اخترنا لكم

من هو رئيس جمهورية العراق في الانتخابات المُقبلة؟

د. شاكر نوري


ما أهمية منصب رئيس جمهورية العراق، وما السر في السباق نحو الفوز بهذا المنصب؟

في حقيقة الأمر منصب رئيس الجمهورية في العراق شرفي يحظى بامتيازات كبيرة، وفيه الوجاهة لا أكثر ولا أقل، أما من حيث تأثيره الإداري والسياسي فهو ليس بالشيء الكثير. سادت القاعدة منذ 2003 أن يكون رئيس الجمهورية العراقية من الكرد، ورئيس الوزراء من الشيعة، ورئيس مجلس النواب من السنة علما بأن الدستور العراقي لا يتضمن أيّ فقرة تنصّ على هذه المحاصصة الطائفية، لكن هذا الإجراء الغريب تحول إلى نوع من العُرف السائد، ومن ثم أخذ الهالة الرسمية في أجندة أحزاب الإسلام السياسي ونظام الحكم الذي أسسه بول برايمر أول حاكم للعراق، وهو الذي كرّس هذا التوجه انطلاقاً من مبدأ ونظام المكونات الذي جاءت به الولايات المتحدة، إثر غزوها للعراق الذي لم يعرف للطائفية طعما أو رائحة أو هوى من قبل.

إذا كان منصب رئيس الجمهورية حكرا على الكرد فإنهم غير موحدين كما نعلم بسبب هيمنة الحزبين الكرديين على الحياة السياسية: حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، والحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل. يصارع الحزبان القائدان على هذا المنصب. وبغداد تختار منهما على الرغم من وجود عشرات الأحزاب المستقلة والإسلامية واليسارية والديمقراطية وغيرها. ففي الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات المبكرة في أكتوبر المقبل، انتشرت شائعات قوية في المواقع ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أن هذا المنصب سيكون من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يمتلك مرشّحَين لرئاسة الجمهورية، وهما: فؤاد حسين وزير الخارجية الحالي، ونيجيرفان البرزاني، رئيس الإقليم الكردي، إلا أن الظفر بهذا المنصب لا علاقة له بالانتخابات، بل يخضع إلى المقايضات والمفاوضات والمصالح.

أصبح منصب رئيس الجمهورية الشرفي يدر الأموال الهائلة والعقود التجارية والامتيازات اللامحدودة، يكفي أن راتبه كان يصل إلى 77 مليون دينار قبل التغييرات التي طرأت عليه.

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح هو:

إذا كانت الوزارات موزعة على نظام المُحاصصة، فما أهمية الانتخابات لمجلس النواب؟

أربع دورات انتخابية والوجوه نفسها تتكرر في جو من الفساد واللادولة وأحزاب الإسلام السياسي. يطمح المجتمع العراقي بعد الاحتقان الذي يعاني منه منذ 2003 إلى تغيير بنية الحكم وأسلوبه الفاشل في الإدارة.

لا فائدة من انتخابات تهيمن عليها الأحزاب وتوجهها كما تريد بالترهيب والترغيب، هي نفسها تعاني من التبعية والفساد وفقدان هيبة الدولة وتكبيل الدولة بالديون في بلد يمتلك ثاني احتياطي من البترول في العالم. لا بد أن تتغير روح الانتخابات بعيدا عن مفهوم الغنيمة والبرامج السياسية الطوباوية والوهمية والمزيفة، والنظر إلى تطلعات العراقيين في العيش الكريم. ولا فائدة من أي انتخابات ما لم تعمل الطبقة السياسية إلى تجديد عقليتها، وتغيير منهجها، والتخلص من التبعية والولاء العشائري، وهدر المال العام، والفساد المستشري في مفاصل الدولة وغير ذلك. بدون ذلك تبقى الانتخابات حبرا على ورق ولا معنى لها.

هل ستأتي الانتخابات الخامسة بعد العاشر من أكتوبر المقبل بمعطيات جديدة؟ هذا هو السؤال الجوهري المطروح على الأحزاب الدينية التي تقود نظام الحكم من خفايا الكواليس في ظل نظام المحاصصة الطائفية.

  تبقى مناصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب على حالها بدون تغيير، وهي موزعة مسبقا، الوجوه فقط ستتغير لكنها السياسة الحالية ذاتها، نظام المال والسلاح. طاحونة تسحق آمال الملايين من العراقيين المتطلعين إلى حياة أفضل في ظل انتخابات تعيد المواطن العراقي إلى الفراغ ذاته، والدوامة ذاتها. وما علينا إلا أن نحتفل بالوجوه الجديدة التي ترتدي أقنعة معروفة ملّ منها العراقيون على مدى عقدين من الزمان، ولم ير أيّ بارقة ضوء في النفق الطويل واللانهائي من المعاناة والضياع والفراغ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى