واتارا على أعتاب الولاية الرابعة.. انتخابات كوت ديفوار بين الطموح والجدل
وسط توقعات بفوز الرئيس الحسن واتارا بولاية رابعة، اعتبر خبراء أن نتائج الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ساحل العاج، بمثابة «منعطف حاسم». في مسار البلد الأفريقي.
اقتراع جرى في أجواء «هادئة نسبياً»، نتائجه ستضع القيادة الجديدة، أياً كانت، أمام تحديات كبرى تتعلق بالمصالحة الوطنية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والأمني، بحسب خبراء.
فبعد سنوات من الانقسام، بات أكبر تحدٍ يواجه الرئيس المقبل هو ترسيخ المصالحة الوطنية، بحسب الدكتور موسى ديارا الباحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأفريقية في داكار، مؤكدًا ضرورة «إطلاق إصلاحات اقتصادية تُعيد الثقة للمناطق التي شعرت بالتهميش خلال السنوات الماضية».
توازن إقليمي
وأضاف ديارا أن «الاستقرار في ساحل العاج لا يمكن فصله عن التوازن الإقليمي في غرب أفريقيا، فنجاح الحكومة المقبلة في تعزيز الحوار الوطني وتوزيع التنمية بشكل عادل سيكون عاملاً حاسمًا في الحفاظ على الدور القيادي لأبيدجان داخل القارة».
وأكد أن البلاد بحاجة إلى «مقاربة جديدة تجمع بين الأمن والتنمية»، مشددًا على أهمية دعم الشباب وتمكين المرأة في المناطق الريفية لخلق بيئة سياسية أكثر شمولاً واستدامة.
وعبر الباحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأفريقية عن اعتقاده بأن نتائج الانتخابات الحالية ستعكس رغبة الإيفواريين في الاستقرار أكثر من التغيير، مما يضع على عاتق القيادة المقبلة مسؤولية تجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين.
وأعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة في ساحل العاج أن النتائج النهائية ستصدر يوم الإثنين، بعد أن أظهرت المؤشرات الأولية تقدماً واسعاً للرئيس الحسن واتارا (83 عاماً)، ما يمهد الطريق أمامه لولاية رابعة.
وشارك في الانتخابات نحو 9 ملايين ناخب في الدولة التي تُعد أكبر منتج للكاكاو في العالم، وتعتبر أحد أعمدة الاستقرار في منطقة غرب أفريقيا التي تواجه موجة من الانقلابات والهجمات المسلحة.
وفي المناطق الشمالية ذات الغالبية المالينكية – وهي المجموعة العرقية التي ينتمي إليها الرئيس – حقق واتارا نسب تصويت شبه كاملة تجاوزت 98% في بعض المناطق مثل سيغيلا وكاني وفرّكيسيدوغو، مع نسب مشاركة قاربت 100% في بعض الدوائر الريفية.
وفي المقابل، سجلت مناطق الجنوب والغرب نسب مشاركة ضعيفة، لكنها حافظت على تقدم واتارا، بما في ذلك منطقة كوكودي الراقية في أبيدجان، حيث نال حوالي 68% من الأصوات رغم مشاركة أقل من 20% من الناخبين، وفقًا للمؤشرات الأولية غير الرسمية.
فرصة تاريخية
أما البروفيسور كوامي نكروما جونيور، من معهد السياسة الأفريقية في أكرا، فأكد أن «ساحل العاج أمام فرصة تاريخية لتعزيز دورها كقاطرة للاستقرار الاقتصادي في غرب أفريقيا»، لكنه شدد على أن «التحدي الأمني في الشمال المتاخم لمنطقة الساحل سيظل أولوية لأي إدارة جديدة».
وبينما تشهد الحدود مع مالي وبوركينا فاسو نشاطًا متزايدًا للجماعات الإرهابية، اعتبر نكروما أن «التحدي الأكبر الذي ينتظر الحكومة الجديدة يتمثل في احتواء التوترات الأمنية في الشمال».
وأكد أن نجاح أبيدجان في حماية حدودها وتعزيز تعاونها الاستخباراتي مع دول الجوار «سيكون عاملاً حاسمًا في الحفاظ على موقعها كركيزة للاستقرار السياسي والاقتصادي في غرب أفريقيا».
وأوضح أن «إدارة الحسن واتارا، إذا ما تأكد فوزه، مطالَبة بإرساء نموذج تنموي أكثر توازنًا بين المناطق الشمالية والجنوبية، لضمان توزيع عادل لعائدات النمو الاقتصادي الذي حققته البلاد خلال العقد الأخير».
اقتراع هادئ نسبياً
ورغم سير العملية الانتخابية في أجواء هادئة بشكل عام، أعلنت وزارة الداخلية عن وقوع حوادث في نحو 2% من مراكز الاقتراع (قرابة 200 موقع).
وتم تسجيل وفاتين و22 إصابة في اشتباكات متفرقة في الجنوب والغرب، فيما أكدت السلطات أن هذه الحوادث لم تؤثر على سير الانتخابات.
وفي بيان أمني رسمي، أفادت الشرطة أن القوات نُشرت في المناطق المتوترة «للحفاظ على النظام وضمان استمرار العملية الانتخابية بشكل سليم».
منافسة محدودة
غياب أبرز وجوه المعارضة عن السباق الانتخابي شكّل أحد أبرز سمات هذا الاستحقاق، إذ استُبعد الرئيس الأسبق لوران غباغبو والمصرفي الدولي تيجان ثيام من القوائم الانتخابية، ما انعكس على ضعف الحماس الشعبي.
وقدرت اللجنة الانتخابية نسبة المشاركة عند حدود 50% تقريبًا، في مشهد يُعيد إلى الأذهان انتخابات عام 2020 التي شهدت نسب مشاركة مماثلة.
آفاق المرحلة المقبلة
وتدخل ساحل العاج مرحلة دقيقة تتطلب موازنة بين الحفاظ على الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات الإقليمية.
ومع اقتراب الإعلان الرسمي عن النتائج، يترقب الإيفواريون مستقبل بلادهم على أمل أن تكون الولاية المقبلة، أياً كان الفائز، بداية لحقبة من التنمية والتماسك الوطني في بلد يُعدّ ركيزة أساسية لمستقبل غرب إفريقيا.
