ما التداعيات على محطة زابوريجيا النووية؟
تبادلت كييف وموسكو الاتهامات في جلسة لمجلس الأمن بشأن المسؤولية عن كارثة تفجير سد في أوكرانيا. الذي يقع على نهر دنيبرو الذي يوفر المياه لتبريد محطة زابوروجيا النووية التي تسيطر عليها القوات الروسية وتُعدّ الأكبر في أوروبا.
واجتمع أمس مجلس الأمن الدولي المكون من 15 عضواً، بطلب من كلٍّ من روسيا وأوكرانيا. بعد تدفق غزير للمياه إثر انفجار سد ضخم على نهر دنيبرو الذي يفصل بين قوات البلدين في جنوب أوكرانيا.
وذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أنّ “نظام كييف ارتكب جريمة لا يمكن تصورها بتفجير سد محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية”.
وقال نيبينزيا: “في ليلة 6 يونيو ارتكب نظام كييف جريمة لا يمكن تصورها بتفجير سد محطة كاخوفكا الكهرومائية. ونتيجة لذلك بدأ تدفق المياه بشكل غير منضبط في مجرى نهر دنيبر”.
وأشار المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنّ العديد من المناطق غمرتها المياه. مضيفاً أنّ “الآلاف من الناس بحاجة إلى إجلاء عاجل، وعمليات الإجلاء بدأت بالفعل”.
وتابع: “لقد لحقت أضرار جسيمة بالقطاع الزراعي في المنطقة المحيطة والنظام البيئي لمصب نهر دنيبر”.
بالمقابل، اتهم سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا روسيا بارتكاب “عمل إرهابي يستهدف البنية التحتية الحيوية الأوكرانية”، لكنّه لم يقدم أيّ دليل.
وأضاف كيسليتسيا: “من المستحيل عملياً أن نفجره من الخارج عن طريق القصف. لقد زرع فيه الروس الألغام وفجروه”.
وفي السياق ذاته، اتهم الجيش الأوكراني القوات الروسية بتفجير السد. في حين ردّ الروس -الذين يسيطرون على أجزاء من خيرسون- باتهام كييف بتفجيره باستخدام راجمات صواريخ.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إنّ القوات الروسية “فجرت محطة كاخوفكا الكهرومائية من داخلها خلال الليل”، وفق ما نقلت شبكة (بي بي سي).
وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال: إنّ نحو 80 منطقة سكنية يقطنها أكثر من 22 ألف نسمة أصبحت مهددة بالفيضانات. وإنّ العمل جارٍ لإجلاء السكان عبر قطارات إلى منطقة ميكولايف.
بدوره، قال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال: إنّ تفجير القوات الروسية سد كاخوفكا عمل إرهابي يهدد بإغراق ما يصل إلى 80 بلدة أوكرانية. وإنّه يجري تقييم العواقب على البيئة والتهديد المحتمل على محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
أمّا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، فقد اعتبر أنّ تدمير روسيا السد. قد يؤدي إلى أكبر كارثة تكنولوجية في أوروبا منذ عقود، ويعرّض آلاف المدنيين للخطر.
من جانبها، قالت هيئة الطاقة الأوكرانية: إنّ محطة نوفا كاخوفكا دُمرت بالكامل. ولا يمكن إعادة بنائها أو إصلاحها. وأضافت أنّ منسوب المياه في خزان السد يتناقص بسرعة. ممّا يمثل تهديداً إضافياً لمحطة زابوريجيا النووية.
في المقابل، قال الكرملين: إنّ “أوكرانيا هي التي دمرت سد نوفا كاخوفكا لحرمان شبه جزيرة القرم من المياه”، مضيفاً: “نرفض بشدة اتهامات أوكرانيا لروسيا بالمسؤولية عن تدمير السد”.
وأشار الجانب الروسي إلى أنّ الجزء العلوي من محطة الطاقة الكهرومائية في سد كاخوفكا تم تدميره نتيجة القصف، لكنّ خزان السد لم يُدمر، حسبما نقلت روسيا اليوم.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن السلطات الموالية لروسيا في خيرسون. أنّه تم البدء في عمليات إجلاء للسكان من مناطق عدة في نوفا كاخوفكا بعد تفجير السد.
وقال محافظ مدينة نوفا كاخوفكا الموالي لروسيا: إنّ انهيار السد يتواصل. وإنّ تدفق المياه خرج عن السيطرة بعد ارتفاع منسوبها إلى 10 أمتار.
في السياق، أعلنت السلطات الروسية حالة الطوارئ في مدينة نوفا كاخوفكا. وقال عمدة المدينة فلاديمير ليونتيف والمعين من قبل موسكو: إنّ “المياه غمرت المدينة”.
وأضاف ليونتيف أنّ المياه غمرت محطة الطاقة أيضاُ، وأفاد بتضرر 600 منزل في 3 مناطق بسبب الفيضانات العارمة، على الجانب الذي تسيطر عليه روسيا من نهر دنيبرو.
بدورها، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر تويتر أنّه ليس هناك “خطر نووي آنيّ”. موضحة أنّ خبراءها الموجودين في الموقع “يراقبون الوضع من كثب”.
الأمر ذاته أكّده المعهد الفرنسي للحماية من الإشعاع والسلامة النووية (IRSN). مستبعداً في الوقت ذاته “أيّ خطر لحدوث فيضانات (قرب المحطّة) لأنّ السد في اتجاه مصبّ النهر وليس عند المنبع”، على بعد (150) كيلومتراً، حسبما أفادت نائبة المدير العام كارين هيرفيو وكالة (فرانس برس).
من جهتها، أكّدت الإدارة المعيّنة من موسكو في المنطقة أنّ الوضع تحت السيطرة. وشدد مدير المحطة يوري تشيرنيتشوك على أنّه “في الوقت الحالي ليس هناك أيّ تهديد لسلامة محطة زابوريجيا، ومنسوب المياه في حوض التبريد لم يتغيّر”.
وكانت هذه المحطة تنتج في السابق 20% من كهرباء أوكرانيا. واستمرّت في العمل خلال الأشهر الأولى من بدء الحرب قبل أن يتم إيقافها في سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين لم يعمل أيّ من مفاعلاتها الـ 6 على إنتاج الطاقة.
من جهتها، اعتبرت الشركة المشغّلة “أوكرهيدروإنرجو” (الهيئة الأوكرانية المشغلة لمحطات الطاقة الكهرومائية) أنّ “خزّان السد يجب أن يكون جاهزاً للعمل خلال الأيام الـ 4 المقبلة” لكنّ مستواه يتناقص بشكل مقلق.
وبلغ مستوى مياه الخزّان في الصباح حوالي 16,4 متراً. وحذّر غروسي من أنّه إذا انخفض مستوى المياه إلى ما دون 12,7 متراً، فلن يكون من الممكن ضخّها لتزويد دائرة التبريد في المحطّة. ولم يتبقَّ سوى “أيام قليلة” لإيجاد حلّ.
ومن الضروري تبريد الوقود في قلب المفاعلات باستمرار. وكذلك الوقود الموجود في أحواض التخزين.
وقال المعهد الفرنسي للحماية من الإشعاع والسلامة النووية: إنّ “الفشل في التبريد قد يؤدي إلى وقوع حادث انصهار وانبعاثات إشعاعية في البيئة”. وهو سيناريو مشابه لما حصل في فوكوشيما في اليابان خلال الزلزال القوي الذي تسبّب في حدوث تسونامي في مارس 2011.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إنّ المسؤولين عن المحطّة يبحثون عن “مصادر بديلة”. مشيرة إلى وجود “حوض كبير” يحفظ المياه في الجوار.
وتقع محطة زاباروجيا في قلب الصراع، وقد استُهدفت عدّة مرّات بالقصف. وانقطعت عن شبكة الكهرباء 7 مرّات، منذ أن سيطر عليها الجيش الروسي في 4 مارس 2022.