تعتقد أن الضربات على إيران لم تسفر عن تدمير المكونات الرئيسية للبرنامج النووي لطهران. وترجح تقييمات استخباراتية أميركية أولية، أن الهجوم على الأغلب لن يؤخر امتلاك إيران لقنبلة نووية إلا بضعة أشهر.
لكن الرئيس ترامب ووزير دفاعه بيت هيغسيث، أعربا في 25 يونيو/حزيران نقلا عن معطيات استخباراتية أميركية جديدة، عن ثقتهما في أنه تم بشكل تام تدمير المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، التي تعرضت للقصف ليلة 22 يونيو/حزيران. كما أكد البيت الأبيض، وفقا للمعلومات المتاحة لواشنطن، أن إيران لم تخرج المواد النووية من هذه المجمعات مسبقا.
وكانت تحليلات إسرائيلية، حتى من داخل المؤسسة الأمنية، قد شككت في مدى دقة هذه المزاعم. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقديرات أمنية نقلت عن مسؤولين كبار تحذيرات واضحة من المبالغة في تصوير الإنجاز، مؤكدين أن “القول إن التهديد انتهى ليس دقيقا، بل وربما غير مسؤول”.
وقال محلل الشؤون الاستخباراتية والعسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رونين بيرغمان، إن على الجمهور الإسرائيلي أن يقرر “لمن يمنح ثقته؟ لرواية نتنياهو وترامب؟ لوسائل الإعلام؟ أم لتقديرات المؤسسة الأمنية؟”.
ويعتقد أن التشكيك في إسرائيل يزداد وسط حالة الإرباك مع أن نتنياهو، الذي نادرا ما يعترف بفضل أحد، سارع هذه المرة إلى شكر جميع الجهات المشاركة، مما وضع ضغطا إضافيا على الأجهزة الأمنية لتجنب تقديم رواية تناقض “خطابه المنتصر”، في هذه الأجواء، يصبح من الصعب التمييز بين الإنجاز الحقيقي والاستثمار السياسي في الحرب.
وأشار بيرغمان إلى أن الرسائل التي تخرج، حتى من أكثر الدوائر الأمنية سرية في إسرائيل، تقول بوضوح “القول بأن التهديد زال غير دقيق وغير مسؤول”، لافتا إلى أن الأسئلة الكبرى بقيت بلا إجابة واضحة: هل دمر البرنامج النووي الإيراني فعلا؟ هل تأخر سنوات للوراء كما أعلن نتنياهو وترامب؟
وأوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تجد صعوبة في قول الحقيقة كاملة، فهي تتحدث عن أضرار جسيمة للمشروع النووي، لكن مع تحفّظات كثيرة، ويقر مسؤولون كبار بأن “النجاح كان كبيرا”، لكنهم يرفضون تقديم تقييم نهائي، ويشددون على أن القول إن التهديد زال تماما “غير مسؤول”.