ما لم يقله “بايدن” في مقاله عن زيارة السعودية
مقال الرئيس جو بايدن في الصحافة الأمريكية عن زيارته للشرق الأوسط يوضح حجم الضغط عليه من تيار تقدمي بالحزب الديمقراطي الحاكم.
اعترف “بايدن” خلال مقاله بأن تأمين بلاده ومواجهة روسيا والمنافسة مع الصين “تتطلب التعامل مع الرياض”، مشيرًا بعد ذلك إلى المملكة على أنها “شريك استراتيجي لبلاده على مدى 8 عقود من الزمن”.
ولعل أصواتًا ارتفعت بعد كلام “بايدن” تُعارض الكثير مما تحدث عنه تفصيلا، وتؤيد وجهة نظر دول المنطقة العربية في عدم الثقة بالإدارة الأمريكية، فوزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، وزير خارجية “ترامب”، قال إن الرئيس “بايدن” كتب في مقاله أن الشرق الأوسط صار أكثر أمانا اليوم من ذلك الشرق الأوسط، الذي ورثه من إدارة “ترامب” قبل 18 شهرًا، وأضاف “بومبيو”: “لا بد أن الرئيس بايدن يمزح، فليسأل الجنرال ماكينزي، أو أي إسرائيلي أو إماراتي أو أفغاني أو سعودي، إن خامنئي فقط هو من يقول إن الشرق الأوسط أصبح أكثر أمانًا في عهد بايدن”، في إشارة ساخرة منه إلى ما تتمتع به إيران من تشجيع أمريكي وتجاوب وإصرار على قبول شروط طهران والصبر على تهديدها أمن المنطقة.
ربما يكون الرأي العام الأمريكي غير مهتم بزيارة “بايدن” تلك ولا مهتما أصلاً بالسياسة الخارجية الأمريكية، لأن أكبر همٍّ للرأي العام الأمريكي حاليا هو التضخم الحاصل وأسعار البنزين والغاز المرتفعة، والقواعد الحزبية في أمريكا تدرك حجم الخطأ، الذي ارتكبته إدارة “بايدن”، حين ابتعدت عن دول الشرق الأوسط، الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة، والمُضي في سياسة نبذ الشرق الأوسط والانسحاب منه.
وإنْ كان المقال الرئاسي، الذي كتبه “بايدن”، مضمونًا وأفكارًا، موجهًا للقاعدة الناخبة في أمريكا، خصوصا إلى يسار الحزب الديمقراطي، فإنه لا يعدو كونه رسائل تبرير بسبب الوعد، الذي قطعه “بايدن” في حملة الرئاسية الانتخابية عام 2020.
مستقبل الرئيس “بايدن” السياسي نفسه محفوف بالمخاطر اليوم، فالاقتصاد الأمريكي منكمش، والحرب في أوكرانيا سلاح ذو حدّين، قد يفيده وقد يضره، وهاتف وكمبيوتر نجله “هنتر” والفضيحة التي تضج بها الصحافة الأمريكية، والعلاقة المتوترة مع الصين، والفشل في عقد صفقة نووية مع إيران، وعدم كسب ثقة السعودية والإمارات وبقية دول الخليج والعرب، ربما تكون كُلفتها السياسية لـ”بايدن” باهظة.
كل تلك الأمور، وما سينتج عنها، لعلها تكون مقبولة إذا ارتبطت بشخص الرئيس “بايدن” وطموحاته، لكن المصيبة أنها ستنعكس سلبيًّا، وربما كارثيًّا، على الحزب الديمقراطي، الذي يمثله “بايدن”، وهذا سيجعل من الانتخابات النصفية للكونجرس في نوفمبر المقبل مهمة شبه مستحيلة للديمقراطيين، وبالتالي الأغلبية في غرفتَيْ الشيوخ والنواب تصبح من الماضي، وعلى “بايدن” وإدارته تجرُّع مرارة الأغلبية للحزب الجمهوري في الكونجرس عامين مقبلين قبل انتخابات الرئاسة عام 2024.