هدنة غزة في اختبار جديد.. التصعيد السياسي يُعقّد فرص التهدئة

تبادلت حركة حماس وإسرائيل، السبت، الاتهامات بتعطيل المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
فالمفاوضات التي بدأت يوم الأحد، بدأت «تواجه تعثرا وصعوبات معقّدة نتيجة إصرار إسرائيل على خريطة للانسحاب قدمتها الجمعة، لإعادة انتشار وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي وليس انسحابا، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على أكثر من 40% من مساحة قطاع غزة وهو ما ترفضه حماس»، بحسب مصدر فلسطيني لـ«فرانس برس».
المصدر حذّر من أن خريطة الانسحاب «تهدف إلى حشر مئات آلاف النازحين في جزء من منطقة غرب رفح، تمهيدا لتنفيذ تهجير الفلسطينيين، وهذا ما ترفضه حماس».
وشدّد على أن وفد حماس المفاوض «لن يقبل الخرائط الإسرائيلية المقدمة؛ لأنها تمثل منح الشرعية لإعادة احتلال نحو نصف مساحة القطاع وجعل قطاع غزة مناطق معزولة دون معابر ولا حرية التنقل».
وأشار المصدر الفلسطيني إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين «طلبوا من الطرفين تأجيل التفاوض حول الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف للدوحة».
وشدّد مصدر فلسطيني ثان وهو مسؤول مطّلع، على أن «حماس طالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق التي تمت إعادة السيطرة الإسرائيلية عليها بعد 2 مارس/آذار الماضي؛ أي بعد انهيار هدنة استمرت لشهرين»، متهما إسرائيل بـ«مواصلة سياسة المماطلة وتعطيل الاتفاق لمواصلة حرب الإبادة».
لكنه أشار إلى «تقدم أحرز بشأن مسألة المساعدات وملف تبادل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ورهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة».
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإنه ” بعد أن قدمت إسرائيل خريطة تصور انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، والتي رفضتها حماس، ستقدم حماس قريبا خرائطها الخاصة.
بدوره، قال دبلوماسي عربي مشارك في المحادثات إن الدول الوسيطة لم تستسلم، “لكن الوضع ليس بسيطا”.
ووفقا له، “لم تنهار المحادثات بعد، لكن هناك عقبات كبيرة تحيط بخريطة انسحاب القوات التي قدمتها إسرائيل”.
وأضاف الدبلوماسي العربي أن الوسطاء يحاولون الموازنة بين رفض حماس، التي أوضحت أن الخريطة غير واقعية، والجانب الإسرائيلي الذي يواجه صعوبة في التوصل إلى توافق بين الجناح المتشدد في الحكومة حول خريطة أكثر واقعية.
وأضاف الدبلوماسي “في الوقت الحالي ينصب التركيز على التغلب على عقبة الخريطة”.
وأضاف: “أعرب الجانب الأمريكي عن استيائه للوسطاء العرب من الخريطة التي قدمتها إسرائيل”.
ماذا قالت إسرائيل؟
لكنّ مسؤولا سياسيا إسرائيليا رد متهما الحركة الفلسطينية برفض «تقديم تنازلات»، وبشن «حرب نفسية تهدف إلى تقويض المفاوضات».
وقال مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي للصحفيين يوم السبت، إن إسرائيل وافقت على صفقة الرهائن التي اقترحتها قطر والتي تستند إلى خطة ويتكوف، في حين رفضتها حماس.
المسؤول أشار إلى أن المفاوضات في الدوحة بشأن صفقة الأسرى مستمرة، زاعما أن محادثات جرت أيضا خلال السبت مع الوسطاء، وكذلك مصر وقطر.
وبحسب قوله، أُرسل الفريق الإسرائيلي إلى الدوحة بناءً على الاقتراح القطري، الذي وافقت عليه إسرائيل، وحصل على التفويض اللازم للمحادثات. وزعم المسؤول الكبير في مكتب رئيس الوزراء أن «حماس رفضت الاقتراح القطري، وتضع العراقيل، وترفض التنازل، وتُرافق المحادثات بحرب نفسية تهدف إلى تخريب المفاوضات».
وأشار المسؤول الكبير في مكتب نتنياهو إلى أن إسرائيل «أظهرت استعدادها للمرونة في المفاوضات، في حين تظل حماس ثابتة في رفضها، متمسكة بمواقف لا تسمح للوسطاء بالتوصل إلى اتفاق».
وفي وقت سابق من اليوم السبت، قال مسؤولون فلسطينيون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن مفاوضات وقف إطلاق النار على وشك الانهيار.
وقبل عودته الجمعة من زيارة إلى الولايات المتحدة التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صرح نتنياهو الخميس: «آمل أن يتسنّى لنا إنجاز (الصفقة) خلال بضعة أيام.. سيكون هناك على الأرجح وقف لإطلاق النار لمدّة ستين يوما نخرج خلاله الدفعة الأولى، وسنستفيد من مهلة الستين يوما للتفاوض على إنهاء الأمر». لكنه اشترط لذلك أن تتخلّى حماس عن سلاحها وتتوقّف عن حكم القطاع أو إدارته.
وزعم مسؤول فلسطيني أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أرسل عمدا وفدا إلى الدوحة في قطر، دون أن تكون لديه سلطة اتخاذ القرار الحقيقية بشأن نقاط الخلاف الرئيسية، من أجل كسب الوقت لإسرائيل في أثناء زيارته لواشنطن.
نقاط الخلاف
تشمل نقطة الخلاف الإسرائيلية نشر قوات الجيش الإسرائيلي خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة لـ 60 يومًا، وفقًا لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» سابقًا.
وزعمت حماس يوم الأربعاء وجود عدة نقاط خلاف من جانبها، منها تدفق المساعدات، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، و«ضمانات حقيقية» لوقف إطلاق نار دائم، مضيفةً أن «المحادثات كانت صعبة بسبب تعنت إسرائيل».
وتصر حماس على أن المساعدات يجب أن تدخل غزة ويتم توزيعها من خلال وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، في حين تدفع إسرائيل باتجاه توزيعها من خلال مؤسسة غزة الإنسانية.
حتى يوم الخميس، وصلت المحادثات إلى «طريق مسدود»، وفقًا لمصدر لصحيفة واشنطن بوست. وقال مصدر آخر: «كنا نعتقد أن الأمور ستتسارع بفضل الضغط الأمريكي والقطري. ستكون هناك حاجة لبضعة أيام أخرى على الأقل من المفاوضات».
واعترضت حماس على الاقتراح الإسرائيلي الثاني الذي قدم للوسطاء وتضمن نشر قوات من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المقترح لمدة 60 يوما.
ويتضمن العرض المحدث، الذي قدم في وقت متأخر من يوم الأربعاء، مرونة إسرائيلية متزايدة فيما يتعلق بوجود الجيش الإسرائيلي في أثناء وقف إطلاق النار في المنطقة الممتدة جنوبا من ممر موراج باتجاه ممر فيلادلفيا، الواقع على طول الحدود بين غزة ومصر.
تفاصيل الصفقة
- تتضمن الصفقة المطروحة إطلاق سراح عشرة أسرى أحياء ورفات ثمانية عشر رهينة في غزة خلال ستين يومًا.
- في المقابل، ستفرج إسرائيل عن عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
- هذا الإفراج سيتم بالتوازي مع الإفراج عن الأسرى، ودون أي مراسم رسمية.
- وفي المجمل، لا يزال 50 رهينة في غزة، من بينهم 20 رهينة على قيد الحياة وبقايا 30 شخصا.
ومنذ الأحد الماضي، حضر مفاوضون من إسرائيل وحماس ثماني جولات من المحادثات غير المباشرة في مبانٍ منفصلة بالدوحة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وتولى رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومسؤولون كبار في المخابرات المصرية، تيسير المحادثات. كما حضر المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك.