“كتائب الإخوان” والعنف
يقوم تنظيم الإخوان بتغذية أتباعه على مفهوم العنف عبر وسائل التربية المختلفة.
يبدأ ذلك منذ لحظة الانتماء الأولى للعضو عبر وسائل التربية، والتي تبدأ بــ”الأسرة” وتتنوع بين “الكتيبة” و”الرحلة” و”السمر” و”الجوالة” و”المعسكر”.
ويتم استثمار هذه الوسائل في زرع مفاهيم التنظيم الأيديولوجية، بل يتم تدريب العضو على ممارسة العنف عبر بعض هذه الوسائل، حتى لو كان ذلك عبر “السمر” أو حتى “الرحلة”.
ويربط تنظيم الإخوان كثيرًا ما بين التربية والتدريب على العنف وممارسته، فأي ممارسة للعنف لا بد أن يسبقها إعداد “روحي” و”فكري” ينقل عضو التنظيم إلى مساحات ممارسة العنف، وهو ما يتطلب وقتًا وتهيئة معنوية تسمح له بضرورة التضحية بنفسه عبر المعتقد الذي يزرعه التنظيم وفق برامجه المعدة لذلك سلفًا، وهو ما يتطلب وسائل تربية متنوعة، من أهمها “الكتيبة”.
و”الكتيبة” عند “الإخوان” عبارة عن مجموعة مختارة يبلغ عدد أعضائها أربعين، ويجتمع هؤلاء في دار من دور “الإخوان” التي يُطلق عليها “شعبة” أو “المركز العام” أو بيت مناسب من بيوت “الإخوان”، وكان المرشد العام للإخوان يحضر هذه الكتائب أو يمر عليها في فترات انعقادها، فقد كان مشغولًا بالإعداد الروحي والأيديولوجي ومدى تمسك أعضاء التنظيم بالأفكار التي أنتجها أو كما فهمها هو من الإسلام، وينوب عنه قيادات التنظيم وفق تسلسلهم.
نظام “الكتائب” وضعه حسن البنا، المؤسس الأول للتنظيم، عام 1937، وكتب رسائل ووضع منهجًا لهذه الكتائب حدد فيه مراحل العمل وتكوينها، وكان يريد أن يصل عدد أفرادها إلى 12 ألفًا، ولم يأخذ هذا المنهج طريقته العملية للتطبيق إلا في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين كما خطط لذلك “البنا” في رسائله، فسحبت قيادة “الإخوان” هذه الرسالة، إذ كانت رسالة خاصة لا تُباع، ثم قامت بتعميمها على كل أفراد “الإخوان” فيما بعد وأصبحت أحد أهم وسائل التربية عندهم!
وعند التدقيق في إنشاء “الكتائب” نُدرك أنها كانت بعد قرابة عشر سنوات من نشأة التنظيم تحت ساتر “دعوي” في نهاية عشرينيات القرن الماضي، كما كانت مقدمة لنشأة “النظام الخاص”، الذراع المسلحة للتنظيم، وهي التي تولت التدريب على ممارسة عناصر الإخوان الإرهاب بدءا من أربعينيات القرن الماضي.
ويتم تدريس مفاهيم العنف داخل “الكتائب” ويتم تدريب الأعضاء المشاركين فيها على فك وتركيب بعض الأسلحة الخفيفة خلال فترة زمنية تبدأ من نهاية آخر يوم في الأسبوع وتستمر ليلة ويومين، يتخللها برامج مكثفة تتنوع ما بين “روحية” تخدم أفكار العنف، وحسيّة مرتبطة بمحاضرات نظرية على ممارسة العنف، وكذلك التدريب على فك وتركيب بعض الأسلحة.
ويزعم “الإخوان” أنهم ما عادوا يمارسون العنف، وأن ما حدث في الماضي من نشأة “النظام الخاص” لم يعد له وجود في الحاضر، وهو قول ينطوي على خدعة، فالتنظيم لا يزال يقيم “الكتائب” لأعضائه ولا يزال يطعمها بمفاهيم العنف والممارسة الحديثة له، بدليل ما أنتجه التنظيم من حركات مسلحة، منها “حسم” و”لواء الثورة”.. وهي حركات تربّت ضمن محاضن التنظيم، التي أنتجت “الكتائب”.
نظام “الكتائب” لا يزال معمولًا به داخل تنظيم الإخوان، ولا يزال أفراد التنظيم يحضرون “الكتيبة” كل شهر، تتغير وتتبدل فيها البرامج وفق خطة يضعها قادة التنظيم، وكلها تصب في خانة العنف.
ويزرع تنظيم الإخوان في أعضائه “عقيدة الموت” عبر وسائل التربية، فقد وضع برامج وخططا زمنية تؤدي في النهاية إلى زرع مفاهيم العنف ونقل عضو التنظيم عبر قفزات استثنائية من خلال هذه الوسائل، بحيث لا يمكن لهذه العقيدة أن تتزحزح، مستخدما في ذلك “الكتيبة”.
مواجهة للتنظيم لا بد أن تكون أولًا من خلال كشف الأدوات التي يستخدمها في حلقاته وتسلسلاته عبر المحاضن التربوية المختلفة، وذلك حتى يتم إبطالها فتكون معدومة التأثير والأثر.
العين الإخبارية