سياسة

محاولات بائسة لتقليل الرأي العالمي وتشويه دور مصر الريادي


في ضوء الادعاءات الأخيرة التي نشرتها شبكة “سي إن إن” حول تغيير مصر لشروط صفقة وقف إطلاق النار في غزة، جاء رد فعل القاهرة سريعًا وحازمًا، حيث نفت مصر بشكل قاطع هذه المزاعم، مؤكدة التزامها بدورها الوسيط النزيه والفعال في محاولة إنهاء النزاع في غزة.

رفض مصري قاطع لمزاعم “سي إن إن”

في موقف واضح وصريح، رفضت مصر التقرير الذي نشرته “سي إن إن” والذي يزعم أن القاهرة غيرت شروط صفقة وقف إطلاق النار في غزة.

أكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، أن هذا التقرير مبني على “ادعاءات خالية من أي معلومات أو حقائق”، وأنه يفتقر إلى المصادر الصحفية المعتمدة وفق المعايير المهنية المتعارف عليها عالميًا. 

وأشار رشوان إلى أن التقرير نقل عن مصادر مجهولة ادعاءً بأن التغييرات التي أجرتها مصر على الصفقة تسببت في موجة من الغضب والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين الأمريكيين والقطريين والإسرائيليين، مما أدى إلى عرقلة محادثات وقف إطلاق النار.

وقد تحدى رشوان الشبكة بأن تنسب ادعاءاتها إلى مصادر أمريكية أو إسرائيلية رسمية محددة، داعيًا جميع وسائل الإعلام الدولية للتحقق من دقة ما تنشره حول مثل هذه القضايا الحساسة.

القاهرة تُطالب بنشر ردها الفوري

وفي إطار الرد الرسمي، وجهت هيئة الاستعلامات المصرية خطابًا إلى موقع “سي إن إن” طالبت فيه بنشر الرد المصري على الفور، وأوضح رشوان أن الموقع استجاب وقام بنشر أجزاء من الرد المصري الذي يتضمن بعض الملاحظات المهمة.

أكد رشوان أن مثل هذا التقرير المغلوط والمليء بالمزاعم غير الصادقة قد يهدف إلى تشويه دور مصر الرئيسي والبارز في محاولات ومفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي الدموي عليه قبل نحو ثمانية أشهر.

وأعرب عن استغراب مصر من محاولات بعض الأطراف الإساءة للجهود المصرية الهائلة التي بُذلت ولا تزال تُبذل في محاولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع، لمنع قتل وجرح مئات المدنيين الأبرياء يوميًا والتدمير الممنهج لكل مظاهر الحياة في غزة.

اتهامات بتوجيه اللوم للوسطاء

أوضح المسؤول المصري أن القاهرة لاحظت قيام بعض الأطراف بممارسة لعبة تبادل الاتهامات بين الوسطاء، متهمين تارة قطر وتارة أخرى مصر بالانحياز لأحد الأطراف، وذلك للتسويف والتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن صفقة وقف إطلاق النار وتحرير المحتجزين الإسرائيليين في غزة مقابل الأسرى الفلسطينيين. 

وأضاف رشوان أن مصر تولت دور الوساطة بناءً على مطالبات وإلحاح متكررين من إسرائيل والولايات المتحدة، نظرًا لخبرتها وحرفيتها في إدارة مثل هذه المفاوضات، حيث إن لمصر تجارب سابقة ناجحة متعددة بين إسرائيل وحركة حماس.

الثبات على المواقف المبدئية

وأشار رشوان إلى أن نشر هذه الأكاذيب ومحاولات التشكيك في الدور المصري يمكن قراءته كمحاولة لعقاب مصر على مواقفها المبدئية الثابتة تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأكد أن مصر لم تعترف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من معبر رفح، وأن موقفها ثابت بضرورة تواجد عناصر فلسطينية في الجانب الفلسطيني من المعبر. وأضاف أن مصر تمسكت بموقفها المتسق مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بالانضمام إلى دولة جنوب إفريقيا في الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية ضد ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

تضليل للرأي العام

من جانبه، قال دكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن مصر تواصل دورها الريادي في الوساطة الفلسطينية رغم ادعاءات “سي إن إن”، لتؤكد التزامها الراسخ بدعم القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في المنطقة.

وصف اللواء دكتور رضا فرحات الادعاءات التي نشرتها شبكة “سي إن إن” بأنها محاولات بائسة لتضليل الرأي العام العالمي وتشويه صورة الجهود الحقيقية التي تبذلها مصر لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. 

وأشار إلى أن هذه الادعاءات لن تؤثر على التزام مصر الراسخ بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وتابع فرحات، أن الادعاءات الكاذبة التي نشرتها شبكة “سي إن إن” هي استمرار لسلسلة من الوقائع المزورة والقصص الملفقة حول الحرب في الأراضي المحتلة منذ 7 أكتوبر 2023.

توقيت النشر

من جانبه، قال خبير شؤون الأمن القومي المصري محمد مخلوف، إن توقيت نشر التقرير المفبرك يأتي بعد إعلان مصر أن الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية السلام، لن تكون عائقًا أمام حماية الأمن القومي المصري والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

وأوضح أن هذا الإعلان جاء في ظل التعنت الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار تجاه ملف الهدنة.

وأكد أن الدور المصري الرائد منذ بداية الأزمة في قطاع غزة أسهم بشكل كبير وواضح في تغيير الموقف الأمريكي والأوروبي، مما أدى إلى الضغط على الجانب الإسرائيلي بعد موقفه المتعنت من العمليات العسكرية داخل غزة ورفض إدخال المساعدات.

أضاف مخلوف أن مصر تتطلع إلى التعاون مع الأطراف الدولية كافة لاستمرار الضغط على إسرائيل حتى يتحقق الوقف الدائم للعمليات العسكرية. 

وأكد أن التحرك المصري منذ اليوم الأول للعمليات الإسرائيلية كان يهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار أو هدنة إنسانية طويلة الأمد، رغم العقبات غير المسبوقة التي تواجهها.

أوضح مخلوف أن مصر تدرك تمامًا أنها تتحرك في حقل ألغام وأن الحرب الحالية تختلف تمامًا عن الحروب السابقة التي شهدها قطاع غزة منذ عام 2008. ورغم هذه العقبات، ركزت الجهود المصرية على كيفية التوصل إلى وقف إطلاق النار أو هدنة إنسانية طويلة نسبيًا، باعتبار أن هذا المسار يعد هدفًا تكتيكيًا يهيئ المناخ لتحقيق خطوات إيجابية.

ذكر مخلوف أن من بين أهم هذه الخطوات إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية وإنجاز صفقة تبادل الأسرى، وصولًا إلى الهدف الاستراتيجي بإحياء عملية السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى