سياسة

مخزون الذخائر الإسرائيلي: أزمة في ظل حرب طويلة الأمد؟


سلط تقرير إسرائيلي الضوء على الضغوط الشديدة التي تواجهها القوات الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية، مشيرا إلى أن مخزون الذخائر لدى إسرائيل يكفي فقط لحرب قصيرة الأمد ولا يكفي لحرب استنزاف طويلة، بينما أثقلت الحرب كاهل الاقتصاد الإسرائيلي مع توقف الكثير من الشركات عن العمل ومع استدعاء الجيش عشرات آلاف من جنود الاحتياط وهم في الحالات العادية (حالات السلم) قوة إنتاج.

وقال تقرير نشره موقع ‘واي نت’ العبري التابع لـ’يديعوت أحرنوت’ إن الصناعات الدفاعية الإسرائيلية تواجه ضغوطا لتعزيز إنتاج الصواريخ الاعتراضية في حين تلبي الطلبات الأجنبية، مضيفا أن ما يزيد من التحدي هو حظر المواد الخام التي تواجهها من بعض الموردين وخاصة في أوروبا، متسائلا “هل تتمكن الصناعات الدفاعية من الارتقاء إلى مستوى التحدي؟”

وفي تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية يوم الاثنين، تم تسليط الضوء على أحد الأسباب الرئيسية وراء نشر نظام الدفاع الجوي الأميركي “ثاد” في إسرائيل وهو النقص الحاد في الصواريخ الاعتراضية.

ويسلط هذا الأمر الضوء على التحدي المستمر الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي في ما يتعلق بتوفر الذخائر المختلفة في حين لا تظهر الحرب التي دخلت عامها الثاني الآن، أي علامات على نهاية قريبة.

ومن المتوقع أن يتكامل نظام ثاد الذي سيتم تشغيله في إسرائيل من قبل حوالي 100 جندي أميركي، مع وحدات الدفاع الجوي الإسرائيلية الحالية للمساعدة في إدارة الهجمات الإضافية من الصواريخ الباليستية والتي قد تكون أكثر شمولا من تلك التي أطلقتها إيران على إسرائيل حتى الآن.

وسوف يُكمل هذا النظام منظومة صواريخ ‘حيتس 2′ و’حيتس 3’ الاعتراضية، فضلا عن نظام ‘مقلاع داوود’ التي شكلت العمود الفقري لدفاع إسرائيل ضد موجتين من الهجمات الصاروخية من إيران، واحدة في منتصف أبريل/نيسان وأخرى في وقت سابق من هذا الشهر.

وخلال هجوم أبريل/نيسان، أطلقت إيران 185 طائرة بدون طيار و110 صاروخ باليستي و36 صاروخ كروز على إسرائيل. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ردًا على اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله ، أطلقت إيران دفعة أخرى من 181 صاروخا باليستيا على إسرائيل.

وفي حين لا تكشف إسرائيل عن مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، بما في ذلك تلك المخصصة لنظام آرو والقبة الحديدية، فإن أوقات إنتاج صواريخ آرو أطول بشكل ملحوظ من صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية والتي تستخدم في المقام الأول للدفاع ضد الصواريخ قصيرة المدى التي يتم إطلاقها من غزة ولبنان.

وألمح الرئيس التنفيذي لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية بواز ليفي إلى هذا في صحيفة فاينانشال تايمز، قائلا إن إنتاج الصواريخ ليس مسألة أيام وليس سرا أننا بحاجة إلى تجديد مخزوناتنا.

 ورغم أن نظام ثاد لن يوفر لإسرائيل قدرات فريدة تتجاوز تلك التي توفرها أنظمة آرو، فإنه سيعمل كتعزيز كبير لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي تطلق العشرات من الصواريخ الاعتراضية يوميا منذ أكثر من عام ضد الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار.

ويأتي نشر نظام ثاد في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لشن ضربة محتملة على إيران، في أعقاب الهجوم الصاروخي الباليستي. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه المنظومة الدفاعية نجحت في اعتراض معظم الصواريخ من إيران، لكن بعضها أصاب قواعد جوية في نيفاتيم وتل نوف فضلا عن مناطق مأهولة بالسكان في وسط إسرائيل.

وقدرت مصلحة الضرائب الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالجبهة الداخلية من الهجمات الإيرانية بنحو 150إلى 200 مليون شيكل (40 إلى 55 مليون دولار).

العقيدة الأمنية الإسرائيلية تقوم على افتراض مفاده أن أي اشتباك عسكري سوف يكون قصير الأمد

وأشار تقرير ‘واي نت’ إلى أنه من المرجح أن تشتد الضغوط على الصناعات الدفاعية الإسرائيلية لزيادة إنتاج الصواريخ الاعتراضية مع تصاعد الصراع مع حزب الله، ومع إطلاق الحزب المزيد من الصواريخ والقذائف على إسرائيل.

وقد بدأ حزب الله يتعافى من سلسلة الضربات التي وجهتها إليه إسرائيل على مدى الشهر الماضي والتي أثرت بشكل كبير على ترسانته من الصواريخ والقذائف، فضلاً عن قدراته على القيادة والسيطرة.

وكان هذا التعافي واضحا في وتيرة ونطاق هجماته على العديد من التجمعات السكنية الإسرائيلية الشمالية، بما في ذلك الضربات المنتظمة على حيفا والمناطق المحيطة بها.

وعلى الرغم من الغارات الجوية الإسرائيلية التي دمرت أجزاء من ترسانة حزب الله، فإن الجماعة لا تزال تمتلك مخزونا كبيرا من الصواريخ والقذائف التي قد تزيد من الحاجة إلى المزيد من الصواريخ الاعتراضية.

ومنذ بداية الحرب، كانت الصناعات الدفاعية الإسرائيلية تعمل في وضع الطوارئ، حيث تعمل بعض خطوط الإنتاج على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لتزويد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والذخائر، بما في ذلك الصواريخ الاعتراضية.

وتقول المصادر ذاتها، إنه في الوقت نفسه، يتعين على شركات الدفاع الإسرائيلية أن تواصل الإنتاج للعملاء الأجانب، بما في ذلك الجيوش المتورطة في سباق تسلح مستمر والذي تغذيته جزئيا الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وتنبع التزامات الإنتاج الأجنبي هذه من العقود الموقعة قبل الحرب في إسرائيل، مع مواعيد تسليم محددة مسبقا. وأي تأخير قد يؤدي إلى فرض عقوبات ثقيلة على الشركات الإسرائيلية.

وإلى جانب التحدي المتمثل في زيادة الطلب على الإنتاج، تواجه الصناعات الدفاعية صعوبات متزايدة في الحصول على المواد الخام من الخارج، فقد واجهت إسرائيل إحجاما متزايدا من جانب بعض البلدان عن توريد المواد الأساسية، بما في ذلك المعادن المتخصصة والمكونات الإلكترونية، مما أدى إلى فرض حظر فعلي من جانب العديد من الموردين الأوروبيين.

وفي مواجهة هذا النقص، اضطرت شركات الدفاع الإسرائيلية إلى تطوير حلول داخلية، فعلى سبيل المثال، افتتحت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية مؤخرا مصنعا جديدا في أوفاكيم لإنتاج مكونات كانت تستوردها سابقا من الخارج، وهي الخطوة التي تترتب عليها تكاليف إضافية ووقت في وقت تعاني فيه من نقص في كل من المعروضين.

وبحسب التقرير، تحولت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في جنوب إسرائيل الآن إلى تركيزها على الجبهة الشمالية، حيث يسود قلق دائم بشأن اندلاع صراع مباشر أوسع نطاقا مع إيران.

وهذه أطول حملة عسكرية مستمرة تخوضها إسرائيل. وتاريخيا، كانت العقيدة الأمنية الإسرائيلية تقوم على افتراض مفاده أن أي اشتباك عسكري سوف يكون قصير الأمد، أي أقل من شهر وسوف يتم الفوز به بشكل حاسم من خلال استخدام القوة الساحقة.

ولقد شكل هذا الاعتقاد عملية تخزين الذخائر استعدادا للحرب، فالاحتياطيات مصممة لتوفير الموارد الكافية لصراع قصير وموجه استراتيجيا وليس لحرب غير محددة الهدف تهدف إلى تحقيق رؤية غامضة “للنصر الكامل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى