أمريكا

من تل أبيب.. واشنطن ترسم ملامح القوة الدولية المنتظرة في غزة


خلف مصانع الخشب والصلب في مدينة كريات جات الإسرائيلية، تدور الآن واحدة من أكثر المهمات العسكرية والسياسية تعقيدًا في الشرق الأوسط. ففي مركز شحن رمادي متواضع، بدأت قوات أميركية مهمتها التي تتجاوز حدود مراقبة وقف إطلاق النار الهش في غزة، لتصل إلى التخطيط لـ”قوة دولية” يُفترض أن ترسم مستقبل القطاع وتُنهي الحرب.

وأعلن الجيش الأميركي هذا الأسبوع أن حوالي 200 جندي من ذوي الخبرة في مجالات النقل والتخطيط والأمن والهندسة بدأوا في مراقبة وقف إطلاق النار وسينظمون تدفق المساعدات والمساعدات الأمنية إلى غزة.

وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى الموقع، في إشارة إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن لهذه العملية. ويستضيف مركز التنسيق المدني العسكري أيضا عسكريين إسرائيليين وبريطانيين وكنديين.

وأعلنت الخارجية الأميركية في وقت لاحق من اليوم الجمعة تعيين الدبلوماسي المخضرم والسفير الحالي لدى اليمن ستيفن فاغين قائدا مدنيا لمركز جديد معني بتنفيذ اتفاق السلام في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني

وفي حين استبعدت الولايات المتحدة إرسال جنود أميركيين إلى القطاع فقد تستعين بقوات من مصر وإندونيسيا ودول خليجية. ويعد إنشاء هذه القوة الدولية جزءا رئيسيا من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة، ولكن هناك عددا من العقبات التي تواجه ذلك بداية من استعداد الدول العربية وغيرها من البلدان لإرسال قوات إلى مخاوف إسرائيل بشأن تشكيل القوة.

وقال إيتمار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن “سيكون من الضروري منع استمرار الصراع… إنه أمر ممكن، لكنه سيكون بالغ الصعوبة”.

ومن بين التحديات الرئيسية أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” لم تقطع حتى الآن التزاما بنزع سلاحها، ومنذ أن تم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار قبل أسبوعين شرعت في حملة إجراءات صارمة ضد المجموعات التي تشكل تهديدا لقبضتها على السلطة.

وردا على سؤال حول نشر قوة دولية، قال متحدث باسم الحركة إنها مسألة حساسة تتطلب مناقشة مستفيضة قبل أن تتخذ الحركة موقفا.

ضبابية حول التفويض تقوض جهود إنشاء القوة

وصل روبيو إلى موقع المراقبة في كريات جات اليوم الجمعة في واحدة من أولى محطات زيارة تستغرق يومين في إسرائيل. وقال إن المناقشات لا تزال جارية حول قواعد الاشتباك الخاصة بالقوة الدولية وما إذا كانت ستعمل بموجب تفويض من الأمم المتحدة.

وقال مسؤولون مطلعون على المحادثات إن هناك مناشدات تم توجيهها لعدد من الدول للانضمام إلى القوة، لكن الكثير منها توخت الحذر من تقديم وعود دون معرفة شكلها. وأوضح ثلاثة دبلوماسيين مطلعين على المناقشات أن من بين المقترحات تشكيل قوتين، إحداهما لتأمين الحدود بين إسرائيل وغزة والأخرى تعمل داخل القطاع.

وأضافوا أن بعض الدول الأوروبية تريد أن يعمل داخل غزة آلاف من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الذين يتم تدريبهم في مصر والأردن إلى جانب قوات دولية بعدد أقل.

وبموجب هذه الخطة، قد يعمل البعض من عناصر الشرطة الأوروبية كمراقبين داخل غزة إلى جانب القوات الفلسطينية مباشرة، لكن الدبلوماسيين الثلاثة قالوا إنه لم يتضح بعد ما هي الدول التي ستشارك في هذه الخطة.

وقال مصدران أمنيان إسرائيليان ومسؤول مطلع على المحادثات إن الخطة الأميركية تنص على أن تدخل القوة الدولية تدريجيا بدءا من منطقة رفح الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في جنوب القطاع.

وذكر اثنان من المسؤولين أن وتيرة انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي تشرف عليها القوة الدولية قيد المناقشة. 

تساؤلات حول إمكانية التطبيق

ويشكك إتش إيه هيلير، وهو باحث كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا، في مسألة أن عددا كافيا من الدول سيلتزم بإرسال قوات لإنجاح القوة.

وقال إن معظم البلدان ستتردد في تقديم وعود بشأن هذه الخطوة إذا كان من المتوقع أن تحارب حماس، بينما ستحجم الدول العربية عن المشاركة ما لم يكن هناك دفع كبير باتجاه إقامة دولة فلسطينية.

وأضاف “لن تود أي دولة المخاطرة بإدخال قواتها في مستنقع عسكري ما لم توافق حماس على التعاون بشأن نزع سلاحها”. وألمح نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس خلال زيارته لإسرائيل هذا الأسبوع إلى أن دولا خليجية وتركيا وإندونيسيا يمكن أن تشارك في ذلك.

لكن هناك توترا بالفعل إذ أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع إلى معارضته لاضطلاع القوات التركية بأي دور في غزة.

وقال أساف أوريون، الذي كان مسؤولا عن السياسات الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي والباحث حاليا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن إسرائيل ستستأنف الحرب على الأرجح إذا لم يتم إنشاء هذه القوة وإذا رفضت حماس نزع سلاحها، مضيفا أن الدولة العبرية “لا تحب أن تكتفي بمشاهدة التهديدات وتفضل منعها واستباقها”.

زر الذهاب إلى الأعلى