سياسة

هل يبتلع الإرهاب موريتانيا


عبر الحدود الغربية لمالي الإرهاب يدق أبواب موريتانيا، ويشي بتمدد وشيك لخارطة تنذر بابتلاع ساحل أفريقي مثقل بالتهديدات والثغرات.

الأمر بات خارج السيطرة كما يحذر خبراء، والمخاطر لا تقتصر على القارة السمراء، وإنما تهدد العالم بأسره، بدءا بأوروبا التي تمتلك منافذ مع منطقة الساحل.

فمع انسحاب العملية العسكرية الفرنسية “برخان” من مالي والساحل عموما، تتوسع الثغرات الأمنية والمنافذ التي تتخذها التنظيمات الإرهابية نقاط عبور للضرب بقوة في جسد منطقة مثقلة بالندوب والهجمات.

ومساء الأربعاء الماضي، استهدف إرهابيون ثكنة عسكرية ومقرا للجمارك ببلدة يليماني القريبة من الحدود مع موريتانيا في كايس، وهي منطقة نادرا ما تشهد هجمات، ما أسفر عن سقوط قتيلين.

خارطة حمراء

وبتمدد العمليات إلى الغرب المالي، يرتفع منسوب المخاوف من إغراق موريتانيا مجددا في مستنقع الإرهاب، وهي التي لم تتعرض للهجوم منذ عام 2011، لترسم بذلك ملامح خارطة قد تضيف هذا البلد إلى رمال المتطرفين.

وفي تشاد، ومع أن هذا البلد لا يزال يسيطر على مجاله الإقليمي، إلا أنه يتعرض لهجمات متفرقة، استهدف أحدثها جزيرة بوكا تولوروم الواقعة على ضفاف بحيرة تشاد، ونسب إلى جماعة بوكو حرام المسلحة.

 النيجر أيضا نجحت حتى الآن في منع الإرهابيين من السيطرة على مناطق بها، وتمكن جيشها من صد محاولات عدة لبوكو حرام، منذ أول هجوم نفذته على أراضيها وتحديدا في منطقة ديفا، العام 2015.

نجاح يأتي جزئيا بدعم وإسناد جوي من القوات الفرنسية التي لا تزال تنتشر في النيجر رغم انسحابها من مالي، لكن في المقابل، تغرق بوركينا فاسو في أتون هجمات منتظمة من قبل الإرهابيين والعصابات ممن سيطروا على أكثر من 40 % من أراضي البلاد.

وفي غضون ذلك، تستمر مالي في الغرق تحت الضرب الرهيب للإرهابيين الذين يحتلون أو يهددون 80 % من أراضيها، في آفة امتدت من الشمال والوسط إلى الغرب، ما يؤكد تحذيرات أممية سابقة من خروج الوضع عن السيطرة.

ففي 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال اجتماع على هامش الجمعية العامة للمنظمة الدولية، عن قلقه بشأن “انعدام الأمن” و”عدم الاستقرار” في منطقة الساحل، واصفا الأمر بـ”التهديد العالمي” .

ابتلاع أفريقيا!

في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حذر الرئيس الغاني نانا أكوفو-أدو نظراءه من أن تدهور الأمن في منطقة الساحل “يهدد بابتلاع كل أفريقيا من الغرب”. 

الرئيس الغيني حذر -خلال افتتاح اجتماع مبادرة أكرا المنعقد مؤخرا بالعاصمة الغينية- من أن “الجماعات الإرهابية التي شجعها نجاحها الواضح في المنطقة، تسعى إلى مناطق جديدة للعمليات، وهذا ما أدى إلى تطور التهديد الموجه للجنوب”.

 

من جانبه، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، بالاجتماع نفسه: “منذ سنوات، كنا نتحدث عن خطر عدوى التهديد الإرهابي من منطقة الساحل إلى الدول الساحلية. اليوم  لم يعد هذا خطرًا، إنه حقيقة واقعة، ومالي وبوركينا الحلقات الأضعف”.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدثت فيكتوريا نولاند، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية، لدى عودتها من زيارة إلى منطقة الساحل، عن زيادة بنحو 30% في الأعمال الإرهابية بمالي.

حلول!

في يونيو/حزيران الماضي، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، المعروفة اختصارا بـ”مينوسما”، لمدة عام واحد، في خطوة اعتبر خبراء أنها لن تجدي نفعا في ظل انسحاب فرنسا الكامل، لاحقا، من البلد الأفريقي، ودون دعم استخباراتي من الولايات المتحدة.

ونص القرار على الحفاظ على القوة العاملة الحالية الموجودة في البلاد منذ عام 2013، أي أكثر من 13 ألفا من الجنود وضباط شرطة، فيما دعا الموظفين إلى المغادرة، قبل أن تعلن حوالي 15 دولة، من المشاركة بالقوات والمعدات، الانسحاب من البعثة في غضون أسابيع قليلة لاحقة.

 القرار نفسه طلب من غوتيريش أن يقدم، بحلول يناير المقبل، تعديلا لشكل مينوسما وتقييم علاقاتها مع المجلس العسكري الحاكم في مالي، ما يشي بأن منسوب القلق الدولي من الوضع بالبلد الأفريقي ومنطقة الساحل عموما بلغ ذروته في ضوء تطورات ميدانية بالغة التعقيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى