المسألة السورية وعناوين الحل
الأبعاد السياسية والاقتصادية والإنسانية للمسألة السورية بعد حرب 10 سنوات، اختصرها وزير الخارجية الإماراتي بقوله: “ما جرى في سوريا أثر على كل الدول العربية”.
ولعل تحرك الإمارات الإيجابي حيال البلدان التي تعاني، لا سيما العربية منها، وتحديدا الشقيقة سوريا، ليس بغريب على دولة عربية محورية تمتاز سياستها الخارجية بالوضوح، وتسبق أفعالها أقوالها، وتولي الملفات الخاصة بالأشقاء العرب وبالأمن القومي العربي اهتماماً كبيراً.
وقد قدمت الإمارات المساعدة للسوريين منذ الأيام الأولى لأزمتهم، كما كانت شريكاً رئيسياً للأمم المتحدة في جهود كثيرة تتعلق بالأزمة السورية، وها هي منطقة الشرق الأوسط اليوم تشهد تحولاً غير مسبوق حيال سوريا، من المفترض أن تعيد خلاله عدد من الدول إحياء الروابط الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق، بغية مساعدة السوريين على الخروج من سنوات الحرب القاسية، وهذا ما تسعى له الإمارات حاليا عبر مبادرات واضحة المعالم.
هناك نهج سائد في العالم اليوم تميل فيه واشنطن على الأقل إلى الوقوف على ما يشبه الحياد إزاء أزمات المنطقة والإقليم، نتيجة لانشغال إدارة “بايدن” حاليا بالتحدي، الذي تمثله الصين، لكن خطوة الإمارات، التي تضع سوريا على سلم أولويات القادة العرب، تحفز كثيرا من دول العالم على التعاطي مع الشأن السوري بطريقة مختلفة تُعين السوريين في ظرفهم المعيشي الصعب.
فسوريا بقدر ما هي جرح نازف بكل المقاييس، فإن مساعدتها على العودة إلى مكانتها اللائقة على المستوى العربي والإقليمي أمر إيجابي تعود خيراته على السوريين أمنا واستقرارا.
وفيما تبني الإمارات لَبِناتِ استعادة سوريا لمحيطها العربي، ترنو نحو عناوين الحل السياسي العادل والشامل هناك، لكن التحركات العربية بشكل عام، سواء ما تقوم به الإمارات أو ما تقوم به الأردن من فتح للحدود مؤخراً بينها وبين سوريا، يقول إن ثمة خارطة طريق عربية حول سوريا باعتبارها رُكنا مهما من أركان البيت العربي آن أوان استعادته وترميم العلاقات معه.
وترفع زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، للعاصمة الأردنية، فور زيارته التاريخية إلى دمشق، من قدر التشاور العربي بين الأشقاء حول مختلف مستجدات وتطورات المنطقة ككل، فالإمارات تمتلك شبكة أمان سياسية واقتصادية لأي قرار أو تحرك تقوم به، ودليل ذلك حجم الترحيب العربي بمبادرتها الخاصة بسوريا، وردود الفعل الرسمية والشعبية، التي ترى في المبادرة الإماراتية بارقة أمل للسوريين، بل للعرب ككل، إذ من الممكن أن تقلل هذه المبادرة الشجاعة الفجوة بين الواقع السوري وطموحه، كما تمثل فرصة سانحة لـ”سوريا الدولة” كي تكون بحال أفضل، ليبقى الرهان دائما وأبدا على الدور العربي في سوريا، والذي دعمت الإمارات ركائزه ضمن مساعيها لإعادة سوريا إلى قاطرة العرب.