سياسة

كيف يكشف الميكروبيوم الفموي عن الأمراض الجسدية؟


تظهر الأبحاث الحديثة أن صحة الفم يمكن أن تقدم مؤشرات مهمة عن الأمراض الجسمانية، بدءًا من السرطان ووصولاً إلى أمراض القلب والدماغ.

يستضيف الفم نظامًا بيئيًا معقدًا يُعرف بالميكروبيوم الفموي، الذي يضم أكثر من 700 نوع من البكتيريا والفطريات والفيروسات والكائنات الدقيقة الأخرى.

وتستوطن هذه الميكروبات مناطق مختلفة مثل الأسنان واللثة واللسان وسقف الفم، ولكل منطقة تركيبتها الميكروبية الخاصة.

والميكروبيوم الفموي الصحي متنوع وتهيمن عليه البكتيريا المفيدة مثل Streptococcus وRothia، والتي تساعد في التحكم بالالتهابات ومكافحة الميكروبات الضارة.

ومع ذلك، يمكن أن يؤثر النظام الغذائي وسلامة الفم والصحة العامة على هذا التوازن، مما يسمح بنمو الميكروبات الضارة.

ومن أبرز هذه البكتيريا Porphyromonas gingivalis، التي تتغذى على بروتين أنسجة اللثة وترتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض اللثة.

وكشفت دراسة نُشرت عام 2025 في JAMA Oncology أن 27 نوعًا من البكتيريا والفطريات الفموية، بما في ذلك P. gingivalis وEubacterium nodatum وParvimonas micra والفطر Candida، ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس بمقدار 3.5 مرة.

وأظهرت تحليلات الجينوم الكامل أن المرضى الذين لديهم هذه الميكروبات كانوا أكثر عرضة بشكل كبير لتشخيص المرض.

تشير هذه النتائج إلى أن تحليل البكتيريا والفطريات الفموية يمكن أن يساعد أطباء الأورام في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وتوجيه الفحوص المبكرة للسرطان.

ويرتبط تأثير صحة الفم على الجسم عامة بالالتهاب المزمن. فمرض اللثة، على سبيل المثال، يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والزهايمر وعدة أنواع من السرطان.

ويمكن أن تنتقل البكتيريا الضارة من الفم عبر الأوعية الدموية أو اللعاب، متجنبة جهاز المناعة ومسببة الأمراض في أماكن أخرى. تُعد Fusobacterium nucleatum، الموجودة عادة في الفم، من البكتيريا التي قد تعزز نمو الأورام، ووجدت بكثرة لدى مرضى سرطان القولون، كما أظهرت الدراسات على الحيوانات أن P. gingivalis الفموية قد تسهم في تطور سرطان البنكرياس.

ويشدد الخبراء على أهمية الحفاظ على نظافة الفم، واستخدام منتجات لطيفة، وتجنب السكر الزائد، والتحكم في الالتهابات المزمنة لحماية الصحة العامة.

ويواصل الباحثون دراسة كيفية استخدام تحليل الميكروبيوم الفموي للكشف المبكر عن الأمراض الخطيرة، مؤكدين أن الفم يمثل نافذة مهمة لفهم صحة الجسم بأكمله.

ويبرز هذا الفهم الجديد أن العناية بالفم ليست مجرد وسيلة لمنع التسوس أو أمراض اللثة، بل تلعب دورًا حيويًا في التنبؤ بالأمراض الجسمانية والوقاية منها قبل تفاقمها.
 

زر الذهاب إلى الأعلى