سياسة

هل تنتهي أزمة باشاغا والدبيبة في ليبيا؟


انفراجة وشيكة لأزمة الحكومتين في ليبيا قد تعيد المشهد السياسي في هذا البلد إلى مسار يعبد طريق الاستقرار.

ما زالت تجد صعوبة في ممارسة مهامها، بسبب عدم تسليم سابقتها السلطةفبعد قرابة أسبوعين على تأدية حكومة فتحي باشاغا الجديدة اليمين أمام البرلمان.

حيث تلوح مؤشرات داخلية وخارجية تسارعت وتيرتها خلال الأيام القليلة الماضية، كشفت عن قرب انتهاء أزمة “تعنت” رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة.

تطورات الداخل

أول تلك المؤشرات، كانت تسارع وتيرة الاستقالات في حكومة الدبيبة والتي لم تجد أمامها إلا تكليف “وزراء” بمهام آخرين لسد الشواغر الحاصلة كان آخرها تكليف وزير العمل والتأهيل علي العابد بتولي حقيبة وزارة الخدمة المدنية خلفا لعبد الفتاح خوجة الذي استقال من منصبه.

فيما كانت الجهة المقابلة على موعد مع اكتمال أداء 11 وزيرًا من تشكيلة باشاغا اليمين الدستورية، أمام رئيس البرلمان عقيلة صالح. بعد أن تعذر وصولهم في 3 مارس الجاري إلى مدينة طبرق شرقي ليبيا، حيث تعقد جلسة البرلمان.

ثاني تلك المؤشرات، كان تسلم حكومة باشاغا المقار الوزارية شرقي البلاد من الحكومة السابقة، بحسب نائب رئيس الحكومة علي القطراني الذي أكد أن إجراءات الاستلام تمت الخميس، في “أجواء إيجابية وديمقراطية”.

وقال مدير المكتب الإعلامي بديوان رئاسة الوزراء ببنغازي، صلاح الغزالي، في تصريحات صحفية، إن مراسم التسليم والتسلم والتي تمت بحضور مجموعة من الوزراء. على رأسهم القطراني ومجموعة من أعضاء البرلمان وعميد بلدية بنغازي ومديرو مديريات الأمن بالمنطقة الشرقية والجنوبية. أكد فيها الحاضرون شرعية الحكومة الجديدة التي ستباشر عملها من العاصمة طرابلس قريبا.

وبعد أن أصبحت المنطقة الشرقية كاملة تحت سيطرة حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا، سيكون الجنوب الليبي أيضا على الموعد، بحسب الغزالي الذي أكد أن الأسبوع القادم سيشهد تسليم وتسلم مقر رئاسة الوزراء، لتكون هذه ثالث مؤشرات تساقط أوراق الدبيبة.

بدوره، حذر عضو مجلس النواب سعيد امغيب، في تصريحات صحفية، الدبيبة، معتبرا أن تمسكه بعدم التسليم لا يدعو إلى الانقسام فقط وإنما العودة للمربع الأول ودائرة العنف والصراع المسلح.

ولفت سعيد امغيب إلى أن وجهة نظر المجتمع الدولي والدول المتدخلة في الشأن الليبي، تغيرت بعد عدم “انجرار” باشاغا إلى الحرب، ورغبته في دخول العاصمة بقوة السلام لا السلاح، مشيرًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد الاعتراف بالحكومة دوليا.

مؤشر حاسم

إلا أن مؤشرًا رابعًا يعتبره مراقبون “الأكثر تأثيرًا” في أزمة الحكومتين بليبيا، كون حسمه سيعجل بنهاية الأزمة، يتمثل في اجتماع عقده، مساء الخميس، الرؤساء المشاركون لمجموعة العمل الاقتصادية التابعة للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا (الاتحاد الأوروبي ومصر والولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة)، مع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.

وبحسب البيان الصادر عقب اللقاء، فإن الرؤساء المشاركين أكدوا ضرورة استمرار استقلالية المؤسسات السيادية مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

وستحرم مناشدة الرؤساء المشاركين ضرورة حيادية واستقلالية المؤسسات السيادية مثل مصرف ليبيا المركزي، الدبيبة من الإيرادات التي تنعش خزينة وزرائه، وتجعل فرصه محدودة على المناورة، مما يعجل بحل أزمة الحكومتين؛ بعد أن “يرضخ” لتسليم السلطة.

مؤشرات خارجية

لم تكن الإشارات على قرب انتهاء الحكومة نابعة من الداخل فحسب؛ بل إن الأطراف الدولية وتصريحاتها كانت مؤثرة بشكل كبير، خاصة أنها جاءت من أطراف “مؤثرة” في الأزمة الليبية، وتمحورت حول أزمة الحكومتين.

أول تلك المؤشرات، كانت من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أجرى سفيرها مؤخرًا مشاورات في العاصمتين التونسية والمصرية، لحلحلة تلك الأزمة.

إلا أن ما كشف عن تحول في الدفة الأمريكية، كان تصريح السفير الأمريكي نورلاند، والذي طالب مساء الخميس، الدبيبة بالتعامل مع رئيس الوزراء فتحي باشاغا المكلف من مجلس النواب، لتجنب تصعيد التوترات التي قد تؤدي إلى العنف، في إشارة إلى ضرورة تسليم السلطة.

ودعا نورلاند إلى إعادة فتح المجال الجوي الليبي أمام جميع الرحلات الجوية الداخلية، وهي الورقة التي استخدمها الدبيبة لمنع وزراء حكومة باشاغا من الوصول إلى العاصمة طرابلس، بعد إيقافه الرحلات الداخلية بين الشرق والغرب.

ولم تكن المؤشرات والرسائل الخارجية مقتصرة على أمريكا، بل أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه ساباديل، في سلسلة تغريدات عبر حسابه بـ”تويتر” الجمعة، ضرورة ضمان استقلالية وحياد المؤسسات الليبية، بما يعود بالنفع على الاستثمارات المستقبلية والمساهمة في الاستقرار والازدهار، وهي ورقة من شأنها أن تحرم الدبيبة من الدعم المالي.

رسالة وحل وشيك

رسائل أخرى كانت على طريق التحول نحو دعم الحكومة الجديدة، صدرت هذه المرة من سفير التشيك لدى تونس وليبيا جان فيسيتال، والذي أكد خلال لقائه باشاغا، على أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية، وتنظيم الانتخابات عبر المفوضية العليا للانتخابات، متجاهلا الحديث مع الدبيبة.

إلا أن الرسالة التي يعتبرها مراقبون الأكثر تأثيرًا في الدعم الخارجي لمهمة حكومة الاستقرار، تلك التي جاءت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والذي أشاد بـ”الدعم الواضح” الذي تلقته حكومة باشاغا عند تكليفها.

وفيما أكد غوتيريش على ضرورة حفظ الاستقرار في ليبيا، شدد الطرفان على ضرورة التعاون مع البعثة الأممية للدعم ومستشارة الأمين العام ستيفاني ويليامز خلال الفترة القادمة.

مؤشرات داخلية وخارجية أيدها المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، والذي قال إنها إيجابية وتكشف عن حل قريب للأزمة، مشيرًا إلى أن أوراق الدبيبة بدأت في التساقط منذ فشله في الوصول بالبلاد إلى الانتخابات في 24 ديسمبر الماضي.

وأوضح المحلل الليبي أنه رغم تسارع وتيرة استقالات وزراء وسفراء الدبيبة، فإن هذا لا يعني أن الأخير استسلم بسهولة؛ فهو يناور منذ ذلك الوقت وقد ينجح في تحقيق بعض أهدافه، التي من بينها ضمان ترشيحه لنفسه للرئاسة.

وأشار إلى أن “الدبيبة الذي يماطل بشكل أو بآخر في تسليم الوزارات بالعاصمة، أصدر قرارات مؤخرًا بصرف أموال للشعب، في تصرف رأى أنه يدل على أحد أمرين: الأول أنه يحاول كسب الشارع الليبي في صفه ولن يسلم السلطة أبدا؛ فيما الثاني أنه يسابق الزمن في مغازلة الليبيين وترك انطباع بأنه الرجل السخي، لكسب الأصوات الانتخابية حال احتياجه لها“.

وحول إمكانية اللجوء للعنف، قال بلعيد إنه رغم أن كل الاحتمالات واردة، إلا أنه من المرجح أن تقود المفاوضات الغربية والداخلية إلى إنهاء الأزمة الحالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى