سياسة

مباحثات الاتحاد الأوروبي في نواكشوط.. التفاصيل


 أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في القصر الرئاسي بالعاصمة نواكشوط مباحثات مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تتعلق بتطورات الأوضاع بمنطقة الساحل الإفريقي وبمكافحة الهجرة غير الشرعية وهي القضية التي باتت تؤرق الاتحاد الأوروبي مع تسجيل ارتفاع كبير في نسبة التسلل بحرا إلى دول الاتحاد.

وحسب إيجاز وزعه المكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية تناولت المباحثات العلاقات الثنائية بين موريتانيا والمملكة الإسبانية من جهة والعلاقات متعددة الأطراف بين نواكشوط والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

 كما بحث ولد الغزواني مع ضيفيه سبل تعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات بما في ذلك مكافحة الهجرة السرية، بينما تدرس المفوضية الأوروبية واسبانيا تقديم تمويلات للحكومة الموريتانية بنحو 215 مليون دولار لمساعدتها في مكافحة الهجرة غير الشرعية.

ووفق وكالة الأنباء الموريتانية، يسعى الطرفان الموريتاني والأوروبي خلال هذه الزيارة إلى إنشاء إطار عمل للتعاون الثنائي في مختلف المجالات وخاصة مكافحة الهجرة.

وتعتبر موريتانيا معبرا رئيسيا للمهاجرين الأفارقة، إذ تحولت مدينة نواذيبو خلال السنوات الأخيرة، إلى وجهة مفضلة للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين الراغبين في العبور إلى أوروبا.

وشهدت العلاقات الموريتانية الإسبانية تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة في مجالات الأمن خاصة في مكافحة الهجرة، فيما ترتبط نواكشوط باتفاقيات في مجال التصدي للهجرة غير النظامية مع عدة دول أوروبية، خصوصا إسبانيا وبلجيكا.

وقال بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الإسبانية إن موريتانيا تحتل موقعا استراتيجيا يعزز من أهميتها ومكانتها، مضيفا أنه سيعمل من خلال التعاون المشترك بين موريتانيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي على تعزيز الشراكة في مختلف المجالات، خصوصا الأمن ومكافحة الهجرة غير النظامية.

وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن الزيارة تأتى في إطار الشراكة والتنسيق بين موريتانيا من جهة وإسبانيا والإتحاد الأوروبي من جهة أخرى في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية إضافة إلى القضايا الأمنية والعسكرية والأزمات التي تعصف بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا.
وكشفت صحيفة “البايس” الإسبانية أن الاتحاد الأوروبي سيخصص حوالي 200 مليون يورو لمساعدة موريتانيا في منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وقالت إن تسبب التدفق المكثف للزوارق من موريتانيا إلى جزر الكناري خلال الأشهر الثلاثة الماضية تسبب في قلق السلطات الإسبانية التي تضغط على الاتحاد الأوروبي من أجل مبادرة لتخصيص أموال إضافية لموريتانيا لحل أزمة اللاجئين.

وأكدت وزارة الداخلية الاسبانية أنه خلال الفترة الممتدة  من 1 إلى 31 يناير/كانون الثاني الحالي وصل إلى جزر الكناري الإسباني ما يزيد على 7250 مهاجرا غامروا بحياتهم في رحلة خطيرة بالمحيط الأطلسي.

وقالت إن زيادة تدفق المهاجرين تعود أساسا إلى زيادة رحلات مغادرة الزوارق السرية من موريتانيا، فيما يواجه مطار مدريد هو الآخر حاليا تدفقا غير مسبوق للمهاجرين الأفارقة حيث بلغ الاكتظاظ والظروف غير الصحية  مستويات حرجة.

وبينت السلطات الإسبانية أن أغلب المهاجرين الذين يصلون عبر الجو إلى مطارات البلاد، يعبرون من موريتانيا والمغرب ومالى وكينيا بحجة أنهم مسافرون إلى دول أميركا اللاتينية التي لا تحتاج إلى تأشيرات وخلال توقفهم في مطار مدريد يتخلصون من أوراقهم ويطلبون اللجوء بدعوى أن حياتهم معرضة للخطر في بلدانهم الأصلية.

وتدعم إسبانيا خفر السواحل الموريتاني بمساعدات سنوية بلغ آخرها 10 ملايين يورو، لكن هذا المبلغ غير كاف لمواجهة زحف المهاجرين الباحثين عن موطئ قدم في الغرب الأوروبي وخاصة من شباب منطقة الساحل الافريقي الخاضع لجملة من التحولات الجيوسياسية المهمة.

وعلق رئيس حكومة جزر الكناري فرناندو كلافيجو على منح مبلغ 200 مليون يورو لموريتانيا “من جيب دافعي الضرائب الأوروبيين” بالقول إن الزيارة يمكن أن تساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد عبر تثبيط الهجرة السرية.

لكنه اعترف في رده الثلاثاء الماضي على سؤال من حزب ‘ فوكس’ خلال الجلسة الرقابية للبرلمان، بأن الهجرة ظاهرة بنيوية ومتأصلة للبشر وستستمر مع مرور الوقت طالما كان هناك مثل هذا الفارق الاقتصادي الكبير بين أفريقيا وأوروبا وهناك أيضا حالات جفاف وحروب وصراعات سياسية، مشيرا للتحدي الذي تواجهه حكومة جزر الكناري، مطالبا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتهما.

وكان الرئيس الموريتاني قد أجرى قبل أيام قليلة محادثات عبر الهاتف مع رئيس الحكومة الاسبانية  يرجح مراقبون أن تكون ساهمت في تهيئة الظروف لإنجاح مباحثات الخميس في نواكشوط.

وفي نوفمبر الماضي صادقت الجمعية الوطنية  الموريتانية (البرلمان) على مشروع القانون رقم 23- 021 الذي يتضمن المصادقة على معاهدة صداقة وحسن جوار وتعاون موقعة بين حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية وحكومة المملكة الاسبانية في مدريد بتاريخ 24 يوليو 2008.

وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج محمد سالم ولد مرزوق أن المعاهدة تنص على تشجيع وتفعيل التعاون الاقتصادي والمالي بين الطرفين وكذلك التعاون في مجال الدفاع بالاستناد إلى اتفاق التعاون في هذا المجال الموقع سنة 1989، كما تشجع المعاهدة على التعاون من أجل التنمية عبر اللجنة المشتركة في مجالات الحكامة الديمقراطية والتنمية المؤسساتية وبناء السلم وتلبية الاحتياجات الاجتماعية كالأمن الغذائي ومكافحة المجاعة والتعليم والثقافة والصحة، إضافة إلى التعاون في المجال القانوني والشؤون القنصلية والهجرة وتنقل الأشخاص ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومكافحة تهريب المخدرات.

وبحسب ولد مرزوق فإن “هاجس الهجرة غير النظامية من إفريقيا جنوب الصحراء نحو إسبانيا وتهديد الجماعات الإرهابية في الساحل، يجعلان من موريتانيا خط الدفاع الأول عن الأراضي الإسبانية”، محذرا من “التساهل مع المهاجرين غير النظاميين الذين لا يحترمون القوانين لأنها وجدت لكي تنظم شؤونهم بالطرق الملائمة والمناسبة وترجع من تسول له نفسه انتهاكها وعدم الخضوع لها”.

وفي 2003، أبرم البلدان اتفاقا أمنيا يقضي باستقبال نواكشوط مهاجرين غير نظاميين ممن تأكد عبورهم إلى إسبانيا انطلاقا من المياه الإقليمية الموريتانية.

ويشير مراقبون إقليميون إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى من وراء الدور الاسباني إلى توطيد العلاقة مع موريتانيا والاعتماد عليها في مواجهة الآثار السلبية للتحولات التي تشهدها منطقة الساحل ودول غرب إفريقيا خاصة من الناحية الأمنية ومن ناحية الهجرة غير الشرعية التي باتت تؤرق الطرفين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى