مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق…رغبة جو بايدن بالعودة للاتفاق النووي مع إيران “كارثية”
وأوضح: “الاتفاق النووي الأصلي المبرم في 2015، لم يكن اتفاقا جيدا لأنه لم تكن لدينا أية أدلة من إيران منذ البداية على أنها قررت بالفعل التخلي عن السلاح النووي، والاتفاق نفسه سيتيح لها مواصلة تخصيب اليورانيوم وهذا خطأ جسيم، فهو يتيح لها الكثير من التخصيب والقيام بـ70 بالمئة من عملها للوصول لسلاح نووي. لقد ارتكبت إيران بالفعل العديد من الانتهاكات خلال ذلك الاتفاق في مسعاها لمواصلة برنامجها النووي وإخفاء الكثير عنا”.
كما أشار مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق إلى أنه ليس من الصائب العودة إلى الاتفاق في هذا التوقيت تحديدا، قائلا: “تغير كبير طرأ على الشرق الأوسط منذ عام 2016، فقد حصل زلزال تكتوني كبير في المنطقة، وخلال الأشهر القليلة الماضية كانت هناك اتفاقات بين البحرين والإمارات مع إسرائيل، ولحق بهما السودان والمغرب، وهناك دول أخرى ربما تلتحق بهذا المسعى”.
وتابع: “هذا يعني أن هناك إدراكا بأن التهديد الأكبر للشرق الأوسط هو إيران وملفها النووي وصواريخها الباليستية ودعمها للإرهابيين وتدخلها بدول في المنطقة مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان”.
ولدى سؤاله عما إذا كان يؤيد موقف إدارة بايدن، التي تفكر في العودة إلى الاتفاق، لكن ليس بصيغته الماضية، وإنما بعد إضافة عناصر إليه تتعلق بالبرنامج الباليستي الإيراني وأنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، أبدى شكه في موافقة إيران على ذلك.
واستطرد بالقول: “ليس كافيا أن نقول إن الاتفاق الأصلي كان مقبولا وعلينا أن نضيف عناصر أخرى له، لأن إيران قامت بأشياء سيئة كثيرة.. وعندما تتيح الولايات المتحدة بناء مفاعلات نووية سلمية حول العالم، فإنها تصر على أن تكون هذه التكنولوجيا محترمة للمساعي السلمية وليس لتخصيب اليورانيوم والبلودويوم، وعندما يلتزم حلفاؤنا في المنطقة بذلك، فمن غير المنطقي أن نجد إيران تخصب اليورانيوم.. لذا يجب ألا يسمح الاتفاق لإيران بالتخصيب”.
سياسة “الضغط الأقصى”.. هل نجحت؟
وفيما يتعلق بسياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تجاه إيران، والتي عرفت بـ”سياسة الضغط الأقصى”، وما إذا كانت قد نجحت في ردع طهران عن دعم وكلائها في المنطقة، أجاب بولتون بأنها “فشلت”.
وقال: “لم تكن ناجحة لأن الضغط لم يكن في حده الأقصى، كانت لدينا خلافاتنا داخل إدارة ترامب، وأعتقد أن ضغطا أكبر كان من الممكن أن يحدث تغييرا أكبر في إيران”.
وأشار بولتون في حواره مع “سكاي نيوز عربية” إلى اعتقاده بأن النظام الإيراني الحالي “لن يتنازل أبدا عن السلاح النووي”.
وقال: “لا أعتقد أن النظام الحالي في إيران سيتخلى أبدا عن السلاح النووي. كانت حملة الضغط تهدف لانهيار النظام من الداخل ليتمكن الإيرانيون من اختيار حكومتهم.. طالما أن نظام الملالي يحكم إيران فلن يتخلى أبدا عن هذا المسعى، كل ما يريده النظام هو أن يتم تخفيف العقوبات”.
وعن الإجراءات التي ينبغي القيام بها لردع النظام الإيراني، قال بولتون: “أعتقد أنه عندما لا يمكنك تغيير السلوكيات، فإنه يجب النظر للمصالح، وعندما تكون هذه المصالح على المحك وتهدد الجيران في المنطقة كحلفاء أميركا، يكون الخيار هو تغيير النظام. يجب أن نوقف إيران قبل أن تمتلك قدرات خطيرة في المسار النووي”.
الخيار العسكري
واعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق أن الخيار العسكري في التعامل مع إيران يجب أن يكون “مطروحا”، مشددا في الوقت نفسه على أنه “آخر الخيارات”.
وتابع: “الخيار العسكري هو الأخير، لكنني أعتقد أنه إذا أردنا ألا تمتلك إيران أسلحة نووية، لأننا نخاف من أن تلك القدرات قد تسقط في أيدي أنظمة متشددة قد تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط، علينا أن نتساءل هل نحن مستعدون لاتخاذ خطوات حيال ذلك؟ وإذا لم نتمكن من إطاحة النظام الإيراني علينا أن نفكر في الخيار العسكري، ليس لأننا نريد ذلك ولكن لأنه الخيار الوحيد المتبقي”
وتطرق بولتون إلى قرار إدارة بايدن رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، قائلا إن إدارة ترامب كان “يتوجب عليها أن تتخذ موقفا أكثر حزما ووضوحا بشأن اليمن، وأن تضع الحوثيين على قائمة الإرهاب في وقت أبكر مما فعلت”.
وشدد على أن رفع ميليشيا الحوثي عن القائمة يشكل خطرا، مضيفا: “علينا أن نعرف أصل الخطر.. وما يفعله بايدن خطير سواء بالتعامل مع الحوثيين في اليمن أو العودة إلى الاتفاق النووي”.
واستطرد بالقول: “هناك مأساة إنسانية في اليمن، وإيران هي الملامة لأنه يمكن تحقيق تسوية في اليمن بسرعة، إذا أزلنا النفوذ الإيراني وأوقفنا إمداداتها للسلاح”.
الأزمة في ليبيا
وبالتطرق إلى الأزمة الليبية، اعتبر بولتون أن إدارة ترامب لم تكن لها استراتيجية واضحة في ليبيا، “لأنه بعد الإطاحة بالقذافي فإن أميركا وأوروبا لم يوليا أهمية كبيرة للاستقرار في ليبيا، والآن نجد نزاعات بالوكالة في لبيبا، وهذا يهدد شمال إفريقيا. يجب إنهاء النزاع في ليبيا وأن تكون هناك حكومة شرعية”.
بايدن وترامب.. والمشهد السياسي الداخلي
ولدى سؤاله عن رأيه في سياسات بايدن، التي اعترض عنها في السابق، قال بولتون: “بايدن ديمقراطي ليبرالي وأنا جمهوري محافظ، لذا لدينا آراء مختلفة، لكن من جهة ما بايدن يعيد أميركا إلى وضعها الطبيعي، لأن ترامب كان وضعا غير طبيعي في التاريخ الأميركي، ولم يمثل أية فلسفة ولم يترجم السياسة الجمهورية”.
وأضاف: “أما بايدن فهو يعود إلى السياسات الديمقراطية التي بالرغم من أنها ليست صحيحة تماما، فإنها تعيدنا إلى السياسات الديمقراطية الواضحة”.
وتابع: “توقعت بأن ترامب سيكون كأسلافه من الرؤساء الأميركيين، الذين تحملوا مسؤولية المنصب الذي شغلوه وقاموا بواجباتهم وكان سلوكهم قائما على المنطق، إلا أن هذا لم يكن الحال، فهو يدير الأمور بمنطق الأعمال وينظر للأشياء التي تفيده سياسيا كشخص ترامب.. كان الأمر مخيبا”.
وعن الآثار التي تركها ترامب على المشهد السياسي الأميركي، وخاصة داخل الحزب الجمهوري، قال بولتون: “أعتقد أنه تسبب في ضرر للحزب، وتصرفاته في السادس من يناير على وجه التحديد كانت سيئة (يوم اقتحام الكابيتول). لقد كان يوما مريعا وهذا ضرر ما زلنا نعمل على إصلاحه.. من المهم أن يكون هناك إعادة ضخ للدماء للحزب الجمهوري لنعود لسياساتنا ونحن ومتفائلون بشأن ما سيحدث في المستقبل”.
واختتم بولتون حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، بالإعراب عن اعتقاده بأن ترامب لن يترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2024، قائلا: “لقد خسر ولم يقر بذلك، وسيخاف من تكرار هذا السيناريو”.