ماذا يعني وضع الإخوان مجددًا على قوائم الإرهاب؟
أصدرت محكمة جنايات جنوب القاهرة مؤخرًا حكمًا جديدًا يقضي بوضع جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات قادمة.
فماذا يعني هذا الحكم في هذا التوقيت؟ وما دلالته؟ وما انعكاساته على نشاط التنظيم داخل وخارج مصر؟
إن الحكم القضائي الأخير هو السادس بين مجموعة أحكام قضائية قضت بوضع الإخوان على قوائم الكيانات الإرهابية، وكلها أكدت، وفق مسودة أحكامها، أن التنظيم مارس العنف سواء من خلال التحريض أو ممارسة العنف الجنائي عبر إنشاء مليشيات مسلحة، مثل حركتي “سواعد مصر.. حسم” و”لواء الثورة” وغيرهما، أو عبر توفير الملاذات الآمنة للتنظيمات المتطرفة وتقديم الدعم لها.
الحكم القضائي الجديد يؤكد ما صدر من أحكام سابقة بخصوص تنظيم الإخوان والأفراد التابعين له، فالحكم أدرج 20 إرهابيًا على قوائم الإرهاب، وطالب -وفق قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015- بتنفيذ الآثار المترتبة على ذلك، ومنها حظر أنشطة التنظيم وغلق الأماكن المخصصة له وحظر اجتماعاته وحظر أي تمويل أو جمع الأشياء للكيان بشكل مباشر أو غير مباشر، فضلًا عن تجميد الأموال أو الأصول المملوكة للكيان أو أعضائه، وكذا حظر الانضمام إليه.
وأوصت المحكمة، وفق مسودة الحكم الأخير، بوضع أعضاء التنظيم على قوائم الترقب والوصول والمنع من السفر، فضلًا عن منع الأجنبي المنتمي للتنظيم من دخول البلاد، مع سحب جواز السفر أو إلغائه ومنع إصدار جواز سفر جديد أو تجديده، مع عدم التعيين أو التعاقد بالوظائف العامة أو بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام.
الحكم القضائي الأخير يعني أمرين، أولهما استحالة عودة عمل التنظيم من جديد، وثانيهما حظر أنشطة أعضائه، وفق أحكام قضائية نهائية وباتة، بما يغلق الباب أيضًا أمام أي اجتهاد سياسي في أي حقبة زمنية بعودة التنظيم، فضلًا عن أن هذه الأحكام تمثل وثيقة رسمية تؤكد حجم الجرائم، التي ارتكبها التنظيم ضد مصر والمصريين على مدار فترات وجودهم.
صدور الحكم القضائي الأخير هو أبلغ رد على دعوات الجماعة، التي أطلقتها في الخارج بخصوص الانخراط في حوار سياسي والعودة إلى البلاد، ومن ثم ممارسة أنشطتها من جديد، حيث أغلق هذا الحكم الباب أمام هذه الدعوات التي يُطلقها التنظيم بين حين وآخر للخروج من عزلته.
إن الشعب المصري لن يقبل بأي حال من الأحوال عودة “الإخوان المسلمين” في الحياة السياسية، ولن يسمح لهم بممارسة الأنشطة المحرضة أو الداعمة للعنف، بعد أن أخذ قرارًا ربما سبق الأحكام القضائية المُشار إليها بحظرهم عبر ثورة شعبية في 30 يونيو 2013.
لقد فشل الإخوان في إدارة شؤون البلاد على مدار عام كامل في السلطة، ثم فشلوا ثانية في التحريض ضد الشعب المصري، وها هم الآن يحاولون إعادة أنفسهم وترتيب صفوفهم للعودة من جديد، ويفعلون ذلك وهم لا يُدركون أن الشعب والقضاء حكما بغيابهم تمامًا عن المشهد وكتب شهادة وفاتهم داخل مصر وخارجها.
وهنا يمكن القول: لا عودة للإخوان للمشهد السياسي ولا الحياة في مصر بعد أن أصدر القضاء والشعب حكمهما على التنظيم وأسقط ورقة التوت الأخيرة عن الجماعة، التي سعت إلى الفوضى بصورة حثيثة، وكان الوعي أهم حصانة ضد الأفكار المتطرفة للإخوان.
لقد تم حل جماعة الإخوان في أربعينيات القرن العشرين على يد النقراشي باشا، وذلك على خلفية الجرائم التي ارتكبوها، وقد ظل وجودهم منذ هذه الفترة غير شرعي، وظلت الجماعة تعمل بصورة سرية تحت الأرض، سعت لنشر أفكارها الإرهابية الهادمة للمجتمع، ولكن سرعان ما لفظها المصريون، وكان حكم الشعب بسقوط التنظيم وأفكاره داخل وخارج مصر، وهو ما ظهر صداه في تونس والمغرب وبدت ملامحه في ليبيا، وربما تؤكد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا هذا اللفظ حال إجرائها.
لقد نجح المصريون على مدار عقد كامل في تفكيك بنية تنظيم الإخوان الإرهابي المعرفية وضرب خطابه الإعلامي، الذي كانت تستخدمه الجماعة في الحشد والتجنيد.
معركة مواجهة الإرهاب وأفكاره المتطرفة ستستمر مع محاولات العودة المستميتة من الجماعة بما يستلزم مزيدًا من الجهد المتعلق بتفكيك البنية المعرفية للتنظيم.
يلعب الإخوان -في محاولات عودتهم البائسة لممارسة نشاطهم الإرهابي- على الذاكرة الهشّة، والإيهام بأنهم “يعملون من أجل الإسلام”! يفعلون ذلك وهم لا يُدركون بأن أفكارهم باتت منفرة، ولم يعد يمتلك التنظيم ما يستطيع من خلاله خداع النّاس من جديد، وهو ما يستلزم مزيدًا من توعية الشعوب بخطرهم.