مصر تواجه ضغوطاً إقليمية وعالمية وتمنع مسيرة دولية إلى غزة

أحبطت السلطات المصرية تحركا لمجموعة من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين قرب القاهرة وأوقفتهم لعدة ساعات قبل إطلاق سراح بعضهم، فيما لا يزال عدد منهم موقوفين لدى الأمن، بينما يتزامن هذا التطور مع منع سلطات شرق ليبيا “قافلة الصمود” من عبور الحدود باتجاه مصر.
ويعكس الموقف الرسمي المصري بشأن القافلة والمسيرة توازنًا دقيقًا تسعى القاهرة إلى الحفاظ عليه بين التزاماتها الدولية ومخاوفها الأمنية وسياستها تجاه غزة، وحرصها على سيادتها الوطنية، كل ذلك في سياق إقليمي ودولي معقد.
وتخشى السلطات المصرية من أن تتحول هذه القوافل إلى تجمعات احتجاجية أو مظاهرات قد تخرج عن السيطرة، خاصة في منطقة حدودية متوترة وسبق أن منعت القاهرة تظاهرات مشابهة.
وغادرت عدة مجموعات القاهرة بالسيارات الجمعة إلى مدينة الإسماعيلية، أول محطة في الطريق إلى الحدود مع قطاع غزة، وجهتهم النهائية. وتم اعتراضهم وإيقافهم ومصادرة جوازات سفرهم، وتعرض بعضهم للاعتداء، قبل وضعهم بالقوة على متن حافلات، بحسب مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأرسلت إلى وكالة “فرانس برس”.
وقال أحد المنظمين “أوقفنا لنحو سبع ساعات ثم فرقت القوى الأمنية المجموعة بعنف”. وصرّح سيف أبوكشك، أحد منظمي “المسيرة العالمية إلى غزة”، “نرى في مواقع التواصل الاجتماعي إشاعات مفادها أننا جئنا لنفتعل مشاكل في القاهرة”.
وفي الأيام الأخيرة، منعت السلطات المصرية دخول عشرات النشطاء ورحلت آخرين، بيما لم تصدر عن القاهرة توضيحات بشأن التوقيفات وعمليات الترحيل.
وكان من المقرر أن تتوجه المسيرة بالحافلات إلى مدينة العريش على بعد نحو 350 كيلومترا شرق القاهرة، ثم يسير النشطاء على الأقدام مسافة 50 كيلومترا وصولا إلى الجزء المصري من رفح.
وقال أبوكشك إن المسيرة ضمت عددا من الشخصيات العامة، بينهم برلمانيون أجانب، بالإضافة إلى حفيد نيلسون مانديلا. ورغم الإشارات السلبية الصادرة عن السلطات، يؤكد قادة الفعالية أن “هدفهم يبقى غزة” وأنهم ينوون مواصلة “العمل سلميا”.
وفي ليبيا المجاورة، تم أيضا تعطيل “قافلة الصمود” التي يشارك فيها بحسب المنظمين ألف مشارك تونسي وجزائري ومغربي وموريتاني، منذ صباح الجمعة عند مدخل مدينة سرت الليبية الخاضعة لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا.
ويُنظر إلى منع القافلة على أنه يتوافق مع موقف السلطات المصرية، فيما يرجح أن قوات حفتر نسّقت مع القاهرة لاتخاذ هذا القرار، وهو ما يعكس المصالح المشتركة في ضبط الحدود ومنع أي فوضى محتملة.
وكانت وزارة الخارجية المصرية أكدت في وقت سابق أن أي دخول البلاد يتطلب تأشيرات مسبقة وموافقات رسمية، ما يشير إلى حرص مصر على احترام الإجراءات القانونية، وعدم السماح بالدخول العشوائي الذي يمكن أن يُنظر إليه كإخلال بالسيادة.
ويعتبر متابعون للشأن المصري أن هذه القوافل تهدف إلى “إحراج” البلاد أمام الرأي العام العربي والدولي وبالتالي، فإن المنع يُنظر إليه على أنه تأكيد على عدم الاستجابة لمثل هذه الضغوط.
وتؤكد القاهرة باستمرار على دعمها للشعب الفلسطيني ورفضها للحصار الإسرائيلي على غزة، وتلعب دورًا في إدخال المساعدات عبر معبر رفح. ومع ذلك، فإن هذا الدعم يأتي من خلال قنوات رسمية محددة.
وتخشى مصر من أن يُنظر إلى السماح بمرور القافلة ككسر للحصار بطريقة غير منسقة، مما قد يترتب عليه تبعات أمنية أو سياسية أو حتى عسكرية من الجانب الإسرائيلي.