سياسة

مخاوف دولية من عودة داعش عبر بوابة المخيمات السورية


تصاعدت المخاوف الدولية والإقليمية بشأن إمكانية عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مخيمات الاحتجاز الواقعة في شمال شرق سوريا، حيث يحتجز آلاف المشتبه فيهم المنتمين سابقًا إلى التنظيم، إضافة إلى أسرهم. 

ويُعدّ هذا الملف من أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في ملف مكافحة الإرهاب الإقليمي، خاصة في ظل غياب تنسيق دولي فعال وآليات واضحة لإدارة هذه المخيمات.

ويُشير تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات العربية للتطرف إلى أن مخيمات الاحتجاز تعاني من أوضاع أمنية وإنسانية مزرية، مع نقص في الموارد والإمكانات اللازمة لإدارة هذه الأعداد الكبيرة من المحتجزين. ويُلفت التقرير إلى أن البيئة الحالية داخل هذه المخيمات تشكل بيئة خصبة لتفشي الأفكار المتطرفة، بسبب غياب برامج التأهيل والدمج الاجتماعي، إضافة إلى ضعف الرقابة الأمنية التي تسمح بتنظيم خلايا سرية داخل المخيمات.

ويضيف التقرير أن عدداً من قادة التنظيم الذين كانوا يشغلون مناصب قيادية في داعش يواصلون فرض سيطرتهم غير الرسمية على أجزاء من المخيمات، حيث يعيدون بناء هياكل تنظيمية شبيهة بتلك التي كانت موجودة خلال ذروة نشاط التنظيم. هذه الهيمنة غير الرسمية تتيح لهم إعادة تجنيد عناصر جديدة وإعادة بث الفكر المتطرف، ما يهدد باستعادة التنظيم نشاطه في المستقبل القريب.

وفي ظل هذه الأوضاع، تُعاني المخيمات من نقص الدعم الدولي الفعّال، إذ تمثل مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السلطات المحلية وقوات سوريا الديمقراطية، التي تدير هذه المخيمات، لكنها تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية.

 كما يعاني ملف عودة المحتجزين من تعقيدات كبيرة، إذ ترفض العديد من الدول إعادة مواطنيها المحتجزين بسبب مخاوف أمنية وقانونية، ما يزيد من تفاقم الأزمة داخل المخيمات ويعطل جهود حلها.

التقرير يشير كذلك إلى أن استمرار الوضع الراهن يهدد استقرار المنطقة، إذ قد تتحول هذه المخيمات إلى بؤر لإعادة تنظيم خلايا إرهابية تنتشر نشاطاتها إلى دول الجوار وأبعد، ما يجعل مكافحة الإرهاب أضعف وأكثر تعقيدًا.

 كما أن الظروف القاسية التي يعيشها المحتجزون قد تدفع بعضهم إلى التشدد أكثر، خصوصًا في ظل عدم وجود برامج فعالة لإعادة التأهيل والتوعية.

ويؤكد التقرير على ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لتدارك المخاطر، من خلال تبني خطة شاملة تستند إلى ثلاث محاور رئيسية: أولاً، تسهيل عملية إعادة المحتجزين إلى دولهم مع توفير ضمانات أمنية وقانونية. ثانيًا، إنشاء آليات مراقبة دولية مستقلة لمتابعة الوضع داخل المخيمات وضمان احترام حقوق الإنسان. وثالثًا، إطلاق برامج تأهيل نفسي وتعليمي تسهم في إعادة دمج المعتقلين وتفكيك الفكر المتطرف.

كما يدعو التقرير إلى توحيد الجهود الدولية والإقليمية، خاصة مع تداخل الملفات الأمنية والإنسانية في هذه القضية، لضمان عدم استغلال التنظيمات المتطرفة لأي فراغ أمني أو إداري في المنطقة.

هذا ويوضح المركز أن مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية لا تتوقف فقط على الانتصارات العسكرية، بل تتطلب بناء بيئة سياسية واجتماعية تمنع عودته، ووقف انتشار أيديولوجياته. وتبقى المخيمات في شمال شرق سوريا أحد أهم المحطات التي ستحدد نجاح هذه المعركة أو فشلها، حسب قدرة المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات عملية وحاسمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى