اخترنا لكم

وللسوريين نصيب من كارثة مرفأ بيروت

عبدالجليل السعيد


إن وجود اللاجئين السوريين في لبنان نتيجة الحرب المدمرة في بلادهم مر بمراحل مختلفة من الذل والبؤس، كون أغلبهم لا يملك خيار العودة لبلده، والإجراءات المتخذة في بلد مضطرب مثل لبنان، جعلتهم – كما يعلم الجميع – في ضيق شديد، إنْ على مستوى العيش أو العمل أو حتى التعلم والعلاج الطبي.

لكن كارثة مرفأ بيروت مطلع هذا الشهر، حملت لعدد كبير من العائلات السورية أخباراً حزينة، فثلث الضحايا في ذلك الانفجار الرهيب من المواطنين السوريين، والإحصائيات الأولية تتحدث عن أرقام أخرى مخيفة في أعداد المصابين والجرحى، وهذا الأمر لم يأخذ حصته في التغطية الإعلامية للحدث اللبناني الأليم، سيما وأن الفجيعة لاتزال في بداياتها.

وتشارك ميلشيا حزب الله الإرهابية منذ سنوات في الحرب السورية لصالح أجندة إيران، وتحت إمرة الحرس الثوري الإرهابي في طهران، ويعبر الشباب اللبناني المنتسب لتلك الميلشيات نحو سوريا يومياً، عبر معابر غير شرعية، وعلى مرأى ومسمع من دولة لبنان العاجزة عن تطبيق مبدأ النأي بالنفس، وهو المبدأ الذي أقرته حوارات قصر بعبدا سابقاً وبالتزامن مع انطلاق الاحتجاجات في سوريا عام 2011.

وقد أسهم وجود حزب الله في أتون الصراع السوري بتعقيد المسألة السورية، فعناصر حسن نصر الله يحتلون مدناً سورية بأكملها، ويسيطرون على بلدات استراتيجية مثل ” القصير وتلكلخ والزابداني والميادين ” وغيرها من المدن الرئيسية على امتداد خارطة سوريا، ويعملون على الإتجار بالبشر، والترويج للمخدرات، وأخذ الإتاوات من السكان السوريين هناك، حتى الموالين منهم للحكومة .

ومعادلة بقاء أي لاجئ سوري في لبنان ربطتها – في أكثر من مناسبة – دول عربية متضررة وغربية مؤثرة بضرورة إخراج حزب الله من سوريا، فتحت أي بند دستوري أو قانوني في لبنان يسمح لمواطنين لبنانيين بالمشاركة في حرب ميدانية ؟ وتهديد سلم وأمن دولة جارة كسوريا ؟ وتلك المشاركة موثقة في مشهد شبه يومي بلبنان، تعكسه عشرات إن لم نقل مئات الجثث التي تعود إلى مناطق الحاضنة الشعبية لحزب الله، ولتدفن تلك الجثامين بعد ذلك تحت مسمى ” شهداء المقاومة ” .

ولاقى ويلاقي اللاجئون السوريون في لبنان نكبات كثيرة، إذ يعيش أغلبهم في مخيمات تفتقد لأقل الخدمات المتاحة للإنسان، ولولا الدعم الإنساني والإغاثي من مركز الملك سلمان للإغاثة في لبنان، وكذلك الهلال الأحمر الإماراتي، لما صمدت تلك الأسر السورية يوماً واحداً، فالرياض وأبوظبي خصصتا لهم الكثير من العطاء الذي ساعدهم على الحصول على الطعام والشراب والكساء والدواء في ظل التراخي المعروف لمؤسسات إنسانية دولية .

والسؤال المشروع الذي أفرزته مآسي مرفأ بيروت، وخصوصاً بما يتعلق بالسوريين القتلى هو الآتي : هل من آلية حكومية لبنانية أو دولية لتعوض ذوي الضحايا وتضمد جراحهم النازفة بسبب فقدان أحبائهم ؟، والجواب من المؤكد سيكون صعباً الآن، فنصف سكان بيروت ينامون في العراء، وحاجات المجتمع اللبناني المضيف للنازحين السوريين باتت تشبه معاناة النازحين أنفسهم، وقدرة التحمل من كلا الطرفين محفوفة بالمخاطر، فضلاً عن تدهور الأوضاع الأمنية كل يوم .

وإذا كان البعض يقول: إن هذا التفجير الكبير في لبنان يعزز فرصة إخراج إيران منه، وإنهاء نفوذ حزب الله، وربما نزع سلاحه غير الشرعي، فإن الفائدة سترتد على السوريين في بلدهم وفي لبنان، لأن الحزب العابر للحدود بأعماله الإرهابية وتصرفاته المتطرفة، يمثل حجر عثرة في استقرار المنطقة ككل، ويقطع الطريق على أي مصالحة بين مكونات المجتمع اللبناني، وأيضاً السوري إذا ما تحدثنا عن المعارضة و الحكومة.

نقلا عن العين الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى