7 سنوات على هجوم “سوسة” الإرهابي في تونس
سنوات سبع مرت على واحد من أفظع الاعتداءات الإرهابية التي ضربت تونس ووثقت أحد أسوأ فصول حكم الإخوان فيها.
في 26 يونيو 2015 هجوم مسلح استهدف أحد الفنادق بمنطقة سياحية شهيرة في مدينة سوسة الساحلية (شرق) أسفر عن نحو 40 قتيلا أغلبهم من السياح، و38 جريحا.
جرح نازف في تاريخ تونس لما بعد حكم الإخوان في 2011، يحمل في طياته محطات قاتمة شكلت نتاجا بديهيا لأداء تنظيم إرهابي.
وتتزامن الذكرى المأساوية هذا العام مع إعلان وزارة الداخلية التونسية إحباط محاولة اغتيال “جادة” للرئيس قيس سعيد واستهداف محيطه من قبل أطراف داخلية وخارجية.
وبالعودة لتفاصيل الهجوم الإرهابي في سوسة، فقد كانت الأجواء صيفية هادئة كعادتها بالمدينة الساحلية التي يقصدها التونسيون والأجانب لقضاء عطلاتهم والاستمتاع بالبحر.
قام المهاجم بدخول أحد الفنادق وذهب للجلوس على الشاطئ تحت مظلة شمسية ، وكان على الشاطئ حوالي 250 سائحا أجنبيا.
لم تكن ملامحه توحي بأي تطرف، بل بدا شابا عاديا بلحية حليقة ولباس مدني عادي، غير أن الدقائق اللاحقة أثبتت أن كل ما سبق كان للتمويه، حيث قام بإطلاق النار على الموجودين الذين بدأوا بالركض نحو الفندق.
وفي نفس الوقت، سُمع دوي انفجار صغير نابع عن قنبلة يدوية، فيما واصل المهاجم التقدم نحو الفندق وهو يطلق النار مرورا بالمسبح وبهو الفندق ومرفأ السيارات قبل أن يخرج من الباب الأمامي وتتدخل الشرطة لترديه قتيلا.
وحينها، تبنى تنظيم داعش الإرهابي الهجوم، ولاحقا كشفت السلطات هوية المهاجم مشيرة إلى أنه يدعى سيف الدين الرزقي، تونسي من مواليد العام 1992، وحاصل على شهادة جامعية. واللافت أنه لم تكن له أي سوابق جنائية.
إرباك الدولة
خبراء يربطون إحباط مخطط اغتيال سعيد الذي أعلنت عنه الداخلية بالذكرى السابعة لهجوم سوس، معتبرين أن الإرهاب يشكل ورقة إخوان تونس من أجل إرباك الدولة والعودة للسلطة.
وقال عبد المجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي التونسي، إن احباط مخطط لاغتيال رئيس الدولة تعد محاولة فاشلة للمس من الأمن القومي لتونس والاعتداء على رئيس الدولة، لكنها لن تنجح بوجود الشرفاء وقوات الأمن والجيش.
وأضاف العدواني أن تونس تمر بفترة خطيرة جدا خاصة قبل استفتاء 25 يوليو/ تموز المقبل، والذي سيحدد مصير البلاد ويكتب تاريخ تونس من جديد.
وحذر من أن الهدف حاليا بالنسبة للإخوان هو إفشال الاستفتاء والمسار الإصلاحي لقيس سعيد.
وأكد أن هجوم سوسة الإرهابي “لم يكن صدفة أو عملية عبثية منفردة، بل يكشف وجود أجندة سياسية للإرهاب تستهدف البلاد”.
وتابع: “كما أن مخطط اغتيال سعيد ليس صدفة أيضا بل يستهدف المسار الإصلاحي الجديد الذي يقطع مع سنوات حكم الإخوان” .
وأشار إلى أن “الإرهاب في تونس لا يختار توقيته صدفة، بل له عقل سياسي وفيه نوع من الرمزيات بتواريخه في كل العمليات الإرهابية”.
ولفت إلى أن حركة النهضة الإخوانية عقدت مؤتمرا صحفيا، أمس الجمعة، إثر إعلان وزارة الداخلية إحباط مخطط الاغتيال، وفنّدت الإعلان.
وتساءل الخبير “كيف لتنظيم إخواني فجّر وحرض على الإرهاب والقتل وسفك الدماء أن يعبر عن استغرابه من مخطط اغتيال سعيد؟”.
تاريخ الاغتيالات
من جانبه، يرى الصحبي الصديق، المحلل السياسي التونسي، أن “الأجهزة الأمنية التونسية قوية جدّا، والجانب العسكري والاستخباراتي قوي أيضا وهناك نجاحات كثيرة حققتها قوات الأمن والجيش ضد الإرهابيين”.
وقال الصديق إن تونس شهدت في تاريخها محاولات اغتيال لقادتها؛ الأولى سنة 1961 من قبل منشقين عن نظام الحبيب بورقيبة (الرئيس الأسبق)، ومحاولة ثانية سنة 1991 عندما حاولت حركة النهضة تصفية (الرئيس حينها) زين العابدين بن علي في ضواحي العاصمة بصاروخ محلي الصنع، أما الثالثة فهي التي تعرض لها سعيد في يناير 2021 عبر ظرف (طرد) مسموم”.
وتعقيبا على إعلان الداخلية، شدد عبيد البريكي، الأمين العام لحركة “تونس إلى الأمام”، على خطورة المعطيات الواردة والتي تدعو إلى حتميّة التّسريع بالكشف المفصّل عن كل ما يتصل بالجرائم المعلنة، معتبرا أنها تمس من أمن تونس وتستهدف رئيس البلاد ومؤسسات الدولة.
وأدان البريكي خطط اغتيال سعيد ومخاطر التّآمر مع القوى الأجنبية والاستقواء بها، وجرّ تونس إلى مربّع العنف، في محاولة يائسة لضرب كلّ مسار انتقال يُبنى على أسس سلمية مدنية ديمقراطية اجتماعية.
وفي ديسمبر الماضي، حذر سعيّد “من مؤامرات تصل إلى حد التخطيط لاغتيال سياسيين”.
وقال خلال جلسة لمجلس الوزراء إن “بعض الخَوَنة باعوا ضَمائرهم لاستخبارات أجنبية لاغتيال عدد من المسؤولين”، مؤكدا أن السلطات “على علم بما يدبرون في الداخل والخارج”.
وفي أغسطس الماضي، تمكنت السلطات الأمنية من الإطاحة بإرهابي خطط لاغتيال سعيّد خلال زيارة كان سيجريها إلى إحدى المدن الساحلية الواقعة شرقي تونس.
والإرهابي هو تونسي الجنسية ينتمي لتنظيم “داعش”، وتسلل من ليبيا حيث تلقى تدريباته.
وفي يناير 2021، أعلنت الرئاسة التونسية وجود مخطط لاستهداف الرئيس سعيّد بظرف (طرد) مسموم وصل قصر قرطاج، وتسبب آنذاك في إصابة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة بوعكة صحية مؤقتة.