المغرب العربي

مقاربة المغرب الدينية نموذج للتعايش والتسامح


 يجسد المغرب نموذجا للتعايش السلمي بين الديانات والثقافات المختلفة وهو ما تبرزه أمثلة كثيرة لذلك في الحياة اليومية، حيث انخرطت المملكة في دائرة الحوار العالمي حول التسامح والتعايش بين الأديان، بهدف تأسيس آلية دولية للحوار الحضاري استنادا إلى رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يشدد في كل مناسبة على أهمية الحوار الهادئ بين المفكرين المغاربة والعرب والعالميين.

وسلط سفير المغرب في الولايات المتحدة يوسف العمراني الاثنين بواشنطن، الضوء على النموذج المغربي المتفرد في مجال التسامح والتعايش الديني والدور الذي يضطلع به العاهل المغربي الملك محمد السادس، في ضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية وذلك خلال ندوة نظمها “المجلس الأميركي للسياسة الخارجية”.

وفي جلسة نقاش حول “السلطة الدينية وسلطة الدولة”، شارك فيها نائب وزير شؤون خارجية البحرين الشيخ عبدالله بن أحمد بن عبدالله آل خليفة، قال العمراني إنه “في خضم مناقشتنا للعلاقة بين الدين والدولة، تقدم المقاربة المغربية نموذجا فريدا للفهم المندمج والشامل للهوية الوطنية والعقيدة” وذلك “بفضل القيادة الحكيمة والرؤية المتبصرة لجلالة الملك”.

المقاربة المغربية تتجلى من خلال تدبير الشأن الديني وحماية الطابع التعددي للهوية وغنى الموروث الديني .ومراجعة المناهج التعليمية بغية تعزيز قيم التعايش والوئام والتسامح

ويعتبر النموذج الديني المغربي عاملا للوحدة وضامنا لاحترام مبادئ وقيم الإسلام وساعد على الحفاظ على أصوله متعددة الثقافات. وأوضح العمراني أن الملك محمد السادس الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، “يستند إلى مؤسسات قوية وآليات خاصة”. من أجل العمل على ثلاثة مستويات: الوقاية من الأسباب العميقة الكامنة وراء التطرف. وتفكيك خطاب الكراهية، والتحصين عبر تجفيف منابع التطرف.

وهذه المقاربة المغربية، تتجلى من خلال مختلف المجالات المرتبطة بتدبير الشأن الديني. وحماية الطابع التعددي للهوية وغنى الموروث الديني. ومراجعة المناهج التعليمية بغية تعزيز قيم التعايش والوئام والتسامح وكذا حضور التاريخ والثقافة اليهوديين. وبانخراط المجتمع للتصدي للإيديولوجيات المتطرفة، وللأسباب السيوسيو-اقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى التطرف.

واستعرض الدبلوماسي التزام المغرب بتحقيق التعايش والاعتدال الديني على الصعيد الدولي. وتطرق على الخصوص إلى التكوين الديني للأئمة والمرشدات في إفريقيا. وإحداث مجموعة التفكير حول إفريقيا (مجموعة التركيز المعنية بإفريقيا) التابعة للتحالف الدولي ضد “داعش”. من أجل مواجهة تهديدات التطرف في القارة.

ويقدم معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، لطلبته القادمين من عدة دول، لاسيما من إفريقيا وأوروبا، تكوينا يقوم على قيم الوسطية والاعتدال، في مبادرة تهدف الدفاع عن الدين الإسلامي الحقيقي الذي هو براء من كل أشكال العنف، باعتبار أن تكوين الأئمة يجب أن يستند إلى قيم الانفتاح والسلم والعدل.

ومن مظاهر دفاع المملكة عن قيم الإسلام المعتدل. الدروس الحسنية التي يترأسها الملك محمد السادس خلال شهر رمضان الكريم، والتي تتماشى مع احتياجات العالم المعاصر. فالنموذج المغربي هو انعكاس لقيم والتزام العاهل المغربي بعالم يسوده السلام والاحترام المتبادل ويشكل مثالا على أهمية الإدماج والحوار واحترام الآخر.

وأشار العمراني خلال هذا الحدث الذي عرف أيضا مشاركة أكاديميين. وخبراء بارزين من مختلف المراكز البحثية في واشنطن وممثلي وسائل إعلام أميركية. إلى أن الملكية في المغرب “كانت على الدوام في صلب العلاقة بين الدين .والدولة استنادا إلى مؤسسة مركزية: إمارة المؤمنين”.

وأكد الملك محمد السادس أن الحوار بين الأديان وتكريس التعايش الإيجابي فيما بينها والتفاهم والتعاون حول أهداف إنسانية سيكون رافعة أساسية لتجنيب البشرية شرور الفتن والأوجاع والمعاناة.

وأبرز العاهل المغربي، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي حول “حوار الأديان.. لنتعاون من أجل مستقبل مشترك” الذي عقد بمراكش بين 13 و15 يونيو/حزيران الماضي. أنه لن يتسنى بلوغ ذلك إلا إذا “ربطنا القول بالفعل. وحرصنا على تجديد مفهوم الحوار بين الأديان. وتحقيق نقلة نوعية في الوعي الجماعي بأهمية الحوار والتعايش. وبمخاطر الاستمرار في منطق الانغلاق والتعصب والانطواء.

وأعرب عن تطلعه إلى أن يقدم مؤتمر مراكش، الذي “يجمع لأول مرة البرلمانيين. باعتبارهم مشرعين وممثلين لشعوبهم. وعددا كبيرا من القيادات الدينية ومن العلماء والخبراء والباحثين المرموقين من شتى بقاع العالم”. ردا عقلانيا ورزينا ومقنعا على نزاعات التعصب والكراهية والازدراء بالأديان. ومعاملة الناس حسب ديانتهم أو مذهبهم أو عرقهم أو بشرتهم. مضيفا في هذا الصدد أن تنوع مواقع المشاركين وخلفياتهم السياسية والفكرية .والدينية يشكل عاملا حاسما لتحقيق هذا الطموح.

كما أكد الملك محمد السادس أنه بالارتكاز على التميز المغربي في التعايش الديني والاعتدال، فإنه من الطبيعي أن يكون المغرب من بين البلدان المبادرة إلى تأسيس آليات دولية للحوار الحضاري وأخرى للتصدي للإرهاب والتشدد والتطرف. وأضاف أن المغرب ساهم في تأسيس آليات أخرى. ويساهم في تعزيز مكانتها وأدوارها، ويحتضن ملتقياتها. كما هو الشأن بالنسبة للمؤتمر الدولي لحوار الثقافات والأديان.ومؤتمر حقوق الأقليات الدينية من الديار الإسلامية.

يذكر أن مؤسسة مبادرة الأديان المتحدة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها. قد عقدت مؤتمرا حول التعايش بين الثقافات بمدينة الداخلة المغربية في يونيو/حزيران 2022 .بهدف توضيح الخطوات التي يجب على المجتمع المدني اتخاذها من أجل تحقيق التعايش السلمي بين الأديان والثقافات.

وأشاد المشاركون خلال المؤتمر بالمملكة المغربية كنموذج يحتذى به في ترسيخ ثقافة التعايش بين أتباع مختلف الديانات. وكان الحدث بذلك مناسبة لتجديد الدعوة إلى محاربة التطرف العنيف في “الأرض المقدسة” والتعايش السلمي بين اليهود والمسيحيين والمسلمين هناك.

وجدد المشاركون في الختام تأكيدهم على المبادئ الإنسانية التي توحدهم. والتزامهم بمبادئ مبادرة الأديان المتحدة وميثاقها الذي وقعه الآلاف من الأشخاص من مختلف أنحاء العالم.

وتشمل المبادئ الاحترام الكامل لتديّن الأفراد واختلاف معتقداتهم وممارساتهم الروحية. واحترام خصوصية الأديان والاختلافات بينها وضمان حقوق متّبعيها في ممارسة عقائدهم. والترحيب بتنوع الثقافات والممارسات الروحية والتقليدية وعدم التمييز على أساسها.

وكان اللقاء فرصة أيضا – بالنسبة إلى مختلف المؤسسات والمنظمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأفريقيا- للتعرف على النموذج المغربي في التسامح .والانفتاح الديني تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى