من التوتر إلى ليّ الأذرع.. الأزمة بين الجزائر وفرنسا تتفاقم

أعلنت الجزائر اليوم السبت سحب جميع بطاقات امتياز الدخول إلى موانئها ومطاراتها التي كانت تستفيد منها سفارة فرنسا، في إطار المعاملة بالمثل، ردا على ما قالت إنها “قيود مستمرة” فرضتها سلطات باريس على إيصال واستلام الحقائب الدبلوماسية الجزائرية بفرنسا، في تصعيد جديد ينذر بمزيد تأجيج التوتر بين البلدين.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن استدعت الخارجية الجزائرية في وقت سابق القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالجزائر، للمرة الثانية، على خلفية ما اعتبرته الجزائر “انتهاكا صارخا للالتزامات الدولية” من قبل الحكومة الفرنسية، في إشارة إلى عرقلة إيصال واستلام الحقائب الدبلوماسية.
وأوضح بيان أصدرته الوزارة أن هذه العراقيل، التي كانت تقتصر في البداية على سفارة الجزائر بباريس، توسعت لتشمل أيضا المراكز القنصلية الجزائرية في فرنسا، رغم تعهد الخارجية الفرنسية، سابقا بمراجعة هذه الإجراءات.
والخميس الماضي، عبرت الجزائر، عقب استدعاء سابق للقائم بالأعمال الفرنسي، عن استغرابها من منع دبلوماسييها من دخول المناطق المخصصة لاستلام الحقائب الدبلوماسية في مطارات باريس، ووصفت الحادثة بأنها “انعدام تام للشفافية” و”انتهاك خطير” لاتفاقية فيينا.
وتجيز اتفاقية فيينا المنظمة للعمل الدبلوماسي، في المادة 27 (الفقرة السابعة) للبعثة الدبلوماسية “إيفاد أحد أفرادها لتسلم الحقيبة الديبلوماسية من ربان الطائرة بصورة حرة مباشرة”.
وحسب بيان للخارجية الجزائرية حينها، فإن السلطات الفرنسية أوضحت خلال الاجتماع أنها لم تبلغ مسبقا بهذا الإجراء من قبل وزارة الداخلية الفرنسية.
وأوضحت أن هذه المساعي مكنت من التأكيد بأن هذا الإجراء قد تم اتخاذه من طرف وزارة الداخلية الفرنسية، دون علم وزارة الخارجية. وتمثل هذه التطورات تصعيدا جديدا في أخطر أزمة يواجهها البلدان منذ استقلال الجزائر في 1962، وصلت حد سحب السفراء.
وخفضت كل من الجزائر وباريس، تمثيلهما الدبلوماسي لدى بعضهما البعض لمستوى القائم بالأعمال، إثر تدهور العلاقات بينهما منذ 30 يوليو/تموز 2024 إثر اعتراف الحكومة الفرنسية بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية تحت سيادة المملكة كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
وفي الأيام القليلة الماضية، نشب خلاف علني بين وزير الداخلية الفرنسي بيرنو روتايو، وزميله في الحكومة وزير الخارجية جان نويل بارو، على خلفية التباين في المواقف تجاه الجزائر.
ويدعو روتايو، الذي تتهمه الجزائر بتغذية الكراهية والعداء تجاهها، إلى تبني قبضة حديدية ومبدأ القوة مع الجزائر، منتقدا سياسة “دبلوماسية المشاعر الحسنة مع الجزائر”.
وفي معرض رده، قال وزير الخارجية بارو، عبر منصة إكس “لا توجد دبلوماسية قائمة على المشاعر الحسنة، ولا على الاستياء.. هناك فقط دبلوماسية”.
وقد يؤدي التصعيد المستمر بين البلدين إلى تغيير جوهري في طبيعة العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتي تتسم تاريخياً بالتقلبات والتوترات المستمرة بسبب القضايا التاريخية والحالية.
وعلى الرغم من بعض الاتصالات المتقطعة، فإن غياب قنوات الحوار الدبلوماسي الفعالة والمنتظمة بين كبار المسؤولين في البلدين يقلل من فرص التهدئة.
ومع اقتراب الانتخابات في فرنسا، خصوصًا الرئاسية في 2027، قد يميل السياسيون الفرنسيون إلى تبني مواقف أكثر صرامة تجاه الجزائر لإرضاء الناخبين اليمينيين، مما يقلل من مرونة أي مفاوضات.