سياسة

متاهات البدائل تربك الإخوان


فوضى وتخبط وارتباك تفرض نفسها على اجتماعات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المحاصر في متاهة لفظ تجبره على البحث عن حاضنة جديدة.

أجواء نفسية صعبة يعيشها التنظيم حاليا، فضبابية المستقبل وتوسع قائمة الدول الرافضة لاستقبال أعضائه، يفرضان نفسيهما بقوة على اجتماعاته.

وفي رحلة البحث عن طوق النجاة، عقد الإخوان 3 اجتماعات، لا يفصل بين آخرها وما قبله سوى أسابيع قليلة، ما يؤكد الأزمة التي تطوق التنظيم في ظل الانشقاقات والتشظي والهزائم السياسية المتتالية ولفظه من قبل الجماهير العربية والمسلمة.

ومما يضيق الخناق حول رقبته، تكرر وصول رسائل من السلطات التركية بضرورة الانتقال من البلد إلى دولة أخرى، وتقليص أعضاء التنظيم إلى أدنى حد لهم من الصف الثاني والثالث، وخصوصا من الصادر بحقهم أحكام قضائية.

متاهة

 في فندق على أطراف إسطنبول، اجتمع الإخواني محمد البحيري مع عدد من قيادات التنظيم الدولي، على رأسهم أمينه العام محمود الإبياري، والقيادي ناصر منصور مسؤول المكتب الإداري لقطاع غرب أفريقيا والمعروف بـ”الشيخ ناصر”.

كما ضم الاجتماع سمير فالح رئيس ما يعرف بـ”اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا”، الذي أُنشئ بديلًا عن مجلس مسلمي أوروبا، ويدير “مركز ميونخ” في ألمانيا.

وأيضا القيادي أحمد الراوي صاحب الدور الأساسي في إدارة أموال الجماعة، والقيادي التاريخي غالب همت، وإبراهيم الزيات، إضافة للمصري صهيب عبدالمقصود المتحدث الإعلامي للإخوان بجبهة صلاح عبد الحق.

وكان على أجندة الاجتماع وضع تصور عاجل لحل أزمة الإخوان المبعدين من تركيا، وإيجاد خطة لنقل الإخوان المصريين الفارين للسودان والعالقين بالخرطوم، إضافة لمناقشات حول الأوضاع الاقتصادية لمؤسسات الجماعة في أوروبا.

وكان التنظيم الدولي عقد في وقت سابق من هذا العام اجتماعا في سراييفو بالبوسنة والهرسك لدراسة احتمال نقل القيادة إلى هناك في حال خسارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للانتخابات المقام مؤخرا، وتسارع خطى التخلي عنهم.

دلالات

حول اللقاء الأخير وأهميته، يرى عمرو فاروق الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن أهمية اجتماع مكتب التنظيم الدولي تكمن في مكان وتوقيت الاجتماع، إضافة للشخصيات التي حضرته ودورها في التنظيم، وجدول أعماله.

وفي حديث لـ”العين الإخبارية”، يقول فاروق إن “عقد اجتماع بهذه الأهمية في إسطنبول يعني أنهم لا يزالون يشعرون بالأمان بها على مستوى القيادة على الأقل، وأن الأسماء التي سترحل من تركيا تخص قيادات الصف الثاني والثالث، ومن جدول أعمال الاجتماع نكتشف أن خطط الجماعة لمغادرة تركيا بدأت بالفعل بشكل منظم ومرحلي”.

وأضاف: “كما أن التوقيت يعني أن نجاح أردوغان لم يكن كافيًا لتمديد إقامة الإخوان بتركيا، وأن عليهم المغادرة فعلًا وسريعًا، بعد تزايد طلب السلطات التركية لهم بتقليل أعدادهم في البلاد”.

وتابع أن “حضور ملف أفريقيا في اجتماع مهم يعني أن ثمة أزمة أكبر من مجرد دراسة تحركات الإخوان في القارة العجوز، وربما وضعوا خطة لتدارك تداعيات الاشتباكات السودانية على الإخوان الفارين والهاربين من السلطات المصرية”.

ولفت إلى أن “العديد منهم بلا وثائق سفر وغير قادرين على مخاطبة السفارة المصرية”، مرجحا أن “يبحثوا عن دول أفريقية يمكن لها أن تستقبل هؤلاء الإخوان بوضعهم الحالي”.

وبحسب الخبير، فإن الشخصيات التي حضرت الاجتماع قوية في التنظيم الدولي يقابلها غياب لأي ممثل من جبهة صلاح عبد الحق باستثناء المتحدث الإعلامي صهيب عبدالمقصود، معتبرا أن “هذا يؤكد تغول التنظيم الدولي على حساب التنظيم المصري”.

بدائل

وحول ذات الموضوع، يرى عمرو عبدالمنعم، الكاتب والباحث في الجماعات الإرهابية والمتطرفة العالمية، أن هذا الاجتماع سبقه اجتماع في يناير الماضي، وتبعه آخر في نهاية فبراير اللاحق له، وثالث قبيل الانتخابات الرئاسية، أما الأخير فهو الرابع.

ويقول إن هذه الاجتماعات هيمنت عليها نقاشات مستقبل الإخوان والخطط البديلة في حال هزيمة أردوغان (وهو ما لم يحصل).

وفي حديث لـ”العين الإخبارية”، يؤكد عبدالمنعم أنه “تم تكثيف الاجتماعات بالفترة الأخيرة، نظرًا لتضاؤل فرص الجماعة بالبقاء في تركيا، وقد سبق أن اجتمعت مجموعة قريبة من التنظيم الدولي في سراييفو، ولم يكن بقيادة البحيري أو الإبياري، لكنه بقيادة طبيب مرتبط بهم مع شخصيات إخوانية تقيم في أوروبا الشرقية، وأوكرانيا.

ووفق الخبير، “درس الاجتماع احتمال أن تكون البوسنة مقرا لقيادة الإخوان في حال طرد صلاح عبدالحق أو قيادة التنظيم أو أن تستقبل سراييفو الـ100 شخصية إخوانية وهم بدون أوراق ثبوتية وأغلهم من شباب الجماعة والمتهمين في قضايا إرهاب بمصر”.

ولفت إلى أن “الوضع في تركيا أصبح غير آمن للإخوان المصريين وحتى الذين حصلوا على الجنسية، وبعضهم طلب منهم بشكل ودي رفع الحرج عن الدولة ومغادرة البلاد”.

وأشار إلى أن “البوسنة والهرسك تمثل الخطة البديلة النموذجية للإخوان فهي من ناحية في أوروبا، ما يسمح لهم بالتحرك فيها بشكل يسير والتواصل مع لندن، كما أنها دولة ذات أغلبية مسلمة، يمكن عقد فعاليات إسلامية بها دون أي اعتراض من باقي الشعب، وهناك علاقة قديمة بيين المنظمات الإسلامية وقيادة الإخوان فضلًا عن أن اتصال الأتراك بالبوسنة أمر طبيعي”.

وخلص الخبير إلى أنه “من الواضح أن التنظيم الدولي لم يتجاوز أزماته الأخيرة، وأن إيجاد بديل لتركيا ليس بالأمر السهل وليس في الوقت الراهن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى