جاءت المبادرة السعودية الأخيرة التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان .
استمراراً لحرص المملكة على أمن واستقرار اليمن والمنطقة، والدعم الجاد العملي للسلام، وإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني. كما جاءت المبادرة دعماً للجهود السياسية للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الأطراف اليمنية، وصون دماء اليمنيين، والبدء في عملية التنمية وإعادة الإعمار، وإعلاء مصالح الشعب اليمني على الأطماع الإيرانية.
اللافت أن هذه المبادرة تضمنت حلولاً جذرية لمسائل عالقة طالما أعاقت إجراءات بناء الثقة والانخراط بحوار يمني – يمني ومنها فتح مطار صنعاء الدولي من وإلى بعض الوجهات الدولية، ووقف إطلاق النار الشامل، وإيداع إيرادات ميناء الحديدة في حساب مشترك للبنك المركزي اليمني بناء على “اتفاق استوكهولم”، وبدء مشاورات سياسية برعاية الأمم المتحدة.
الدبلوماسية السعودية بإعلان هذه المبادرة تضع جماعة الحوثي أمام اختبار حقيقي، فإما أن تثبت أنها حريصة على مصالح اليمن وشعبه، أو تواصل تعنتها لتثبت للعالم أنها أداة رخيصة تنفذ أجندات النظام الإيراني.
هذه المبادرة هي بمثابة فرصة أخيرة لمليشيا الحوثي للعودة إلى صوت العقل، والتخلي عن التبعية الإيرانية، التي دمرت اليمن وجوّعت شعبه، والعودة إلى الحوار مع إخوانهم في الحكومة الشرعية من أجل التوصل إلى حل سلمي يعيد الأمن والسعادة لليمن، وبما ينعكس إيجاباً على استقرار المنطقة. وعلى الحوثيين وهم يجرون حساباتهم هذه المرّة إدراك حقائق التاريخ، ووقائع الميدان الحالية، فمن الواضح لأي متابع أنهم لن يحققوا شيئاً من طموحاتهم الفائضة عن قدراتهم مهما تلقوا دعماً من إيران، ومن أذرعها في المنطقة، فمشروعهم السلالي غير قابل للعودة في اليمن بأي حال من الأحوال. ولذلك فإنهم يمضون في طريق مسدود إذا ما قرروا أن يواصلوا رضوخهم لراعيهم في طهران على حساب مصالح أشقائهم في اليمن.
السعودية تصرفت بمسؤولية أخلاقية وشجاعة كدولة حريصة على اليمن الشقيق وقدمت هذه المبادرة التي تنهي حالة الخلط وقلب الحقائق التي أحاطت بحرب الضرورة ودعم الشرعية في اليمن، وفي الوقت ذاته وضعت جميع الأطراف المعنية بالأزمة إقليمياً ودولياً أمام مسؤولياتها. وفي حال أضاع الحوثيون هذه الفرصة التاريخية، وواصلوا عربدتهم كمليشيا إيرانية، فإنه لابد من موقف أمريكي وأوروبي حقيقي تجاه الدور الإيراني التخريبي في اليمن، من عقوبات، وأكثر، ويجب عدم الانتظار حتى بدء المفاوضات حول الملف النووي، بل يجب مواصلة فرض العقوبات الصارمة على إيران من الآن. وذلك ليس بسبب محاولة تخريب المبادرة السعودية وحسب، بل وبسبب دعم إيران للحوثيين لاستهداف الاقتصاد العالمي عبر استهداف المنشآت السعودية ومواصلة تدمير اليمن.