مشروع غزة الجديدة.. واشنطن تطرح خطة الإعمار وسط تحفظ فلسطيني
تثير التصريحات الأخيرة لمسؤولين أمريكيين بشأن إعادة إعمار المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة، جدلاً واسعاً.
الجدل يتمحور حول جدوى خطوة “إعادة الإعمار الجزئي” في قطاع غزة، وطبيعة الأهداف الخفية وراءها.
وفي الوقت الذي يصف المؤيدون، الخطة، بأنها “فرصة تاريخية لغزة جديدة”، يراها مراقبون آخرون محاولة لإضفاء شرعية على “واقع احتلالي جديد تحت غطاء التنمية والإعمار”، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وجاء الدعم الأمريكي من أبرز الوجوه السياسية المؤثرة، حيث أكد نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس، ومستشار الرئيس السابق، جاريد كوشنر، أن عملية إعادة الإعمار “لا يجب أن تنتظر نزع سلاح حماس بالكامل”.
واقترح كوشنر خلال مؤتمره الصحفي في تل أبيب، بدء العمل فوراً في المناطق الواقعة شرق ما يُعرف بـ”الخط الأصفر”، قائلاً: “لن تُخصَّص أية أموال لإعادة الإعمار في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها حماس، بل سنبني غزة جديدة في الجزء الذي تحتفظ به إسرائيل”.
ووفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير، تسيطر إسرائيل حالياً على نحو 53% من مساحة القطاع، وهي مناطق شبه خالية من السكان بعد تحذيرات الجيش الإسرائيلي للمدنيين بعدم العودة إليها.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن إسرائيل بدأت بالفعل في تمييز حدود هذه المناطق بكتل خرسانية صفراء، بينما يعيش نحو 30 ألف فلسطيني بشكل مؤقت في مناطق رفح وخان يونس الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، مع منع عودتهم إلى ديارهم الأصلية.
الترحيب والتحفظات

لقيت الفكرة ترحيباً في الأوساط المؤيدة لإسرائيل، حيث رأى فيها البعض فرصةً لإنشاء “نموذج فلسطيني بديل” خال من تأثير حماس، يتمتع ببنية تحتية حديثة وإدارة منضبطة.
من جهته، عبر فانس عن حماسه للمشروع خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، قائلاً: “خذوا المناطق التي لا تعمل فيها حماس وابدأوا في إعمارها بسرعة، لتوفير مساكن وفرص عمل وأمن للفلسطينيين”.
لكن خبراء عسكريين إسرائيليين يحذرون من تحول هذه المناطق إلى ما يشبه “الاحتلال المعلّب”، إذ يوضح تامير هايمان، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: “لإبقاء حماس خارج هذه المناطق، ستحتاج إسرائيل إلى رقابة أمنية مستمرة ونقاط تفتيش دائمة، ما قد يدفع حماس لمهاجمتها”.
الرفض الفلسطيني
يواجه المشروع معارضة شديدة من الجانب الفلسطيني، حيث يرى فيه اقتصاديون “سوء فهم أمريكي لطبيعة غزة”.
ويشير عيد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة محافظة غزة، إلى أن “إسرائيل تسيطر على الأراضي الزراعية والصناعية، فهل سيبنون فوقها مساكن؟ هذا غير منطقي”.
كما يحذر ناشطون فلسطينيون من تداعيات المشروع على النسيج الاجتماعي. ويقول محمد فارس، أحد النازحين من منزله: “لا نريد مشاريع بديلة أو حياة مؤقتة. نريد فقط أن نعود إلى بيوتنا التي دُمرت… جذورنا هناك”.
وخلصت الصحيفة إلى أن خطة “إعادة إعمار غزة تبدو كصراع بين الرؤى المختلفة: فأمريكا تراها فرصة للاستقرار، وإسرائيل تنظر إليها كمسألة أمنية، والفلسطينيون يرفضونها كمشروع تهجين وتفكيك”.
بينما تبقى التحديات العملية من تمويل إلى موافقات سياسية، عقبات حقيقية قد تحول هذا المشروع من خطة طموحة إلى “وهم جديد” في تاريخ الصراع الطويل، وقق الصحيفة.
