إن الكثير من التساؤلات التي تطرح أحياناً، عندما يتعلق الأمر بمواجهة المليشيات الإيرانية المنتشرة في عدد من الدول العربية.
هي تساؤلات مشروعة ومنطقية، لكنها ترتكز في شكلها ومضمونها حول قراءة سطحية غير معمقة لماهية التعاطي العربي، لا سيما الخليجي منه مع هذا الشأن.
ويأتيكم مَن يقول إنه لا توجد خطة عربية لمواجهة أخطار الأذرع والمليشيات الإرهابية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهذا القول عارٍ عن الصحة وغير واقعي في مجمله وتفاصيله، لأن الخطة موجودة وكثير من بنودها تطبق كل يوم.
فما تقوم به السعودية حيال التدخلات الإيرانية في الدول العربية، هو بالفعل جهود منظمة تتلاقى كماً وكيفاً مع مواقف عدد لا بأس به من الدول العربية، وفي مقدمتها الإمارات، بغية الحفاظ على السلم والاستقرار في الإقليم، وتجنب مخاطر العبث في مصالح العرب شعوباً وحكومات.
فالتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن هو شكل من أشكال هذا المخطط العربي، وما عملت عليه الرياض وأبوظبي ودول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، أسهم بمنع الجماعة الحوثية الانقلابية في صنعاء من السيطرة على بقية المحافظات اليمنية، كما حرم التحالف العربي إيران بالدرجة الأولى من فرض أجندتها في هذه الدولة العربية المجاورة لدول مجلس التعاون الخليجي.
الانفتاح السعودي والإماراتي على العراق الشقيق، واستقبال الرياض وأبوظبي لرئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي قبل مدة، كلها أمور تأتي في سياقات مهمة من جدول أعمال هذا المخطط العربي، الذي يهدف لتقليل النفوذ الإيراني في العراق، وصولاً إلى إنهائه بشكل كامل، كي تستعيد بغداد مكانتها وعافيتها بين بقية أبناء الأسرة العربية.
الموقف السعودي الصريح والواضح من لبنان، ينطوي على معايير سياسية واقتصادية ودبلوماسية قوية، ترفض تلك المعايير هيمنة مليشيا حزب الله على لبنان، كما تشير المعطيات السعودية هنا إلى التوقف عن منح لبنان الرسمي أي مبالغ مالية أو مساعدات لوجستية، سيحصل عليها في نهاية المطاف عملاء إيران في لبنان، مثل حسن نصر الله وحلفائه.
وثبات السعودية ودول الاعتدال العربي الحليفة لها، عند نقاط الحل السياسي العادل والشامل في سوريا، وضرورة المباشرة بفرض هذا الحل قبل الحديث عن إعادة الإعمار، كلها تصب في خانة تحجيم إيران بسوريا، وعدم السماح لها بالتمدد أكثر فأكثر، لأن ما يخوضه الإيرانيون اليوم هناك، هو شيء يشبه حروب الاستنزاف المصيرية.
كما أن السياسة التركية التي تظهر خبايا التماهي مع المشروع الإيراني في المنطقة، تمت مواجهتها على مدى سنوات مضت من قبل السعودية والإمارات، حتى بتنا نرى الرئيس التركي أردوغان اليوم يسارع في كسب ودّ مصر على سبيل المثال، بغية خطب ودّ الدول الخليجية العربية الأخرى فيما بعد.
والخلاصة التي أود الوصول إليها في ختام هذا المقال، أن المخطط لردع المليشيات الإيرانية وإنهاء جميع مظاهر احتلالها لعدد من البلدان العربية موجود، ولكن هناك مَن يريد إنكار ذلك بغية تغطية فشله، والمصيبة في عالمنا العربي تكمن في أولئك الذين خانوا أوطانهم وسلموها للولي الفقيه.