هل يُعيد تشكيل السياسة الجنوب إفريقية؟
تشهد جنوب إفريقيا تحولات سياسية دراماتيكية مع اقتراب موعد الانتخابات العامة. حيث يخوض حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم معركة شرسة للحفاظ على أغلبيته البرلمانية بعد 30 عامًا من السيطرة على السلطة، في هذا السياق. يعود الرئيس السابق جاكوب زوما إلى الساحة السياسية، ليس كمرشح، ولكن كقوة مؤثرة قد تُعيد تشكيل الخارطة السياسية للبلاد.
في الأسبوع المقبل، يتوجه الناخبون في جنوب إفريقيا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات عامة تحمل في طياتها تحديات كبيرة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم. وبعد ثلاثة عقود من السيطرة، يواجه الحزب احتمالية فقدان أغلبيته البرلمانية، وهي سابقة تاريخية قد تُعيد رسم مستقبل البلاد السياسي.
دور حيوي
رغم منعه من الترشح لمنصب الرئاسة، يستمر الرئيس السابق جاكوب زوما في لعب دور حيوي في السياسة الجنوب إفريقية، بعد خروجه من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. أسس زوما حزب أومكونتو ويسيزوي (MKP)، الذي استلهم اسمه من الجناح المسلح للحزب الحاكم خلال حقبة النضال ضد الفصل العنصري.
زوما، الذي يبلغ من العمر 82 عامًا، يقود حملة انتخابية نشطة. متحديًا قرارات المحكمة الدستورية التي منعته من الترشح للبرلمان، في مقابلة مع بي بي سي، أعرب عن استيائه من قرار المحكمة ودعا إلى تعديل الدستور، مما يعكس إصراره على البقاء في المشهد السياسي.
اختبار حقيقي
تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب زوما الجديد قد يحصد ما يصل إلى 15% من الأصوات على مستوى البلاد، وهو ما قد يجعله لاعبًا أساسيًا في تشكيل الحكومة المقبلة إذا لم يتمكن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من تأمين الأغلبية البرلمانية. هذا السيناريو سيمنح زوما فرصة لإعادة التأكيد على تأثيره السياسي، وربما يكون له دور في تحديد من سيحكم جنوب إفريقيا.
أفادت مجلة فورين بوليسي بأن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في حالة انحدار. حيث تراجعت ثقة الناخبين به بشكل كبير. يشير التقرير إلى أن الشباب. الذين يمثلون شريحة كبيرة من الناخبين، يشعرون بالإحباط من العملية الديمقراطية ولا يرون فيها وسيلة فعالة لتحقيق التغيير.
في هذا السياق، قال الدكتور رأفت محمد، خبير الشؤون الإفريقية: إن الانتخابات القادمة في جنوب إفريقيا تعد اختبارًا حقيقيًا لنضج الديمقراطية في البلاد.
وأضاف أن عدم رضا الناخبين، خاصة الشباب، عن الأداء الحكومي وفقدان الثقة في النظام السياسي يعكسان ضرورة إصلاحات جذرية.
وتابع، أن ظهور زوما مجددًا كلاعب رئيسي يعكس الفراغ الذي خلفه ضعف القيادة الحالية. وقدرته على جذب قاعدة شعبية كبيرة تشير إلى استمرار التأثير الشخصي في السياسة الإفريقية.
الاحتمالات المستقبلية
في حال فشل الحزب الحاكم في تحقيق الأغلبية، سيضطر إلى تشكيل تحالفات. وربما يجد نفسه مضطرًا للتفاوض مع حزب زوما الجديد. هذا التحول قد يكون له تداعيات كبيرة على السياسات العامة واتجاهات البلاد في السنوات القادمة.
منطقة كوازولو ناتال، معقل زوما التقليدي، تعد ساحة معركة رئيسية في الانتخابات المقبلة. تشير الاستطلاعات إلى أن حزب زوما قد يفوز بنسبة تصل إلى 46% من الأصوات في هذه المنطقة، مما يعزز موقفه التفاوضي ويجعله شريكًا محتملًا في أي تحالف مستقبلي.
شغل جاكوب زوما منصب رئيس جنوب إفريقيا من 2009 إلى 2018. لكنه اضطر للتنحي وسط اتهامات بالفساد. ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة العام المقبل بتهم تتعلق بالرشوة. ورغم ذلك، لا يزال زوما يحتفظ بتأييد قوي بين شرائح معينة من السكان، خاصة في المناطق الريفية.
بعد سجنه في 2021، شهدت البلاد أعمال شغب عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات. وعندما سئل زوما عن دعوته للهدوء قبل الانتخابات، أكد أنه دائمًا ما يدعو إلى السلام. ولكن يبقى الوضع متوترًا مع اقتراب موعد التصويت.