اخترنا لكم

هل يعيد الكاظمي العجلات للدوران؟

مشاري الذايدي


في خطوة شجاعة، ونادرة، أصدر مجلس القضاء الأعلى بالعراق أوامر تقضي بإيقاف القيادي الإرهابي في «الحشد»، قاسم مصلح، قائد عمليات الأنبار.

لعظم الأمر اجتمعت الرئاسات الأربع بالعراق، رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان والقضاء، للتباحث في أمر قاسم والتحقيق معه، وصدر بيان عنها بعد تهديدات صادرة من فصائل «الحشد»، وجاء في بيان الرئاسات إنه «يجب دعم الدولة في حصر السلاح بيدها لوأد الفتنة، واتخاذ مواقف موحدة وجادة وحاسمة لتدارك الأزمة».

الجهات المنخرطة في التحقيق مع الإرهابي قاسم مصلح، هي العمليات المشتركة والأمن الوطني والاستخبارات، بالإضافة إلى ممثل عن «الحشد». تخيّل! ومع ذلك فزعماء «الحشد» غاصبون ثائرون.

قاسم مصلح ليس مجرد مخالف لقانون المرور، بل رجل تلطخت يده بالدماء، وتابع رسمي لـ«الحرس الثوري» الإيراني، متهم بقتل نشطاء العراق، خاصة في كربلاء، أمثال إيهاب الوزني وفاهم الطائي، بالرصاص، أمام منازلهم، وقد أعلنت والدة الوزني عن تهديدات مباشرة لابنها من قاسم هذا، وقالت إنه قال لابنها «سأقتلك ولو بقي في عمري يوم واحد»!

وتم نشر وثائق حول اغتيال الوزني والطائي وغيرهما.

عرّض قاسم أيضاً مصالح العراق العليا للخطر من خلال استهداف القواعد الأميركية، تنفيذاً لرغبات «الحرس الثوري».

هو ضالع، وأمثاله، في خراب كبير بالعراق، مثاله، أنه منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية العراقية قبل نحو عامين، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، فيما خطف عشرات آخرون لفترات معيّنة.

سبق للجهات السيادية في الدولة العراقية إيقاف بعض قيادات وفاعلي الحشد «الولائي»، وهي التسمية العراقية المحلية المقصود بها الفصائل الحشدية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

لكن سلطات الدولة لم تصمد وسارعت بالإفراج عنهم، فهل تفعلها هذه المرة وتخضع لتهديدات قيادات «الحشد»، أمثال قيس الخزعلي وشبل الزيدي، وتخرج زميلهم وشريكهم في تخريب العراق، قاسم مصلح؟

الامتحان عسير والوقت قصير، والعراق يخوض في مخاضة الألم ويحاول الخروج من نفق الفساد، الذي لفصائل «الحشد»، النصيب الأوفى منه، فهل تفلح الدولة العراقية ممثلة بمؤسساتها السياسية والتنفيذية والقضائية والأمنية والتشريعية، في الانتصار للدولة ضد الميليشيا؟

من المعضلات الصعبة، شرعنة وجود «الحشد»، في جسد الدولة من خلال تصويت سابق للبرلمان، الذي الأغلبية فيه كانت وما زالت لهذه الفصائل، لكن ربما تحمل هذه المعضلة بارقة أمل في داخلها! نعم حيث إن تبعية «الحشد» للقائد الأعلى للقوات المسلحة، نظرياً اليوم، تمنح رئيس الحكومة، وهو في حالتنا هذه مصطفى الكاظمي، شرعية السيطرة عليها.. إذا تعافى جسد الدولة العراقية ولو بعد حين.

قد ينجح الكاظمي وقد يخفق، خاصة مع قرب الدعوة للانتخابات ومفرزاتها، لكن الأهم هو أنه ثمة مسار شرعت بالمشي عليه عجلات الدولة العراقية، عجلات ربما تغيّر مجرى التاريخ، كما غيّرت العجلات السومرية شكل العالم منذ القدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى