مَن المستفيد من استمرار الصراع في ليبيا؟
بعد أن حقق الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر انتصارات كبيرة ضد الجماعات الإرهابية، وبات قريبا من تحقيق الانتصار الكامل، في وقت عاشت تركيا أزمة اقتصادية حادة مما ساهم في هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية وصلت 7.26 لكل دولار.
في هذه الأثناء جدد النظام القطري هوايته بدعم كل من يريد إلحاق الضرر بعالمنا العربي، وكان ذلك عبر دعم مباشر لليرة التركية قوامه خمسة عشر مليار دولار في محاولة لوقف انهيارها في وقت تعيش حكومة السراج والجماعات الإرهابية في ليبيا هزائم متتالية.
بعد الدعم الكبير من قبل النظام القطري لتركيا، توالت التقارير التي تشير إلى إرسال النظام التركي آلاف المرتزقة إلى ليبيا لدعم ميليشيات السراج بعد أن منيت بسلسلة كبيرة من الهزائم، وواقع الأمر يقول إن صفقة حقيقة تمت بين قطر وتركيا إذ تزامن إرسال أردوغان آلاف المرتزقة إلى ليبيا مع حصوله على الدعم الكبير من قبل قطر. وقد ظهر ذلك مؤخرا مع ارتفاع الصوت التركي بتهديدات أردوغان “بقوله” سوف يرسل مزيدا من القوات إلى ليبيا التي تمثل بدورها منطقة مهمة جدا للنظام التركي:
حيث يرغب أولا أردوغان بأن تكون ليبيا نقطة ارتكاز وقاعدة دائمة للمشروع التوسعي التركي من أجل تقديم دعم لوجستي لأنصار الإخوان الإرهابين في دول مجاورة إلى ليبيا مع تركيز على مصر.
وثانيا تحريك الجماعات الإرهابية بشن مزيد من العمليات الإرهابية في عدة دول إفريقية، وتقديم الدعم اللوجستي للتيارات التي تتبع الإخوان من أجل خلق مزيد من الفوضى بالدول الإفريقية.
ثالثا السيطرة على النفط الليبي بحيث يشتريه النظام التركي بأقل الأسعار لما يمثله النفط من هدف ومطلب استراتيجي للنظام التركي لدعم اقتصاده. رابعا تسويق البضائع التركية والسلاح إلى دول إفريقية كونها تتناسب مع مداخيل الأفراد الضعيفة مما يكسبها سوقا كبيرا لبضائعها.
خامسا كسب مزيد من الدول الإفريقية عبر دعم التيار الإخواني ليكون أشبه بالتكتل التابع للنظام التركي لمحاولة منه لقيادة العالم الإسلامي والذي تتزعمه المملكة العربية السعودية الآن، ولذلك نجد أن النظام التركي مدعوما من النظام القطري يعتبر ليبيا هدفا استراتيجيا، وفي سبيل ذلك نجدهم يدعمون حكومة السراج بشكل كبير جدا كل ذلك كي لا تخسر تركيا ليبيا إذ تشكل أهم منعطف لمشروع أردوغان في أفريقيا وأهدافه التوسعية، تشكل ليبيا مسألة حياة أو موت لمشروعه وللإخوان الإرهابيين الذين تدعمهم قطر، وفي تفكيرهم البائس يتوقعون حال نجحوا في ليبيا، أن تكون نواة لتشجع الخلايا النائمة الأخرى في دول مجاورة إلى التحرك من جديد كي يمتد التوسع ليشمل أكثر من دولة.
صحيح أن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر يمتلك قوة عسكرية تستطيع التصدي لأطماع أردوغان التوسعية، وقد حقق انتصارات متتالية لكن من وجهة نظري يحتاج الجيش الوطني الليبي لدعم عربي أكبر من الموجود حاليا، خاصة وأن التركي تدخل بكل قوة وأرسل آلاف المرتزقة إلى ليبيا وكذلك السلاح. لذلك فإن الخطر الذي يشكله التدخل التركي عسكريا يفترض أن يقابله رفض عربي من قبل الجامعة العربية بالإضافة لدعم الجيش الوطني الليبي.
يخطئ من يعتقد أن أطماع أردوغان فقط بتواجده في ليبيا، بل هدفه هو وصول إلى حكومات دول إفريقية تتبع التيار الإخواني لتوصله إلى سدة الحكم كي تكون له قاعدة كبيرة بالقارة الأفريقية، وإن أحد أهم أهداف التدخل العسكري التركي في ليبيا مدعوما من النظام القطري، هي مصر لذلك نجدهم “يستميتون” في دعم ميليشيات السراج في ليبيا كي تشجع الخلايا النائمة الإخوانية في مصر لعمل الفوضى .
الشيء المثير للدهشة هو رغم الضعف الاقتصادي الكبير التي تعانيه تركيا خاصة بعد تداعيات كورونا وتوقف السياحة وارتفاع العجز الصناعي والتجاري، نجد أن اهتمام النظام التركي في التدخل بشؤون دول لا ناقة ولا جمل له فيها كل ذلك من أجل ثرواتها النفطية، ومع ذلك لن ينجح في مشروعه !، لذلك فإن المشروع التوسعي التركي بقيادة أردوغان لا يقل خطورة عن المشروع الإيراني التوسعي والقاسم المشترك في دعم هذه المشاريع النظام القطري، وهذا العام الثالث على مقاطعة قطر ومع ذلك لم تتوقف بالمضي قدما في تسخير أموالها مقابل تدخل تركيا دعما لحكومة السراج في ليبيا و دعما لمشاريع التوسعية الأجنبية سواء التركي أو الإيراني .
نقلا عن العين الإخبارية