اخترنا لكم

مليشيات المنطقة.. “طريق المخدّرات السريع”


لا تزال الحدود السوريةـالأردنية مهددة بعمليات تهريب المخدّرات، التي تتدفق بكميات ضخمة نحو الأردن قادمةً من سوريا.

 

ورغم جهود السلطات في تتبع مهربي المخدرات، والكميات الضخمة التي يتم ضبطها، فإن التساؤل المهم هنا هو: لماذا تستمر عمليات التهريب رغم وجود هذا التنسيق بين سلطات الدولتين؟

السبب الأول: لقد كانت الفوضى الأمنية، التي تلت أحداث 2011 في سوريا وفقدان السيطرة الأمنية في مناطق بجنوب البلاد، سبباً رئيسياً في وصول مليشيات مسلّحة مدعومة من إيران إلى تلك المناطق، بما في ذلك تلك التي تقع على الحدود بين سوريا والأردن، وهو ما أدى فعلياً إلى توسيع رقعة تهريب المخدّرات بأنواعها في تلك المناطق، التي تفتقر للانضباط الأمني من ناحية، ووجود مليشيات مختلفة التوجهات فيما بينها إلى درجة الخلاف الحاد.

السبب الثاني هو وجود هذه المليشيات على الحدود السوريةـالأردنية، ما أسهم في فتح المجال أمام عصابات تهريب المخدّرات للعمل بحرّية ودون رقيب، ففي الماضي كان يقتصر التهريب في تلك المنطقة على الأسلحة الخفيفة والسجائر، لكن مع وجود حماية مليشياوية لشخصيات بعينها تحظى بدعمٍ كامل، صارت تجارة المخدّرات مادة أساسية للتهريب، سيما وأن جزءاً من الحدود السوريةـ العراقية يخضع أيضا لسيطرة تلك المليشيات.. لذا راجت تجارة المخدرات في ظل ما يتم تداوله من أن المليشيات تتقاضى نسبة من المهربين مقابل السماح لهم بالتحرّك بحريّة بين حدود الدول الثلاث.

السبب الثالث لرواج عمليات تهريب المخدرات في هذه المناطق يتمثل في وجود أطراف عسكرية متعددة، ما جعل منطقة الحدود رخوة وساحةً نشطة لعملياتٍ التهريب، خاصة إذا ما علمنا أن المساحة الحدودية ربما تطول إلى نحو 300 كيلومتر، ما يصعّب مهمة المراقبة الحكومية فيها.

السبب الأخير الذي يبدو شديد الأهمية لرواج تجارة المخدرات في هذه المناطق هو عائدها المالي الخيالي، ما شجّع كثيرين على العمل في مجال تهريب الحبوب المخدرة، لذلك تزداد في الآونة الأخيرة محاولات تهريب المخدّرات، فيما يتصدى الجيش الأردني لهذه المحاولة بقوة وحسم، إذ أعلن حرس الحدود الأردني منذ بداية العام الجاري عن إحباط أكثر من عملية ضخمة كان الهدف منها إدخال ملايين حبوب الكبتاغون إلى الأردن، وعلى إثرها توفي ضابط وجندي أردنيان خلال اشتباكاتهما مع عصابات التهريب في السابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي. وقد أعلن الجيش الأردني لاحقاً عن مقتل 27 مهرّباً خلال محاولتهم إدخال المخدّرات إلى الأراضي الأردنية قبل نحو أسبوع، ما يعني أن تلك العصابات تكرر محاولاتها رغم التشديد الأمني من الجانب الأردني، وفي هذا تحدٍّ كبير للأردن وسوريا معا، بل ودول جوارهما، فقد صارت عمليات تهريب المخدرات وآثارها السلبية تتجاوز حدود البلدين، في ظل ابتكار عصابات التهريب طرقا غريبة وعجيبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى