الشرق الأوسط

ما دلالات إعادة واشنطن ميليشيا الحوثي لقائمة الإرهاب؟


وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، ميليشيا الحوثي بـ”التنظيم الإرهابي”، وذلك تحديداً، عقب تنفيذ قواته بالاشتراك مع القوات البريطانية، ضربة عسكرية، استهدفت مواقع عسكرية للميليشيا في اليمن، فجر الجمعة.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد أدرجت في آواخر أيام حكمها، ميليشيا الحوثي، ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية الأجنبية.

وعقب تولي بايدن إدارة البيت الأبيض، وفي غضون أقل من شهر من توليه الرئاسة الأمريكية، عملت إدارته على رفع هذا التصنيف عن الحوثيين، وهو ما كان، والذي بررته وقتها، على أنه “بهدف تخفيف حدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ودعم وتعزيز الجهود والقنوات الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن”.

وأعاد توصيف بايدن، ميليشيا الحوثي بـ”التنظيم الإرهابي”، الحديث عن احتمالية إعادتهم مجددا للمربع السابق من خلال، تصنيفهم “جماعة إرهابية”؛ ما قد يترتب على ذلك اتخاذ خطوات أخرى أكثر حدة، وأن يشكل ذلك دلالات مختلفة ربما أبرزها تغيير السياسة الناعمة التي تمارسها أمريكا في تعاملها مع الحوثيين.

وبخصوص ذلك، وما سيترتب على هذا التصريح، يقول المحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري: “أعتقد هو تصريح لا يترتب عليه شيء، كون جماعة الحوثي، كما نعلم بأن إدارة الرئيس السابق ترامب، قد صنفتها وأدرجتها في آخر أيامها، ضمن المجموعات الإرهابية أو الجماعات الإرهابية، وبمجرد صعود بايدن والديمقراطيين للبيت الأبيض مباشرة قرروا خلال الأيام الأولى إلغاء هذا التصنيف”.

وبيّن البكيري “نحن أمام دولة -يقصد بها أمريكا-، تحتكم إلى قوانين تحتكم إلى سياسات وإلى نُظم وأنظمة، وإذا كان هناك توجه جاد في هذا الخصوص، سيكون عن طريق البرلمان أو عن طريق مجلس الشيوخ الأمريكي وعن طريق الكونغرس، فهو الذي يحق له اتخاذ القرار في مثل هذه المسائل، كون ذلك المعمول به بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية”.

واستبعد البكيري، بأن يكون لهذا التصريح أي معنى، قائلاً: “عطفاً على ما سبق، فاعتقد أن الوصف أو العبارة الواردة على لسان الرئيس الأمريكي بايدن، بلا أي معنى”.

وعن احتمال تغيير أمريكا سياساتها مع الحوثيين، استهل البكيري، حديثه حول تلك النقطة، بالتطرق إلى الحديث عن تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر، معتبراً إيّاه “تصعيداً كبيراً وخطيراً، وذكياً، حيث استطاعوا اقتناص فرصة الحرب على غزة، من خلال فرض أنفسهم كرقم في المنطقة والبحر الأحمر، فضلاً عن تسجيل نقطة لمصلحتهم من خلال غسل أنفسهم وتلميع صورتهم أمام اليمنيين والعالم العربي أجمع”.

وذكر المحلل اليمني والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية: “فرْض الحوثيين أنفسهم كرقم في المنطقة، سيجنون منه لفت المجتمع والقوى الدولية الكبيرة، أمريكا والغرب، التي ستسعى إلى التعاطي مع الحوثيين في المستقبل، كونها غير حريصة على اجتثاث الحوثيين“.

ويعتقد نبيل البكيري، في سياق حديثه “أن النهاية لهذه المواجهة، ستنتهي وفق تفاهمات بين الجانبين، ربما يصل إلى حدّ الاعتراف بالحوثيين من قبل الأمريكان، وإن كان ذلك بشكل غير رسمي، كون أمريكا لا يهمها من سيحكم صنعاء، ما دامت مصالحها في البحر والمنطقة، آمنة، ولا تتعرض لأي تهديد”.

من جهته، يقول يعقوب السفياني مدير مركز “ساوث 24” للدراسات: “باعتقادي أن توصيف الرئيس الأمريكي بايدن، للحوثيين بالتنظيم الإرهابي، ما هو إلا رسالة وتلويح، بإعادة الإدارة الأمريكية، التفكير بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وأن ذلك بالفعل ضمن خياراتها للتعامل معهم”.

وأضاف السفياني “صحيح أن إدارة بايدن، عملت عند عودتها على إلغاء قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق، وقامت برفعهم عن قوائم الجماعات الإرهابية، إلا أن التطورات الأخيرة في البحر الأحمر، واستمرار الهجمات الحوثية، أعاد إدارة بايدن، للتفكير جدياً بإدراجهم ضمن القوائم الإرهابية مجدداً”.

ويعتقد السفياني، أن ما يمنع أمريكا للمضي قدماً بشكل فعلي لإدراج الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية، أمران، وهما وفقاً له: “الأمر الأول، الرغبة السعودية باستمرار المفاوضات مع الحوثيين، وإنجاز صفقة سياسية محلياً، والتي تُطبخ برعاية الأمم المتحدة”.

وأضاف: “أما الأمر الثاني، فبسبب المخاوف الأمريكية المتعلقة بوصول المساعدات، ووصول إمدادات الغذاء إلى ميناء الحديدة والمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، كونه عندما يتم تصنيفهم كجماعة إرهابية، فسوف تنهار كل الجهود الدبلوماسية وكل جهود السلام، وكل المساعي المتعلقة بإنجاز اتفاق مع الحوثيين“.

ولفت إلى أنه: “بطبيعة الحال، لا يمكن إنجاز أي اتفاق مع أي طرف، تصنفه الولايات المتحدة على أنه إرهابي، على الأقل في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام”.

بدوره، يرى رئيس مركز مسارات للدراسات الإستراتيجية والإعلام باسم فضل الشعبي، بأن لوصف بايدن دلالة واضحة؛ إذ قال: “تتمحور دلالة ذلك، من خلال الإشارة إلى أن الباب ما يزال مفتوحاً لإعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، في حال استمر نشاطهم في البحر الأحمر”.

وتابع: “طبعاً هو نوع من الضغط ليس أكثر، كون إدارة بايدن ما تزال تتعامل مع الحوثيين بالكثير من اللطف، لكن ما يحدث في البحر الأحمر وباب المندب، ربما يراكم الضغوط الرسمية والشعبية على إدارة بايدن لإعادة التصنيف”.

ولفت الشعبي “إدارة بايدن تبقّى لها القليل من الوقت، ولا نستطيع أن نقول إن السياسات تجاه الحوثين سوف تتغير، إلا في حال إن جاءت إدارة جديدة”.

وتطرق الشعبي، للحديث عن تأثير الضربات الأمريكية البريطانية التي استهدفت معاقل الحوثيين في اليمن؛ إذ قال: “لم تظهر الضربات إلى الآن، بأنها أثرت بشكل كامل على القدرات العسكرية للحوثيين، لاسيما وأن الضربات كان معلوما توقيتها لديهم”.

وأكمل قائلاً: “على العكس من ذلك، فهي خدمتهم على الصعيد الداخلي والخارجي سياسياً وشعبياً، وقدمتهم في صورة المدافع الأول عن غزة وفلسطين، وهذا يخدم الحوثيين كثيراً، إذا ما أحسنوا استغلاله”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى