الشرق الأوسط

موظفون أمميون بين مطرقة الحوثيين وادعاءات التجسس


 قالت وزارة الخارجية اليمنية التي يديرها الحوثيون إن الحصانة القانونية لموظفي الأمم المتحدة ينبغي ألا تحمي أنشطة التجسس، في محاولة لتبرير اعتقال 18 على الأقل من موظفي المنظمة الدولية في العاصمة صنعاء قبل أيام، بالإضافة إلى عشرات الموظفين الذين تم اعتقالهم قبل أشهر.

وأفاد مسؤول في حكومة صنعاء المرتبطة بالحوثيين الخميس بأن موظفي الأمم المتحدة الذين تم اعتقالهم قبل أيام، يشتبه بتجسسهم لحساب إسرائيل والولايات المتحدة.

وأعلن المبعوث الأممي الى اليمن هانس غروندبرغ الأحد أنّ الحوثيين اعتقلوا 11 على الأقل من موظفي المنظمة عقب غارة إسرائيلية على صنعاء الخميس، أسفرت عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وعدد من الوزراء.

وقال مصدر في وزارة الخارجية في صنعاء لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته “من تمّ القبض عليهم من موظفي الامم المتحدة متهمين بالتجسس لصالح العدوان الأميركي والإسرائيلي، ومن ثبتت تهمته سوف يحال الى المحاكمة”.

وقبل المداهمات التي تمت مطلع الأسبوع، احتجز الحوثيون بالفعل 23 من موظفي الأمم المتحدة، بعضهم منذ عام 2021. وتوفي موظف آخر في أثناء احتجازه لدى الحوثيين في فبراير/ شباط.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الأربعاء “حتى الآن لا تزال مقرات اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي تحت سيطرة الحوثيين”، داعيا مجددا إلى الإفراج فورا وبدون شروط عن جميع المحتجزين. وأضاف أن الحوثيين اقتحموا أيضا مجمع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وأكد دوجاريك على ضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، واحترام مقراتها في جميع الأوقات.

وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي يديرها الحوثيون، اتهمت الوزارة الأمم المتحدة بالانحياز وقالت إن المنظمة “سارعت لإصدار بيانات لإدانة الإجراءات القانونية التي اتخذتها الحكومة بحق خلايا التجسس التي شاركت في جرائم ومنها جريمة استهداف رئيس وأعضاء حكومة التغيير والبناء في حين لاذت بالصمت المريب ولم تدن تلك الجريمة التي تعد استهدافا لرموز الدولة ومؤسساتها الوطنية وسابقة خطيرة على مستوى المنطقة والعالم”.

وانقسم اليمن بين حكومة يديرها الحوثيون في صنعاء وحكومة شرعية في عدن منذ سيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران على صنعاء في أواخر عام 2014، مما أدى إلى اندلاع صراع مستمر منذ عقد.

وقالت الوزارة إن اليمن احترم “اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946 واتفاقية امتيازات وحصانات المنظمات المتخصصة لعام 1947 واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 مع التأكيد على أن هذه الحصانات لا تحمي الأنشطة التجسسية ومن يمارسونها ولا توفر لهم الغطاء القانوني”.

ويعد برنامج الأغذية العالمي أحد أكبر المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، إذ يقدّم مساعدات غذائية لملايين الأسر المتضررة من الحرب، إلا أن عملياته تواجه منذ سنوات عراقيل واسعة من قبل الحوثيين.

وتشمل هذه العراقيل فرض قيود على حركة موظفي الوكالات الإغاثية، واعتقال عدد منهم وإحالتهم إلى محاكمات صورية، فضلاً عن تعرض مستودعات المساعدات لعمليات نهب متكررة من قبل مسلحي الجماعة.

ولم تتوقف الانتهاكات عند ذلك، إذ تؤكد تقارير إنسانية أن الحوثيين يقومون بتحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية إلى تموين جبهات القتال، في حين يتم بيع كميات أخرى في الأسواق السوداء لتحقيق أرباح مالية على حساب الأسر الفقيرة التي تعيش أوضاعاً إنسانية بالغة الصعوبة.

ودفعت هذه الممارسات المتكررة منظمات دولية إلى التحذير من أن استمرارها يهدد بوقف أو تقليص برامج الإغاثة في اليمن، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم الأزمة الإنسانية التي تُعد الأسوأ على مستوى العالم، حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة وسوء التغذية.

وأواخر يناير/كانون الثاني، أعلنت الأمم المتحدة أنّ الحوثيين اعتقلوا 7 موظفين جدد، وتمّ تعديل العدد إلى 8، ليُضافوا إلى عشرات موظفي المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة الذين اعتُقلوا منذ يونيو/ حزيران 2024.

وبرّر الحوثيون تلك الاعتقالات باكتشاف “شبكة تجسّس أميركية إسرائيلية”، بحسب تعبيرهم، تعمل تحت غطاء منظمات إنسانية، وهي اتهامات رفضتها الأمم المتحدة بشدّة.

وأكّد غوتيريش أن كل ذلك “فرض مزيدا من القيود على قدرتنا على العمل بفعالية، كما قوّض الجهود المبذولة للتوسط نحو مسار يُفضي إلى السلام”.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الحوثيين للإفراج “الفوري” عن الموظفين الأمميّين وجميع المحتجزين “تعسفا” في بيان نشر في يونيو/حزيران الماضي.

وقال غوتيريش “يمر عام كامل على الاحتجاز التعسفي لعشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية على يد سلطات الأمر الواقع الحوثية في اليمن”.

وأضاف “أجدد دعوتي للإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، وكذلك عن أولئك الذين تم احتجازهم منذ عامي 2021 و2023، ومن احتجزوا مؤخراً في يناير /كانون الثاني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى