اخترنا لكم

“الجهاد” ضد القطط والكلاب في إيران


“ليست الكلاب هي التي تحول دون أن ننجب أطفالاً، بل الظروف الاقتصادية”.

القائلة لهذه العبارة هي السيدة الشابة “مينا” زوجة “محسن” صاحب متجر حيوانات أليفة ومستلزماتها بشارع “إسكندراي” بطهران.

انتهت كل مشكلات الشعب الإيراني، ليتحمس عشرات النواب بالمجلس الإيراني لاستصدار قانون يحظر المتاجرة بالحيوانات الأليفة وتربيتها في البيوت، لأنها تشكل خطراً على الإنسان الإيراني!

سخر الإيرانيون من هذا القانون، وكانت عبارة “قطتي ليست خطيرة” مترجمة لغضب الشاب “مصطفى” ومثله مئات الآلاف من الإيرانيين.

بالعودة إلى السيدة مينا، فقد قالت كما جاء في وكالات الأنباء العالمية، إنها لن تنفصل عن كلبها.

وذكّرت الجميع بالماضي المعتاد مع هذه العقليات: “سبق أن حظروا الصحون اللاقطة للفضائيات، لكنّ الناس استمروا في استخدامها”.

ربما يكون السلوك المرتاب مفهوماً في البداية حيال أي جديد، لكن العاقل سرعان ما يتخلَّى عن هواجسه الارتيابية، مع الوقت، غير أن تغليف هذا الرفض بقشرة دينية، هو الخطير، لأن إزالة هذه القشرة مع الوقت يمسي أمراً عسيراً، لدرجة تحجّر هذه القشرة وصعوبة كسرها، لتصبح القشرة نفسها هي القضية!

الأمثلة كثيرة، مثل مقاومة إلغاء الرقّ، من طرف فئات من التجار والعامة ومشايخ الدين وبعض الحكام، في المنطقة العربية، ويحدّثنا الباحث هشام العوضي في كتابه الممتع “تاريخ العبيد” عن صفحات محزنة، ومما ذكره من الأمثلة المثيرة في هذا الصدد أن شاه إيران رفض طلبات البريطانيين بوجوب منع تجارة الرقيق، متعلّلاً بحجة عجيبة وهي أنَّ اختطاف المساكين من أصقاع أفريقيا وآسيا هو سبب لتعليمهم الدين.. “الدين على النهج الإيراني”.

ويقول الشاه إنَّ منعه من القيام بهذا “الجميل” هو ذنب لا يغتفر، ولما أطلعه المندوب البريطاني على جهود زعماء المنطقة في تحرير الرقيق، ردّ عليه قائلاً: “إننا نمثّل الشيعة، ولن نحذو حذوهم”، نازعاً عنهم صفة تمثل الإسلام “ص214”.

في الدولة العثمانية “العليّة” كانت المطبعة محرمة، ولم يُسمح بها إلا بعد حين من الدهر، وبالمناسبة كان مشايخ الدولة العثمانية مثل النبهاني والشيخ راغب من أكبر مقاومي تحرير الرقّ، وفي العالم العربي وجدنا من يحرّم تعليم البنات، ثم من يحارب فتح المدارس النظامية للصبيان ثم للصبايا، ونتذكر كلنا كيف كان الإسلاميون الحركيون في السعودية، مثلاً، يحاربون قراراً “إدارياً بحتاً” وهو ضمّ تعليم البنات لوزارة التعليم “المعارف ثم التربية والتعليم سابقاً”، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب هذا القرار، وكان مفتي “القاعدة”، عبد الله الرشود، من أبرز مَن كان يثير الاحتجاجات آنذاك، قبل أن يلتحق بمليشيات أسامة بن لادن لاحقاً.

مرة أخرى، الوَجَل من الجديد، برهة من الزمن، لا غضاضة فيه، وربما هو سلوك فطري غير منكر، لكن تحويل هذه المقاومة إلى خطاب خرافي، مثل من كان يقول إن جعل المرأة السعودية تقود سيارتها سيؤثر على قدرتها على الإنجاب! هو النشاط الذي يجب لجْمه وتحويله إلى “فاترينة” عجائب التاريخ، مثله مثل قانون محاربة الحيوانات الأليفة في إيران.

نقلا عن الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى