موجة إرهاب عابرة للحدود تشعل حزام الساحل من مالي إلى بوركينا فاسو
تحذيرات متتالية من تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية، في منطقة الساحل الأفريقي.
أحدث تلك التحذيرات جاءت في صحيفة “لوتون” السويسرية، التي قالت إن أجزاء واسعة من مالي وبوركينا فاسو باتت تحت سيطرة هذه الجماعات، وسط مخاوف من امتدادها حتى بنين وتوغو.
وأشارت الصحيفة السويسرية إلى أنه مع تعمق جذور الإرهاب في المنطقة، بدأت تهديداته تمتد إلى دول غرب أفريقيا، ما يعكس توسعًا خطيرًا للظاهرة وتحديًا متزايدًا للأمن الإقليمي.
ووفق بيانات رصد بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2025، فقد وقع أكثر من 450 هجومًا إرهابيًا في غرب أفريقيا.
وكانت البلدان الواقعة في منطقة الساحل، بما فيها مالي، بوركينا فاسو، والنيجر، محور النشاط الإرهابي، وفقًا لـ “مؤشر الإرهاب العالمي” الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام.
ولفتت الصحيفة السويسرية إلى أن التهديد لم يقتصر على الداخل الصحراوي، بل امتد إلى الدول الساحلية في خليج غينيا، مثل ساحل العاج، بنين، توغو، وغانا، ما يشير إلى تحول الظاهرة من تهديد محلي إلى تهديد إقليمي.
ويشهد الساحل الأوسط الجزء الأكبر من العنف والإرهاب في المنطقة، حيث تقوم الجماعات الإرهابية بتنفيذ هجمات على المدنيين، وقوات الأمن، والمنشآت الحكومية.
وقد أدى هذا الانتشار إلى خلل أمني كبير في بعض المناطق، بما في ذلك انهيار مؤقت للبنية الإدارية والسياسية المحلية، ونزوح آلاف السكان نحو المدن والمناطق الأكثر أمانًا.
كما أكدت التقارير الأممية أن الإرهاب في الساحل أصبح أكثر تجذرًا محليًا، حيث بدأت الجماعات الإرهابية بإشراك السكان المحليين في العمليات، وتكوين خلايا شبابية، ما يزيد من صعوبة مواجهتها عسكريًا.
انتشار الظاهرة إلى الدول الساحلية
وبحسب تصريحات عمر أليو توراي، رئيس لجنة الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا (إيكواس) خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فإن: “الساحل المركزي يتركز فيه معظم أعمال العنف، لكن الظاهرة امتدت الآن إلى كامل المنطقة”.
وأضاف: “لا توجد منطقة في غرب أفريقيا أصبحت بمنأى عن التهديدات الإرهابية”.
هذا التحذير يأتي في سياق تزايد العمليات المسلحة في الدول الساحلية، بما في ذلك هجمات على البنية التحتية، الخطف لأغراض مالية أو سياسية، واستهداف المدنيين في المناطق الحدودية.
تحديات التصدي والإجراءات الدولية
رغم تدخل بعض القوات الأجنبية الخاصة مثل وجود مليشيات “فاغنر” التي بات اسمها “فيلق أفريقيا” في مالي وبوركينا فاسو، فإن جهودها تواجه صعوبات كبيرة بسبب تجذر الجماعات المسلحة محليًا واستغلالها للمعرفة الجغرافية للمنطقة.
كما أن هناك عدة تحديات سياسية في دول الساحل، حيث يشهد بعضها انقسامات داخلية وصراعات عرقية، فضلاً عن العوائق اللوجستية والأمنية أمام انتشار قوات حفظ السلام أو القوات الدولية.
وبحسب التقارير الأممية فإن الحلول العسكرية وحدها لن تكفي لاحتواء الظاهرة، بل يجب دمج البرامج التنموية، التعليم، والإصلاحات الاقتصادية لتقليل تأثر السكان المحليين بالدعاية الإرهابية.
ووفقاً للصحيفة السويسرية فإن ظاهرة الإرهاب في غرب أفريقيا تتطور بسرعة، حيث لم تعد مقتصرة على دول الساحل التقليدية، بل امتدت إلى الدول الساحلية المطلة على المحيط الأطلسي.
كما أن التحذيرات الدولية تدعو إلى تكثيف التعاون الإقليمي والدولي، ودمج الجهود العسكرية، الأمنية، والاقتصادية لضمان استقرار المنطقة وحماية المدنيين.
بينما يزداد تأثير الجماعات المسلحة في مالي وبوركينا فاسو، يبدو أن التحدي الحقيقي هو منع تمدد الإرهاب إلى الدول الساحلية والمجتمعات المدنية الضعيفة، لضمان أمن غرب أفريقيا على المدى الطويل.
