مستقبل قاتم وأزمة وجودية تنتظر جماعة الإخوان المسلمين
في منتصف يونيو، استضاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأشاد به باعتباره “حقبة جديدة” في العلاقة بين البلدين. كان ذلك بمثابة نهاية للتوترات التي وصلت إلى ذروتها في عام 2018. وقدم أردوغان عرض سلام للثلاثي العربي المتمثل في السعودية ومصر والإمارات يتمثل في تخليه علنًا عن جماعة الإخوان المسلمين.
انهيار للعلاقات
وأفادت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن علاقات أردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين وفروعها هي التي بدأت في الانهيار بعد أكثر من عقد من إنشائها في أعقاب بداية الانتفاضات في العالم العربي.
رأت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر أن الجماعة الإسلامية العربية تمثل تحديًا لاستقرار المنطقة. في حين كان أردوغان يأمل في أن يستعيد النجاح الانتخابي للإخوان المسلمين في مصر في عامي 2011 و 2012 ليحل في النهاية محل المملكة العربية السعودية الزعيم الفعلي للعالم الإسلامي السني، ولكن بدلاً من قيادة العالم الإسلامي عُزلت تركيا إقليميًا وتحولت لواحدة من الملاذات الآمنة الوحيدة في المنطقة لجماعة الإخوان المسلمين.
وتابعت أن أهم بادرة حسن نية لتركيا تجاه المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ربما كانت تحولها مؤخرًا عن دعم الجماعة الإسلامية. حيث تحرك انفراج علاقات تركيا مع الثلاثي بالتوازي مع تقييد حركة الإخوان المسلمين وقدرتها على العمل. فطلبت تركيا من القنوات التلفزيونية التابعة للجماعة وقف التغطية التي تنتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإغلاق إحدى الشبكات على الأقل، وتزامنت زيارة أردوغان إلى جدة العام الماضي مع إغلاق قناة فضائية تابعة للإخوان المسلمين تدعى مكملين بعد 8 سنوات من البث من اسطنبول.
وأضافت أن تركيا رفضت أيضًا تجديد الإقامة لأعضاء الجماعة أو المرتبطين بها في محاولة لإرغامهم على المغادرة، وقيل إنها ألقت القبض على بعض القادة. وتفكر في ترحيل كثيرين آخرين طلبهم الرئيس المصري، ربما إلى دولة ثالثة، كما أنها قررت ، على ما يبدو. إلغاء عضوية حزب أردوغان، العدالة والتنمية التي كان يملكها بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من المواطنين الأتراك.
مستقبل الإخوان
وأكدت المجلة الأمريكية أن هذه التحركات ساعدت في حل المشاكل بين أنقرة والرياض، لكنها أثارت أيضًا أسئلة كبيرة حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين. فبينما تدير تركيا ظهرها للجماعة، ما الذي سيحدث للمعارضين الأكثر تصميماً في المشهد السياسي الإسلامي.
وتابعت أنه بينما تكافح جماعة الإخوان من أجل بقائها، هناك قلق واضح بين أعضائها بشأن مستقبلهم وخطواتهم المقبلة، حيث انتقل عياش عبد الرحمن. العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، الذي ترك الجماعة بسبب خلافات سياسية في عام 2011. إلى تركيا، حيث كانت زوجته تمتلك منزل، عاش عبد الرحمن في اسطنبول لمدة ست سنوات حتى أكتوبر من العام الماضي. عندما رفضت السلطات التركية تجديد إقامته، ما أجبره على الانتقال إلى المملكة المتحدة.
أكد عبد الرحمن أنه لم يُمنح سوى 10 أيام لحزم حقائبه، قائلاً: “أعتقد أنني لم أتمكن من تجديد تصريح إقامتي بسبب هذا التقارب الجديد بين الحكومة التركية ومصر”. عاش عياش في حي باشاك شهير في اسطنبول، الذي أصبح موطنًا للعديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا إلى تركيا.
وأضافت المجلة أن جماعة الإخوان المسلمين اقترفت الكثير من الأخطاء خلال تواجدها في الحكم في العالم العربي. وبعد انهيار حكمها في كافة الدول العربية التي صعدت فيها. كان يتعين على الجماعة أن تلوم نفسها على تراجعها الحاد في تقدير الملايين من أنصارها. الذين فسروا انقسام الجماعة إلى ثلاث فصائل مختلفة على أنه علامة على أنانية القيادة وفشلها في إعطاء الأولوية للمصالح الجماعية للمسلمين وانتشارها.
انقسامات الجماعة
وأكدت المجلة الأمريكية، أنه يشار إلى الفصيل الذي يتخذ من لندن مقرا له على نطاق واسع باسم فصيل منير. الذي سمي على اسم رئيسه السابق إبراهيم منير الذي توفي العام الماضي. وهي الآن تحت إشراف صلاح عبد الحق البالغ من العمر 78 عامًا، والذي يعيش مع ذلك في اسطنبول.
ويقود أحد فصائل اسطنبول محمود حسين الذي كان يحاول السيطرة على الموارد ويعول عائلات أفرادها في السجن. ويطلق على الفصيل الثالث اسم تيار التغيير وهو الفصيل الأكثر راديكالية الذي يؤمن بالثورة المسلحة.
وقال عبد الرحمن: “إن الجماعة لم تكن تهتم بتنظيم صفوفها بعد عام 2013، بقدر ما كانت تسعى لإسقاط النظام في مصر. ولكن تفتت الجماعة وإنقسامها وانهيار شعبيتها في مصر والوطن العربي، جعلها أقل بكثير من أن تؤخذ أي خطوات لها على محمل الجد مع بضع عشرات من الأعضاء فقط”.
وتابع: “الجماعة أرسلت رسالة سلبية للغاية لباقي فروعها وأعضائها في العالم بعد سقوطها المدوي في مصر والرفض الشعبي لحكمهم والأخطاء الكارثية التي ارتكبوها. فشلت الجماعة بعدها في كافة مخططاتها للعودة للمشهد السياسي في مصر. وتركت الجيل الأخير منها في منطقة الشرق الأوسط محبطا ومنبوذا”.
أزمة وجودية
وأفادت المجلة الأميركية، بأن جماعة الإخوان المسلمين تمر بأزمة وجودية ويعتقد القليلون أنها يمكن أن تخرج منها سالمة. ولكن هذا الاعتقاد بعيد عن الواقع، فلم يعد للجماعة وجود سوى في بعض الجيوب في ليبيا والمعارضة في سوريا. حيث فقدت الأخيرة كافة الدعم العربي والغربي أيضًا بعد مصالحة الرئيس السوري بشار الأسد مع الدول العربية والمجتمع الدولي.