من الظل إلى الخطوط الأمامية.. نساء كرديات في حرب بلا هوادة

في قلب صحراء شمال شرقي سوريا القاحلة، تبرز أبطالٌ من النساء من «وحدات حماية النساء» كرموز للتحدي والصمود في مواجهة تهديدات مزدوجة، إذ تخوض معاركها ضد تنظيم داعش الإرهابية ومناوئين لهم قرب الحدود مع تركيا.
تشغل وحدات حماية النساء، التي تشكل جزءًا أساسيًا من قوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة. موقع الصدارة في العديد من المعارك ضد تنظيم داعش والجماعات المتمردة التي تنشط على الحدود التركية.
-
عودة شبح الإرهاب.. نشاط متزايد لتنظيم داعش في مناطق النزاع بسوريا
-
تحذيرات أميركية من هجمات واسعة في سوريا: تصعيد محتمل في الأفق
ويرى مسؤولون أن هذه القوات تبني ما وصفوه «حرب الشرف» للدفاع عن الأراضي .التي تحكمها منذ إعلانها عن الحكم الذاتي في منطقة الإدارة الذاتية عام 2012، وفقا لصحيفة التليغراف البريطانية.
-
استعباد سوريات جنسيا.. تركيا متورطة ومطالب بمحاسبتها
-
تعيين أسامة الرفاعي مفتياً عاماً لسوريا يعكس تغيرات دينية هامة
ومنذ استيلاء المعارضة على السلطة في سوريا أوائل ديسمبر/كانون الأول. شهدت المنطقة تصعيدًا في الاشتباكات، خاصةً بعد هجوم جديد شنّته قوات سورية مدعومة من تركيا على قوات سوريا الديمقراطية، في ظل دعم جوي وطائرات دون طيار تركية.
ورغم توقيع اتفاق الاندماج مع دمشق في مارس/آذار. الذي نص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية الجديدة. ما زالت حالة التوتر قائمة على خطوط المواجهة دون أي تغيير ملحوظ في مواقع القوات.
تعبّر إحدى القناصات، آيسل شام (30 عاماً)، عن صرامة الواقع الميداني قائلة إن «الصراع الحالي يتسم بطابع جوي بحت، حيث تقوم الطائرات التركية بتوجيه ضرباتها من السماء».
وتشير شام إلى أن المقاتلات الكرديات تتبنى تكتيكات اكتسبنها من حربهن ضد داعش. قائلة: “بإمكانياتنا المحدودة، نستهدف قواعد العدو من الأرض”. وساهمن مؤخراً، في تأمين سد تشرين بعد معركة دامت أسابيع، ويركزن الآن على منع عبور المليشيات لنهر الفرات.
-
سوريا تحت الضغط الدولي: تعهد بتدمير الأسلحة الكيماوية بأسرع وقت
-
الخلافات الداخلية تؤخر بحث القضايا الحدودية بين سوريا ولبنان
ويؤكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط الدكتور ريناند منصور من “تشاتام هاوس” أن معارك خطوط المواجهة تظل مكثفة وأن المواجهات مستمرة رغم الاتفاقيات السياسية.
ففي ظل انشغال القوات الكردية بمواجهة الهجمات التركية. يحذر خبراء من استغلال داعش للفراغ الأمني. تُشرف وحدات حماية الشعب على احتجاز 9,000 عنصر من التنظيم وإدارة مخيمات لعائلاتهم. لكن آيسل تحذر: “خلايا داعش النائمة تنتظر أي فرصة للانقضاض”.
وعلى الصعيد الدولي، تتزايد المخاوف بشأن مستقبل الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية؛ ففي ظل النفقات الأمريكية التي بلغت 186 مليون دولار لعام 2024.لم يُستبعد سحب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا. مما قد يفتح المجال لهجوم تركي محتمل على الأراضي التي تسيطر عليها القوات الكردية.
-
غارة أمريكية في سوريا تقتل قياديًا بارزًا بتنظيم مرتبط بالقاعدة
-
تصعيد جديد.. غارات إسرائيلية تضرب جنوب سوريا
ورغم الضغط المتزايد من الجانب التركي .وبروز تحديات كبيرة في مواجهة الجماعات المسلحة الأخرى، تظل وحدات حماية النساء مصدر إلهام للعديد من النساء. حيث استمدت الكثير منهن شجاعتهن من تجارب مريرة شهدتها خلال معارك تحرير مدينة كوباني عام 2015، التي أُطلق عليها لاحقاً «ستالينغراد الكردية».
وقد شكّل تحرير كوباني نقطة تحول حاسمة في الصراع ضد تنظيم داعش. رغم الثمن الباهظ الذي دُفع من قبل النساء اللواتي كان لهن دور رئيسي في هذا النضال.
وفي ظل محاولات السلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع لفرض رؤية موحدة على القوات المسلحة السورية. تخشى بعض القيادات الكردية من أن تؤدي عملية الاندماج إلى إضعاف موقعهن وتحجيم المساواة التي تكافح وحدات حماية النساء من أجلها.
-
سوريا بين الركام: آفاق النهوض الاقتصادي في مواجهة التحديات
-
60 ضربة إسرائيلية تهز سوريا في أقل من 5 ساعات
وتؤكد مزجين روجدا، إحدى قناصات وحدات حماية الشعب الكردية: «منذ تأسيس وحدتنا. سعينا إلى كسر النمط القائم الذي يُنظر إلى المرأة على أنها ضعيفة. ونحن نعتبر أنفسنا منارات أمل لحياة حرة ومستقلة لكل النساء».
هذا وتستمر معارك وحدات حماية النساء على حدود تركيا وسط ظروف من عدم اليقين السياسي والأمني، فيما يترقب الجميع نتائج المفاوضات والاتفاقيات التي قد ترسم ملامح مستقبل المنطقة بأسرها.
-
تفاقم الأزمة بين القبائل العربية وقوات سوريا الديمقراطية
-
مقتل «أحد أخطر الإرهابيين بالعالم».. «والي داعش» في سوريا والعراق