هل تدق أمريكا أبواب بنما مجددا؟.. قواعد عسكرية على الطاولة

مؤشرات متزايدة على عزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة رسم خطوط النفوذ العسكري والسياسي في أمريكا اللاتينية، خاصة في بنما.
وبعد نحو ربع قرن من انسحاب القوات الأمريكية، أعادت الإدارة الأمريكية طرح فكرة «إحياء» الوجود العسكري في ظل تعاظم المخاوف الأمريكية من تمدد النفوذ الصيني.
-
خبراء: دعم الإدارة الأمريكية لنتنياهو يعكس ازدواجية المعايير في واشنطن
-
أوروبا تتحرك لتعزيز أمنها.. هل اقتربت من الاستقلال عن المظلة الأمريكية؟
عرض أمريكي
وخلال زيارته لبنما، الأربعاء، طرح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث. إمكانية إعادة نشر قوات أمريكية في البلاد تحت عنوان «ضمان أمن قناة بنما»، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة تموضع استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة لطالما اعتبرتها حديقتها الخلفية.
هذه الدعوة أعادت إلى الأذهان مشهد التدخل العسكري الأمريكي في بنما عام 1989، والذي لا تزال ذاكرة البلاد تحتفظ بآثاره.
وخلال تصريحاته، أشار هيغسيث إلى أن وجودًا أمريكيًا جديدًا. يمكن أن يتم «بدعوة» من الحكومة البنمية، مؤكدًا أن اتفاقًا أمنيًا وُقّع هذا الأسبوع بين البلدين يمكن أن يشكل «فرصة لإحياء» قواعد عسكرية أو مواقع يمكن للقوات الأمريكية استخدامها بالاشتراك مع قوات الأمن البنمية لتعزيز القدرات الدفاعية في المنطقة.
-
خارطة الإدارة الأمريكية.. فهم البناء الاستراتيجي
-
ترامب وأسبوع الحساب: فلسفة الولاء في قلب السياسة الأمريكية
رد بنما
لكن المقترح قوبل برفض فوري من قبل الحكومة البنمية. حيث شدد وزير الأمن فرانك أبريغو. خلال مؤتمر صحفي مشترك مع هيغسيث، على موقف بلاده الرافض لعودة أي شكل من أشكال القواعد العسكرية الأجنبية.
وقال أبريغو إن الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو عبّر بوضوح عن رفضه التام لإقامة قواعد أو منشآت دفاعية أمريكية على أراضي بلاده.
ويأتي هذا الجدل وسط تصعيد لافت في خطاب الإدارة الأمريكية. بشأن النفوذ الصيني في بنما والمنطقة، إذ كرر الرئيس ترامب في أكثر من مناسبة مخاوفه من أن بكين أصبحت تهيمن على القناة عبر شركات مسجلة في هونغ كونغ تدير موانئ استراتيجية على طرفي الممر الملاحي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.
-
الولايات المتحدة الأمريكية ترسل مساعدات إنسانية بقيمة 266 مليون دولار لأفغانستان
-
العودة الأمريكية الفضفاضة إلى المنطقة
وأشار هيغسيث إلى أن بلاده لا تسعى إلى صراع مباشر مع الصين. لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بـ«التهديدات الصينية» في القارة الأمريكية. وشدّد على ضرورة أن تحظى السفن الأمريكية بأولوية المرور في القناة. بل وذهب إلى حد المطالبة بأن تُعفى هذه السفن من الرسوم، في ظل اتهامات من واشنطن بأن بنما تفرض أسعارًا باهظة على عبور السفن الأمريكية.
وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت في مارس/آذار الماضي، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين. أن البيت الأبيض طلب من وزارة الدفاع بحث خيارات لزيادة الوجود العسكري الأمريكي في بنما.
وقد أثار التقرير غضبًا واسعًا في البلاد، خصوصًا في ظل حساسية تاريخية ترتبط باحتلال القواعد الأمريكية لأراضٍ بنمية حتى نهاية القرن الماضي.
-
بعد الليلية الصادمة.. الشرطة الأمريكية تبحث عن سارقي الكونجرس
-
هل يملك الكونغرس أدوات كبح تعريفات ترامب الجمركية؟
تاريخيًا، كانت الولايات المتحدة قد سيطرت على قناة بنما منذ حفرها. وحتى تسليمها رسميًا لبنما في 1999، ضمن اتفاقيات امتدت لعقود. غير أن أطرافًا داخل الإدارة الأمريكية، وخصوصًا في عهد ترامب. ما زالت ترى في القناة أحد الأعمدة الحيوية للمصالح الأمريكية في نصف الكرة الغربي، وهو ما يدفعها إلى التفكير بإعادة فرض نفوذها، ولو بشكل غير مباشر.
ولا يمكن فصل هذه التحركات عن السياق السياسي الأوسع الذي تتبناه إدارة ترامب حاليًا، والذي يتجه نحو إعادة إنتاج أدوات النفوذ العسكري الكلاسيكي. خصوصًا في ظل التوترات العالمية المتصاعدة والمنافسة مع الصين على الممرات التجارية الحيوية.