انفجار مرفأ بيروت الذي حدث الثلاثاء الماضي، وحجمه والدمار الناتج عنه، يذكرنا بالقنبلة التي أطاحت بهيروشيما اليابانية في 6 أغسطس 1945. مشهد السحابة المتطايرة التي انتشرت وارتفعت على طريقة سحابة القنبلة الذرية، وركام المباني المدمرة، والجثث المتناثرة على الطرقات، وآلاف المصابين وعشرات المفقودين تحت الركام، تبيّن حجم الكارثة الفظيعة التي حلّت ببيروت. “انفجار مرفأ بيروت هذا لم نرَ مثله من قبل” عندما تصدر هذه العبارة من سكان بلد شهد حرباً أهلية دامت 15 عاماً وعانى من الحروب الخارجية والاغتيالات بشكل مستمر، فإن ذلك يعني أننا أمام حدث مأساوي لا يمكن وصفه أو اختزاله في تلك المشاهد الدامية والمؤلمة التي بثتها وسائل الإعلام.
صحيح أن العالم بمختلف دوله وشعوبه، سارع إلى إعلان تضامنه مع لبنان وشعبه فور وقوع الكارثة وتبين حجمها الفظيع، لكن ذلك لن يخفف عن اللبنانيين هول المأساة، التي رمت بـ300 ألف منهم إلى براثن التشرد، كما أعلن محافظ بيروت، وقتلت العشرات وجعلت المستشفيات تغص بالمصابين إلى ما فوق طاقتها.
انفجار بيروت أكد للمرة الألف وبأبشع برهان، أن لبنان ضحية تحكّم عصابة حزب الله الإيراني بقرار لبنان السياسي والاقتصادي، فضلاً عن فساد معظم القوى السياسية الأخرى، والتي أثبتت هي أيضاً وفي المناسبات كلها، أنها تعمل على تغليب مصالحها على مصالح الشعب اللبناني والوطن كله. وما كانت لتحدث هذه الكارثة لولا سيطرة حزب الله على المنافذ اللبنانية البرية والبحرية والجوية، وتماهي كتل سياسية بعينها مع هذا الحزب الطائفي.
إذن الأكيد أن حزب الله هو المسؤول الأول عن انفجار مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم تم تخزينها منذ عام 2013 في مرفأ بيروت، وتفسير ذلك لا يخرج عن ثلاثة سيناريوهات: إمّا أن الانفجار كان بتدبير من الحزب نفسه كرسالة استباقية لتيار المستقبل قبل الإعلان عن قرار المحكمة الدولية التي تحاكم أعضاء في الحزب غيابياً بتهمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري. وإمّا أنه نتيجة إهمال وسوء تخزين لهذه المواد الخطرة والمتفجرة، وأما السيناريو الأخير فهو أن إسرائيل قامت بقصف تلك المواد المتفجرة خاصة بعد التوترات الأخيرة بين الطرفين.
بعد انفجار بيروت الذي سيترك آثاره السياسية والاقتصادية على لبنان لوقت طويل، وبعد انهيار البلد مالياً واقتصادياً، لعلّ الشعب اللبناني بكل أطيافه قد أدرك تماماً ما سبّبه حزب الله لوطنهم من دمار وخراب وحروب، فضلاً عن عزلة عربية وعالمية خانقة لتنفيذ أجندة طهران الإقليمية والدولية.
لن يخرج اللبنانيون من النفق المظلم الطويل الذي حلّ بهم طوال السنوات الماضية إلا بإنقاذ لبنان من سيطرة حزب الله على قراره السياسي. وقد آن الأوان بعد كل هذه المآسي والمعاناة أن يعود لبنان دولة ذات سيادة، دولة صاحبة الصلاحية الوحيدة في إدارة شؤونها وحماية مواطنيها ومصالحهم كافة.
نقلا عن العين الإخبارية