سياسة

ما أهداف إيلون ماسك من استحواذه على تويتر؟


لم يكن يوما عاديا حين أعلنت “تويتر” استحواذ إيلون ماسك، صاحب شركتي “تسلا” و”سبيس إكس”، عليها، مقابل 44 مليار دولار.

 

جاء ذلك خلال صفقة وُصفت بأنها “ستكون الأضخم خلال العقدين القادمين”.

ومع اكتمال هذه الصفقة طُرحت تساؤلات حول ما قد يفعله أغنى رجل في العالم بمنصة التواصل الاجتماعي، ورغم ما يتردد بين موظفي “تويتر” عما يعنيه امتلاك إيلون ماسك لشركتهم وما ينوي إجراءه من تعديلات فيما يتعلق بالإشراف على المحتوى وغير ذلك، فإن البعض منهم طرح تساؤلا شغل معظم المتابعين لهذا الحدث الاقتصادي والتكنولوجي الاستثنائي.. وهو: مَن هو إيلون ماسك؟، ولماذا كل هذا الإصرار منه ليستحوذ على منصة يستيقظ وينام عليها العالم؟

بداية، اشتُهر “ماسك” بعمله في مجال السيارات الكهربائية والسفر عبر الفضاء، وهو رائد أعمال متسلسل، وهو المؤسس والرئيس التنفيذي للعديد من الشركات، ففي عام 2003 أسس شركة “تسلا”، والتي هي شركة السيارات الأكثر قيمة في العالم، مقرها تكساس، وتقوم بتصنيع السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وبلاط السقف الشمسي والعديد من المنتجات الأخرى المتعلقة بالطاقة النظيفة.

وقبل ذلك أسس “إيلون” شركة “سبيس إكس”، والتي تهتم بتصميم وتصنيع عدد قليل من الصواريخ والمركبات الفضائية الأكثر تقدمًا في العالم، وقد أسسها عام 2002 بهدف إحداث ثورة في النقل الفضائي وجعل الحياة متعددة الكواكب.

وقد اكتسبت SpaceX اهتمامًا عالميًا لسلسلة من المعالم التاريخية، كما تقدم الشركة خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية تحت العلامة التجارية Starlink.
وإلى جانب شركات أخرى تعنى بالأمور الطبية والإنشاءات للبنى التحتية شارك “ماسك” في إنشاء شركة أبحاث ونشر ذكاء اصطناعي غير هادفة للربح، فقط تستهدف تطوير أدوات ذكاء اصطناعي للأغراض العامة التي يمكن أن تفيد البشرية.

وقد ترك “ماسك” مجلس إدارة هذه الشركة التي تسمى OpenAI عام 2018 لتجنب أي تعارضات محتملة في المستقبل مع دوره كرئيس تنفيذي لشركة Tesla.

لكن قصته مع تويتر تبدو يختل فيها ميزان القوى بين الطرفين، فهو يعشق تويتر، ولديه جمهور هائل به يبلغ 83.8 مليون متابع، كما أنه كثير التغريد على المنصة، فأحيانا يكتب تغريدات تثير الجدل، وأحيانا تكون تغريداته كارثية، حيث كانت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية قد منعته من كتابة تغريدات عن شؤون شركته لصناعة السيارات الكهربائية “تسلا”، بعد تغريدة واحدة أدت إلى تراجع القيمة السوقية للشركة بنحو 14 مليار دولار.

أما اليوم، وقد استولى “إيلون” على تويتر، فمن المحتمل أن تكون هناك بعض المطبات على طول هذا الطريق، فربما يقوم “ماسك” بحل مجلس الإدارة الحالي واستبداله بما يتفق مع توجهاته الإدارية، إلى جانب ما سيواجهه من تطورات الأوضاع داخل الشبكة الاجتماعية، والسيناريوهات المتوقعة لمسار الشركة مستقبلا، بالإضافة إلى الإجابة عن التساؤلات التي تعصف بأذهان الموظفين حول مصيرهم ومصير تويتر معه، حيث يكثر النقاش حول وجود نية لموجة من تسريحات العمال واحتمال رفع الحظر عن حسابات شخصيات مثيرة للجدل مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

مع ملاحظة أن بريت تايلور، رئيس مجلس إدارة تويتر، أشار إلى أن “ماسك” اتفق مع مجلس الإدارة على أن الأولوية القصوى لـ”استمرارية العمل بشكل طبيعي”، لحين إتمام صفقة الاستحواذ نهاية العام الجاري.

وأرى عوامل عدة أسهمت في نجاح “ماسك” فى الاستحواذ السريع على تويتر، أولها كان العرض القوي الذي طرحه بـ46.5 مليار دولار. فقد اختار “ماسك” شركة مورجان ستانلي مستشارا له، واستطاع أن يجعل 12 بنكا ملتزمين بتمويل ديون بقيمة 25.5 مليار دولار، وتعهد بـ21 مليارا أخرى كتمويل منه.

أما العامل الثاني فهو مخاطبة “ماسك” مباشرة للمساهمين في تويتر وحثهم على الضغط على الشركة للتواصل، بل تواصل بعض المساهمين بالفعل مع الشركة وقالوا إنهم أرادوا أن يتعاملوا مع العرض بجدية.

العامل الثالث في نجاح هذه الصفقة هو دور السعر المطروح وهو 54.20 للسهم، مع مقارنته باحتمالات نمو شركة تويتر نفسها.

خلال حديث مع أحد المحللين الاقتصاديين هنا في واشنطن قال لي إن العرض الذي طرحه إيلون ماسك على تويتر “يعتبر واحدا من أكثر عروض الاستحواذ جنونا”، والتى لم يكن من الممكن التنبؤ بها على الإطلاق، حيث أنهى اتفاق الاستحواذ على موقع التغريدات القصيرة مقابل 44 مليار دولار في غضون أسابيع، ولم يكن أحد يعلم إلا من فترة قصيرة أنه مستثمر في الشركة.

لكن هذا المحلل الاقتصادي قال لي إن الصفقة جاءت بسرعة كبيرة جزئيا، لأن “ماسك” تنازل عن فرصة النظر في مصادر تمويل تويتر بعيدا عما كان متاحا بشكل علني، وهي الطريقة التي يعمل بها الملياردير، الذي يعد أغنى رجل في العالم.

هنا يمكنني القول إن هناك فرقاً حقيقياً بين هذا النوع من الخطوات المهمة وإدارة المنصة بشكل يومي، والتي تخضع لآليات إشراف هدفها التصدي للتعليقات المسيئة، وكذلك الإحاطة بقانون الخدمات الرقمية الجديد، الذي يُلزم المنصات الرقمية العملاقة إزالة المحتوى غير القانوني والتعاون مع السلطات والنظر في كميات هائلة من البريد العشوائي، وخطاب الكراهية، ونظرية المؤامرة، وغير ذلك من محتوى مماثل.

لقد أقدم إيلون ماسك على حرب من نوع جديد يصعب فيها إدراك كُنه الأطراف الأخرى وماذا سيكون موقفهم من إمكانية مغادرة تويتر أو التوقف عن الإعلان به، إلى جانب الاحتمالات الأخرى، التي ذكرناها سابقًا، والتي لا شك أن “إيلون” قد اتخذ فيها قرارات ورؤى مستقبلية قبل الإقدام على هذه الصفقة استثنائية القيمة والمحتوى والتبعات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى