الشرق الأوسط

كيف تحول الإخوان إلى كيان مشتت يتصارع على القيادة؟


بعد أحد عشر عامًا من الإطاحة بحكم الإخوان في مصر، تشهد الجماعة اليوم أزمة وجودية حقيقية، الانقسامات الداخلية والصراعات على القيادة جعلتها تتراجع بشكل كبير على الساحة السياسية، يظهر التنظيم اليوم في حالة من التفكك والانهيار، بعد أن كان في السابق قوة مؤثرة في السياسة المصرية، تحول إلى مجرد أشلاء تتصارع فيما بينها على القيادة، وهو ما يعكس تراجع تأثير الجماعة التي شكلت تهديدًا كبيرًا للاستقرار في مصر خلال فترة حكمها القصيرة.

ثورة شعبية

في صبيحة الثلاثين من يونيو 2013، استيقظت مصر على ثورة شعبية هائلة أطاحت بنظام الإخوان الذي تزعمه الرئيس السابق محمد مرسي، كانت هذه الثورة نتيجة لاحتقان شعبي استمر لعام كامل من حكم الجماعة، والذي تخلله العديد من الأزمات والمشاكل السياسية والاجتماعية.

بدأت قصة صعود الإخوان المسلمين في مصر عقب ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، استطاعت الجماعة استغلال الفراغ السياسي والحشد الشعبي باسم الدين، مما مكنها من الفوز بالانتخابات الرئاسية عبر مرشحها محمد مرسي. ولكن خلال عام واحد فقط من حكمه، تحولت مصر إلى مسرح للاضطرابات والصراعات الداخلية، مما دفع الشعب إلى الانتفاض ضدهم.

ما بعد الإطاحة بهم

وبعد الإطاحة بنظام الإخوان، تفرق أفراد الجماعة بين مسجونين في مصر وهاربين إلى الخارج، خاصة إلى تركيا. بينما انضم آخرون إلى تنظيمات إرهابية متعددة، والتي واجهها الجيش المصري بقوة في سيناء. 

لقد كانت الصدمة كبيرة على الجماعة التي فقدت قياداتها الأساسية، وتم القبض على غالبية أعضاء مكتب الإرشاد في القاهرة بتهم الإرهاب والعمالة.

الصراعات الداخلية داخل الجماعة لم تتوقف بعد سقوطها، بل ازدادت حدة، و نشأت جبهتان رئيسيتان تتنافسان على قيادة التنظيم: جبهة لندن وجبهة إسطنبول. 

حتى بعد مرور 11 عامًا، لم ينته هذا الصراع الذي أدى إلى تفكك بنيان الجماعة وتآكل هيكلها التنظيمي، الضربات المتتالية التي تلقتها الجماعة جعلتها تفقد بوصلتها وتتحول إلى كيان متفتت يفتقر إلى القيادة المركزية.

تنظيم مشتت

من جانبه، يشير الباحث في حركات الإسلام السياسي، سامح عيد، إلى أن جماعة الإخوان بعد مرور 11 عامًا أصبحت جماعتين تتنازعان على القيادة. 

ويضيف أن الجماعة تحولت من كيان مركزي يعمل من داخل مصر إلى تنظيم مشتت يتواجد في دول الملاذات الآمنة بالخارج، موضحًا، أن هذا التحول أثر سلبًا على مصداقية التنظيم وأظهر الوجه الآخر القبيح لقياداته في ظل اتهامات متبادلة بالفساد والسرقة.

في السياق ذاته، يرى الباحث مصطفى حمزة، أن الإخوان فقدوا صوابهم بعد الثورة، وأصروا على الصدام مع الجميع حتى أفرادهم أنفسهم. ويضيف حمزة أن محاولات الجماعة للعودة إلى السلطة فشلت مرارًا وتكرارًا، مشيرًا إلى أن المصالحة المصرية التركية الأخيرة تهدد بقاءهم في تركيا، مما يعزز من انهيار الجماعة بعد 11 عامًا من سقوطها.

وأضاف انهيار جماعة الإخوان لم يكن مفاجئًا، بل هو نتيجة طبيعية للسياسات الاستبدادية والفشل في تحقيق تطلعات الشعب، إضافة إلى ذلك، الصراعات الداخلية والخلافات على القيادة ساهمت بشكل كبير في تفكك الجماعة، موضحًا، مستقبل الإخوان يبدو غامضًا في ظل هذه الظروف.

لقد أثبتت السنوات العشر الماضية أن تنظيم الإخوان المسلمين لم يعد ذلك الكيان القوي المتماسك الذي كان يتفاخر بقدرته على التأثير والتحكم. بل أصبح مجرد أسماء وشخصيات متفرقة تعاني من الصراعات الداخلية والضغوط الخارجية، وأصبحت ذكراهم مرهونة بصفحات التاريخ المظلمة، حيث لم يعد لهم وجود فعلي على الساحة السياسية المصرية أو حتى على مستوى التنظيم الدولي، وبهذا، نستطيع القول “إن جماعة الإخوان تعيش اليوم مرحلة من الانهيار والتفكك بعد عقد من الزمن على سقوطها”.

صراعات القيادة والاتهامات بالفساد والنزاعات الداخلية جعلت من الجماعة كيانًا هشًا لا يقوى على العودة إلى سابق عهده، وتحولت من قوة مؤثرة إلى مجموعة من الأفراد المتفرقين الذين فقدوا هدفهم واتجاههم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى