سياسة

من التنمية إلى التهديد.. هل تتحول مالي إلى مصدر لتصدير الإرهاب؟


يحذر خبراء من أن الهجمات الإرهابية في مالي لم تعد محصورة داخل حدودها، بل باتت تنذر بتصدير الأزمة إلى الدول المجاورة.

يأتي ذلك في ظل تزايد الهجمات الإرهابية في مالي، لا سيما الهجوم الدامي في منطقة بوليكسي، والتي تؤكد أن الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة. تعزز من وجودها وقدرتها على استهداف المنشآت العسكرية الحيوية في البلاد.

لذلك، وفي ظل انسحاب مالي من مجموعة دول الساحل الخمس (G5). يطرح المراقبون تساؤلات ملحة حول مستقبل الأمن الإقليمي في غياب تنسيق فعّال بين جيوش المنطقة.

هجمات

أفادت السلطات المالية، في بيان رسمي، بأن الجيش المالي تعرض لعدة هجمات نهاية هذا الأسبوع، أبرزها في منطقة بوليكسي وسط البلاد.

فيما أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة. مسؤوليتها عن السيطرة على ثكنة عسكرية كاملة في هذه المنطقة، بحسب إذاعة “إر.إف.إي” الفرنسية.

وذكر الجيش المالي أنه “رد بقوة على الهجوم قبل أن يتراجع إلى مواقع أخرى”. مشيرًا إلى أن طلعات جوية مكثفة نجحت في “تحييد عدد من الآليات العسكرية والمسلحين أثناء انسحابهم”.

كما استهدفت الطلعات الجوية، مناطق يُشتبه أنها نقاط تمركز جديدة للجماعة.

في المقابل، أكدت مصادر محلية متطابقة، بينها مسؤولون منتخبون، أن الثكنة في بوليكسي سقطت بالكامل بأيدي الجماعة الإرهابية. دون أن تواجه مقاومة تذكر، مضيفة أن المهاجمين استولوا على أسلحة وأسروا جنديين على الأقل.

كما تم قطع الاتصالات في المنطقة لساعات طويلة، ما زاد من صعوبة تقييم الخسائر بدقة.

 

“فراغ أمني”

وفي تصعيد موازٍ، أعلنت مصادر عسكرية أن هجومًا آخر استهدف القوات المالية في جنوب البلاد، هذه المرة باستخدام عبوات ناسفة متطورة. ما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش، وإن لم تُعلن الحصيلة الكاملة حتى الآن.

من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي بيير دوفور. المختص في شؤون الساحل الأفريقي ضمن مركز “تييري دولافال” الفرنسي إن ما تشهده مالي اليوم هو نتيجة مباشرة لانهيار آليات التعاون الإقليمي بعد انسحاب باماكو من G5. 

وأضاف: “تبدو الجماعات الإرهابية أكثر ثقة اليوم. بعد انكفاء القوات الأجنبية مثل برخان (الفرنسية)، وغياب بديل تنسيقي فعّال بين دول الساحل”.

ورأى دوفور، أن الوضع في بوليكسي “مثال واضح على فقدان الجيش المالي القدرة على السيطرة الميدانية في بعض المناطق الاستراتيجية”.

كما يحذر دوفور من أن “الهجوم على بوليكسي ليس مجرد رسالة داخلية. بل تهديد صريح لدول الجوار التي تشهد نشاطًا متزايدًا للفروع التابعة لنفس الجماعة. مثل ولاية الساحل التابعة لـ”داعش”، في بوركينا فاسو والنيجر”.

غياب التنمية

من جانبه، يرى الباحث المالي في مركز الدراسات الاستراتيجية. والأمنية في منطقة الساحل بوبكر ديالو، أن جذور الأزمة ليست فقط أمنية، بل مرتبطة بالفراغ التنموي في وسط البلاد.

وأضاف “منطقة موبتي وبوليكسي تحديدًا تعاني من غياب مؤسسات الدولة. وتردّي الخدمات، مما يخلق بيئة خصبة لتجنيد الشباب من قبل الجماعات المتطرفة التي تقدم نفسها كبديل شرعي”.

وأوضح ديالو أن “فقدان الثقة بين السكان والسلطة المركزية في باماكو، وتزايد التوترات العرقية. يسهل اختراق الجماعات الإرهابية للمجتمعات الريفية”، محذرًا من أن الحلول الأمنية وحدها لن تثمر ما لم يُرفق ذلك بخطة تنمية شاملة للمنطقة.

ويعكس الهجوم على بوليكسي واقعًا مقلقًا، إذ أن الجماعات المتطرفة لم تعد تتخفى. بل تهاجم وتسيطر وتُعلن ذلك بكل وضوح، وفق مراقبين.

ومع غياب تنسيق إقليمي حقيقي، وتفكك الأطر المشتركة لمكافحة الإرهاب. فإن مالي ليست وحدها المهددة، بل منطقة الساحل بأكملها تقف على حافة الانهيار الأمني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى