سياسة

نظام صادم في أوكرانيا: مكافآت عسكرية على طريقة ألعاب الفيديو


تسعى أوكرانيا لتحفيز جنودها في ساحة المعركة عبر نظام مكافآت شبيه بألعاب الفيديو.

في الأشهر الأخيرة، اكتسب نظام هجوم أوكراني جديد يعتمد على المسيرات طابعاً فريداً يشبه ألعاب الفيديو وأصبح واسع الانتشار بين وحدات الجيش.

النظام الجديد يحمل اسم “نظام مكافآت جيش المسيرات” صممه المسؤولون الأوكرانيون بهدف رفع كفاءة الجنود وتحفيزهم على تحقيق نتائج ميدانية من خلال المنافسة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.

وقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدوروف إن النظام أصبح جزءاً أساسياً من العمليات العسكرية ويجسد التوجه المتزايد نحو تحويل الحرب إلى بيئة رقمية قائمة على البيانات.

وتقوم فكرة النظام على منح نقاط للمقاتلين الذين يحققون إصابات أو تدميراً لأهداف روسية، بحيث يمكنهم لاحقاً تبديل هذه النقاط بأسلحة ومعدات جديدة في متجر إلكتروني خاص يشبه “أمازون للحرب” ويحمل اسم “براف 1” ويحتوي على أكثر من مائة نوع من المسيرات والمركبات المستقلة والأجهزة الحربية الأخرى.

ويضم النظام لوحة متصدرين تعرض أسماء الفرق الأفضل أداءً، مثل “أخيل” و”فينيكس”، مما يزيد من روح التنافس بين الوحدات.

وشهد النظام توسعاً كبيراً ففي أغسطس/آب كانت هناك 95 وحدة مشاركة، بينما ارتفع العدد في سبتمبر/أيلول إلى 400 وحدة.

وأعلنت أوكرانيا أن هذه الوحدات نجحت في قتل أو جرح نحو 18 ألف جندي روسي خلال شهر واحد، مما يعكس فعالية النظام في الميدان في حين ضاعفت الحكومة مكافآت قتل الجنود الروس من 6 إلى 12 نقطة، تماشياً مع أولويات الحرب الجديدة.

وإضافةً إلى المسيرات الهجومية، توسعت فكرة النقاط لتشمل وحدات الاستطلاع والمدفعية واللوجستيات حيث يتم منح وحدات الاستطلاع نقاطاً عند تحديد مواقع العدو فيما يُعرف بـ”الاستهداف عبر أوبر”، إذ يحدد الجندي هدفاً على الخريطة ليقوم فريق آخر بإصابته بمسيرة، في عملية تشبه طلب سيارة عبر تطبيق أوبر.

أما وحدات اللوجستيات فتحصل على نقاط لاستخدامها المركبات المستقلة لإيصال الإمدادات إلى الخطوط الأمامية، بينما تكسب وحدات المدفعية نقاطاً عند تنفيذ ضربات ناجحة.

والنظام لا يقتصر على الحوافز فحسب، بل يمثل أيضاً مصدرا مهما للبيانات الاستخباراتية فكل عملية يتم تسجيلها عبر فيديو لتأكيد الإصابة، مما يمنح الجيش رؤية دقيقة حول أنواع الأهداف المصابة، والمواقع، والوسائل المستخدمة، ومدى فعاليتها.

ووفقاً لفيدوروف، ساعد هذا النظام في “فهم رياضيات الحرب” بشكل أفضل، حيث بدأت الوحدات تتبادل الخبرات فيما بينها، وأصبحت المنافسة دافعاً للابتكار الميداني.

وعلى الرغم من طابعه التنافسي، يؤكد القادة العسكريون أن الهدف ليس المتعة بل تحقيق المهام الحربية وأوضح قائد وحدة “أخيل” يوري فيدورينكو أن الانضباط هو العامل الحاسم لنجاح مشغلي المسيرات وليس مهارتهم في ألعاب الفيديو كما يسود الاعتقاد.

وأشار إلى أن مشغلى المسيرات يعملون أحياناً على بعد مئات الأمتار من الخطوط الأمامية مستخدمين شاشات وأجهزة تحكم مشابهة لتلك المستخدمة في الألعاب.

أما أندري بولتوراتسكي وهو قائد لوحدة أخرى فقال إن روح المنافسة موجودة داخل الوحدات وبينها، لكنها تختفي فور اندلاع هجوم روسي، حيث تتوحد الجهود لتحقيق الهدف العسكري الأهم، وهو حماية الأرواح الأوكرانية.

من جهة أخرى، أصبح النظام أيضاً أداة لتحفيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ تستخدم بعض المسيرات خوارزميات للتحكم في مسارها النهائي وتحديد الأهداف بدقة أكبر، مما يزيد من فاعلية الضربات.

كما يجري العمل على إدخال هذا النظام في المدفعية ووحدات الدعم اللوجستي، مما يعزز التكامل بين مختلف فروع الجيش الأوكراني.

في المقابل، حذر بعض الخبراء في معهد الخدمات المتحدة الملكي البريطاني من أن اعتماد أوكرانيا المفرط على المسيرات قد لا يكون نموذجاً مناسباً لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مشيرين إلى أن الدفاعات الروسية ضد هجماتها أصبحت متقدمة، ودعوا إلى إعادة التركيز على الأسلحة التقليدية مثل المدفعية والمقاتلات.

ورغم الانتقادات الأخلاقية التي قد تُثار حول تحويل القتل إلى لعبة نقاط، أكد فيدوروف أن الوضع فرض واقعية قاسية على الأوكرانيين، وقال إن الحكومة باتت “بلا عواطف تقريباً” في تحديد قيمة النقاط المرتبطة بالأرواح البشرية، لأن الهدف الأساسي هو “البقاء والدفاع عن الوطن”.

وأضاف أن استمرار الحرب جعل من الضروري التعامل مع العمليات القتالية بشكل “تقني وعملي” لا عاطفي.

زر الذهاب إلى الأعلى