من بوّابة الحبوب بالمجّان.. روسيا تعزز تموقعها في أفريقيا
أعلنت روسيا أن أولى شحنات الحبوب المجانية التي وعدت بها أفريقيا في طريقها إلى وجهتها، بينما تأتي هذه الخطوة ضمن مساعي موسكو لكسر طوق عزلتها الدولية من بوابة تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، التي تعدّ منطقة شديدة الحساسية بالنسبة إلى المصالح الغربية، عبر الشراكات الاقتصادية واتفاقيات التعاون في مختلف المجالات بالإضافة إلى المساعدات الغذائية.
وقال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف اليوم الجمعة “غادرت أول سفينتين الموانئ الروسية باتّجاه الصومال وبوركينا فاسو. نتوقع أن تصلا إلى هناك بين نهاية الشهر الجاري ومطلع ديسمبر/كاون الأول”، لافتا إلى الشحنات تقدّر بـ50 ألف طن من الحبوب.
وتعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو/تموز بإرسال 200 ألف طن من الحبوب المجانية إلى ست دول أفريقيا وذلك في أعقاب انسحاب موسكو من اتفاق برعاية الأمم المتحدة كان ضمن المرور الآمن لصادرات أوكرانيا الزراعية من موانئها الجنوبية المطلة على البحر الأسود.
وعارضت روسيا المبادرة مرارا، مشيرة إلى أن معظم صادرات أوكرانيا لا تتوجه إلى أفقر بلدان العالم وتعدّ كييف وموسكو من بين أكبر البلدان المنتجة والمصدرة للمنتجات الزراعية.
وفسحت الاتفاقية المجال لتصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية إلى مختلف بقاع الأرض بما فيها أفريقيا، ما أدى إلى استقرار أسعار المواد الغذائية عالميا والحدّ من المخاوف من نقص في إمدادات الغذاء العالمية.
وتعدّ روسيا من أكبر مصدّري الحبوب في العالم وزودّت أفريقيا خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي بنحو 10 ملايين طن، بينما وصلت الصادرات في العام 2022 إلى نحو 11.5 مليون طن.
وأكد باتروشيف أن شحنات أخرى مخصصة لجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا ومالي وزيمبابوي ستُرسل قبل نهاية العام.
وركّز بوتين نشاطه الدبلوماسي على أفريقيا منذ أطلق العملية العسكرية في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لافتا إلى أن اهتمام روسيا بالقارة الأفريقية يتزايد، فيما يدفع باتجاه شراكة إستراتيجية مع بلدانها ضمن مساعيه لإيجاد منافذ للعزلة الدولية المفروضة على بلاده.
ومنذ اندلاع النزاع الروسي الأوكراني سعت موسكو إلى تمتين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأفريقية على حساب نفوذ دول أخرى مثل فرنسا، عبر عديد الوسائل من بينها تعزيز حضور مجموعة فاغنر العسكرية في بعض المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.
وعززت روسيا حضورها في أفريقيا من بوابة صادرات الحبوب وصفقات التسليح والتعاون في مجال الطاقة، كما سعت إلى استثمار موجة العداء لفرنسا في مستعمراتها الأفريقية السابقة.
وفي وقت سابق هذا العام، استضافت موسكو قمة رفيعة المستوى للقادة الأفارقة في سان بطرسبرغ تضمنت معارض لشركات روسية منتجة للأسلحة وشركة الطاقة النووية الحكومية.
وتعهد بوتين خلال القمة بتقديم مساعدات إلى الدول الأفريقية بهدف الحصول على تعويضات للأضرار الاقتصادية والانسانية التي تسببت بها السياسات الاستعمارية الغربية.
وكثّف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال الأشهر الأخيرة زياراته إلى القارة الأفريقية، مشددا على رغبة بلاده في تعزيز تعاونها مع دول المنطقة، مسوّقا لفكرة التصدي لـ”الاستعمار الغربي الجديد”.