اخترنا لكم

“انهيار العالم أحادي القطب”


“إذا كان القتال أمراً لا مفر منه، فيجب أن تضرب أولاً!”، هذا القول مقتبس من رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين.

انقضى أكثر من 30 عاماً على نهاية الحرب الباردة، وهذه فترة طويلة فعلاً، إن ذكريات تلك الحقبة تظهر بألوان باهتة مثل شريط إخباري قديم، وأصوات مكتومة، ومصنوعات يدوية مميزة لفيلم شابها الكثير من التلف بمرور السنين، يعد عام 1991 نهاية مرحلة التعايش السلمي، في هذا العام بلغت الخامسة عشرة من عمري، آنذاك لم يكن يخطر ببالي ما توجّب عليّ وعلى شعبي اجتيازه، لم نكن، نحن مواطني اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، نعاني أي انقسامات على أساس قومي، ونشعر بأن كل شخص هو بالنسبة للشخص الآخر بمثابة الأخ، وأن “الخانة الخامسة” في جواز السفر لا تعني شيئاً على الإطلاق، مدينة غروزني الرائعة والهادئة كانت رموزها مصنع “كراسني مولوت”، والمناطق الصناعية التي امتدت مساحتها على هكتارات عدة، ولم يتوقف العمل فيها لدقيقة واحدة، والعمال، كانوا عمالاً سوفييت مُجدّين وبسيطين، كانوا من الشيشانيين والروس والإنغوش والأوكرانيين واليهود والجورجيين والأرمن ومن جميع ممثلي الشعب السوفييتي العزيز، الذين سعوا لتحقيق هدف واحد فقط، الإعلاء من رفعة اسم ومكانة جمهورية الشيشان.. إنغوش العزيزة، وتزويد جميع مناطق الوطن حتى أبعد منطقة بالمنتجات التي تم نقشها بكل اعتزاز بعبارة “صنع في غروزني”.

على هذا النحو كانت مدينتي الجميلة والمحبوبة غروزني، التي اصطبغت في غضون لحظات بالألوان القرمزية لدماء المدنيين، وحينها شعر بحجم المأساة كل واحد منا، بغض النظر عن جنسيته ودينه ومكان إقامته، داهمت الحرب منزلي، وفي كل يوم كان علينا اتخاذ قرارات صعبة، قرارات كان يمكن أن تكون سهلة لو تعلّقت فقط بمصيري ومصير أسرتي، ولكن عندما يتوقف على كلمة منك مصير شعب بأسره، فيصبح حينئذ لمصطلح “المسؤولية” مدلول على درجة عالية من الوعي العميق والفهم الواضح.

في ذلك الوقت العصيب، تنامت على مرأى مني الكراهية على أساس الانتماء القومي، وأصبح مصطلح “السرقة”، المنبوذ من قبل الشيشانيين، إحدى المفردات القيميّة اليومية الدارجة، وأصبح النصب التذكاري الشهير “صداقة الشعوب” في قلب المدينة الأكثر جمالاً نقطة لتجارة الرقيق، وبات كل من نيكولاي جيكالو وأصلان بك شيريبوف وغابور أخرييف، الذين كانوا يرمزون إلى الصداقة التي لا تنفصم بين الشعوب السوفييتية، في عرف رأس عصابة الأشرار “الحمقى الثلاثة”، وكانت هذه الحال بمثابة النهاية التي كان من الصعب تخيل كيفية الخروج منها.

واليوم، ينتابني ألم شديد أن أواجه حقيقة مفادها أن الشعب الأوكراني الشقيق والعزيز يجد نفسه بعد عقود عدة في المأساة نفسها التي استطعنا نحن قبل فترة وجيزة فقط تجاوزها، بفضل المأثرة البطولية التي اجترحها رئيسنا الأول أحمد حاجي قديروف.

عند إنشاء كومنولث الدول المستقلة كان كل مواطن من مواطني اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية السابق على يقين صادق بأن الحدود التي ارتسمت بين الجمهوريات السوفييتية السابقة ظاهرة شكلية، لن تفلح أبداً في تمزيق الخيوط السميكة للصداقة والأخوة بين الشعوب، التي كانت بالأمس تشكّل وحدة واحدة، لكن تبين أننا كنا مخطئين.

أنا رمضان أخماتوفيتش قديروف، نجل أول رئيس لجمهورية الشيشان، بطل روسيا أحمد حاجي قديروف، الذي برر بالأفعال وليس بالأقوال لقبه كبطل قومي، ضحى بحياته من أجل إنقاذ الشعب الشيشاني، وأنا السائر على دربه، وجندي المشاة المخلص لفلاديمير بوتين، أعلن أنني مستعد لدعم وتنفيذ أي أمر يتوافق مع مصلحة بلدنا.

في هذا المقال، واعتماداً على خبرتي الحياتية الصعبة وتجربتي القتالية القاسية، وبصفتي ممثلاً لشعب أُجبر على المرور عبر سبع دوائر من الجحيم، سأحاول أن أنقل لك، عزيزي القارئ، ما يحدث على الخريطة السياسية للعالم.

24 فبراير/شباط، في الساعة الخامسة وثلاثين دقيقة بتوقيت موسكو، سادت العالم كله حالة من التوتر، حيث تمّ للتو التوقيع في الكرملين على وثائق تاريخية مهمة ستضع قريباً حداً لإراقة الدماء والعنف الرهيب الذي تعرض له أربعة ملايين إنسان في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين على مدى ثمانية أعوام، حين وضع القائد الأعلى توقيعه على الوثائق ظهرت على خريطة العالم دولتان صغيرتان، ستنتهي أخيراً معاناتهما، من الآن فصاعداً وإلى الأبد، يرحب الشعب الشيشاني العزيز بمواطني جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المستقلتين والمعترف بهما! يخرج فلاديمير فلاديميروفيتش (بوتين) على الهواء ويعلن شنّ عملية عسكرية خاصة، وهنا يتوجب على كل واحد منا أن يعي تاريخ هذه القضية.

كثيرون يطرحون اليوم السؤال التالي: ماذا حدث أصلاً؟! تحت أي ظروف تم اتخاذ قرار شن العملية الخاصة؟ لماذا موضوع دونباس مؤلم جدا للشيشان ومفهوم من قبلهم؟ ومتى سينتهي كل هذا؟

ها نحن ننتقل إلى نقطة البداية تاريخ القضية، وهو تاريخ حديث جداً.

في هذا المقال أريد أن أنقل الحقيقة إلى المجتمع، وأعيد إنتاج كل الأحداث التاريخية وأسبابها التي أدت إلى شنّ العملية الخاصة في أوكرانيا، في تسلسل الأحداث التاريخية المبنية منطقياً، سيجد القارئ إجابات ويتمكن من استيعاب العديد من الأمور، فلفهم ما يجري اليوم، عليك إمعان النظر في الماضي.

اجتاحت الحرب العالمية الثانية كوكب الأرض كإعصار، وتلقى الاتحاد السوفيتي الضربة الأقوى، وفي فترة لاحقة أصبحت المواجهة اللاحقة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة تسمى “الحرب الباردة”، مع أن المواجهة بين القوتين العالميتين بدأت قبل وقت طويل من الحرب العالمية الثانية، ففي عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كانت أوروبا تندفع من جانب إلى آخر، وتم إبرام العديد من الاتفاقيات وعقد العديد من التحالفات، وبدأت المواجهة بين الرأسمالية والاشتراكية، التي تراجعت مؤقتاً مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، عندما اتحدت الدول ضد ألمانيا النازية، وبعد انتهاء الحرب، طرأ تبدل على الخريطة السياسية للعالم، حيث تقاسم الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة مواقع السيطرة والنفوذ، وقامت أمريكا بعد امتلاك السلاح النووي، بما في ذلك من أجل تخويف الاتحاد السوفيتي بقصف مدن يابانية، مستهدفة الهيمنة الكونية بصورة منفردة، إلا أن القنابل النووية لم تكن كافية لتدمير الاتحاد السوفيتي، وكان الجيش الأحمر هو الأقوى بين جيوش العالم، بالإضافة إلى ذلك يجب عدم إغفال أن الاتحاد (السوفيتي) شرع في وضع برامج لإنتاج الأسلحة النووية.

ثم بعد ذلك، وفي عام 1949 تشكّل حلف الناتو الذي كان الغرض الفعلي من إنشائه مقارعة الاتحاد السوفيتي، والنتيجة نعلمها جميعاً – فمع أن الاتحاد (السوفيتي) لم يعد موجوداً، فإن حلف الناتو، الذي كان يزعم أن مهمته احتواء التهديد الناجم عن النزعة التوسعية السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية، عمد إلى توسيع صفوفه، منطقياً، كان يجب أن يطوي النسيان هذه المنظمة (الناتو) مثل السوفيت (الاتحاد السوفيتي)، غير أن حدود حلف الأطلسي استمرت في الاتساع، وفي كل يوم، تصرفت الولايات المتحدة، بصفتها الدولة الرئيسة في منظمة حلف شمال الأطلسي، بشكل أكثر عدوانية، مستخدمة في صراعها ضد دول مختلفة من العالم أساليب غير مشروعة مثل العقوبات، ودعم المعارضة، وتنظيم الثورات، واغتيال قيادات، وما إلى ذلك من أساليب، خلال الفترة الزمنية التي انقضت على وجوده، مرّ توسع الناتو بثماني مراحل، حيث ازداد مع كل توسع اقترابه من حدود روسيا مشكلاً تهديداً لأمنها، وفي الوقت نفسه، تم تجاهل البنود الرئيسية للمعاهدة الروسية الأمريكية وللاتفاقية مع الناتو بشأن الضمانات الأمنية، ويدور الحديث هنا، بصفة خاصة، عن عدم توسيع حلف شمال الأطلسي وعدم نشر أنظمة تسلح هجومية بالقرب من الحدود الروسية، وسرعان ما تناست قيادة الناتو تأكيداتها أن هذا الحلف العسكري لن يعمد إلى أن يضم لعضويته الحلفاء السابقين للاتحاد السوفيتي -بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا والمجر وغيرها، وقد تم ضم جميع هذه البلدان، وغيرها، بما في ذلك الجمهوريات السوفيتية السابقة ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا إلى عضوية الحلف.

لم تقتصر العملية على ضم الدول المذكورة أعلاه إلى الناتو، فالولايات المتحدة، التي صاغت   نظاماً جديداً للعالم أحادي القطبية، متوائماً مع قناعتها بأن انهيار الاتحاد السوفيتي قد وفّر لها إمكانية الاضطلاع بدور حصري على الساحة الدولية، بدأت في نشر الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الهجومية، بالقرب من حدود روسيا الاتحادية، ولم تلتفت واشنطن للإشارات التي صدرت عن المسؤولين الرسميين الروس، الذين حذروا بالفعل في منتصف التسعينيات الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو من إقدام قوات الحلف العسكري على الاقتراب من حدود روسيا.

إن إجراءات الناتو المشار إليها تشكل إخلالاً بتوازن القوى على الساحة الدولية، وهي تتعارض تماماً مع مصالح الدولة الروسية.

شرعت الدوائر الرسمية في واشنطن التي أسكرها اختفاء دولة عن الخارطة السياسية للعالم كانت القوة الوحيدة القادرة على إحباط تنفيذ خطط الهيمنة، في الاضطلاع بدور دركي العالم وإملاء إرادتها على دوله بصورة مثابرة ووقحة. 

لم يكن هناك أي شيء جديد يتسم بالفرادة في أفعال واشنطن، فأمريكا هي بلد نشأ على عظام ودماء مئات الآلاف من السكان الأصليين، أما قصف المدن المسالمة، الذي نجم عنه مقتل سكانها الأبرياء، والسرقة والعنف، والتخطيط وتنفيذ الانقلابات غير المشروعة في دول ذات سيادة، فهو نمط وأسلوب الدبلوماسية الأمريكية، التي تعرف ثمارها شعوب أوروبا الليبرالية وجنوب شرق آسيا والشرق العربي.

لن أخوض في تفاصيل الأعمال العسكرية الإجرامية للولايات المتحدة في العراق وليبيا، والانقلابات التي دبّرتها في عدد من البلدان، وقصف يوغوسلافيا وما شابه ذلك، للقيام بذلك، تحتاج إلى تأليف كتاب كامل، دعونا نتطرق لما حصل في جمهوريتنا، فقد اختبر الشعب الشيشاني ترسانة كاملة من أفعال الغرب الخبيثة والماكرة، لقد انخرطنا، دون أن ندرك، في مغامرة وهمية حصدت أرواح مئات الآلاف من الناس، لقد استخدم الغرب شعبنا في محاولة لتدمير روسيا، أسوأ عدو هو ذاك الذي لا تعرف عنه شيئاً، يمكنه التظاهر بأنه صديق، ومحب، ومتابع، لكن مخالبه القذرة تشق طريقها إلى العقول، وتخدع العقل، وتحرّض الإخوة بعضهم ضد بعض، لقد أصبحت أرض الشيشان نقطة انطلاق للإرهابيين الدوليين والمتطرفين من جميع الأطياف، والله وحده يعلم مقدار الجهد الذي تم بذله لتطهير أرضنا من هذا الشر، لقد جلبت قوى الإرهاب الدولي الموت والدمار والمعاناة إلى التراب الشيشاني.

على الرغم من الصعوبات الهائلة، تمكن الشعب الشيشاني بقيادة الرئيس الأول لجمهورية الشيشان، بطل روسيا أخمات-خاجي قاديروف، وبدعم من الرئيس فلاديمير بوتين، من صد أعداء البلاد والشعب، وإقامة سلام راسخ في المنطقة. تعد جمهورية الشيشان اليوم مكاناً فريداً تمت فيه هزيمة الإرهاب بشكل نهائي وكامل وقطع الطريق تماماً على إمكانية عودته، بعد ذلك، اندلعت ثورة ملونة في جورجيا وجرت محاولات للاستيلاء على أراضي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ولكن بفضل السياسة المدروسة لرئيسنا والإجراءات التي اتخذها في الوقت المناسب، فقد انهارت خطط الغرب بخصوص فصل القوقاز عن روسيا.
أصبحت أوكرانيا السلاح التالي ضد بلدنا.

منذ أربعينيات القرن الماضي، كانت هناك منظمة للقوميين المتطرفين الأوكرانيين تولّى قيادتها  ستيبان بانديرا، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي مباشرة، بدأ أتباعهم الأيديولوجيون، الذين كانوا موجودين هناك طوال هذا الوقت، اتباع سياسة متسارعة مناهضة لروسيا، لقد أصبح رهاب روسيا في الواقع فكرة وطنية، واستمرت أوكرانيا في الوقت نفسه بتلقي قروض من روسيا، ومصادر طاقة بأسعار أقل من أسعار السوق، وكذلك جميع أنواع الامتيازات، غير أن هذا لم يمنع أوكرانيا من إعادة كتابة الكتب المدرسية، والسماح للمسيرات النازية، واستبعاد الشعب الروسي من بين الشعوب الأصلية، وحظر وسائل الإعلام الناطقة باللغة الروسية، وأكثر من ذلك بكثير، لذا، أعتقد أن مشكلة التعصب القومي ورهاب روسيا واتخاذ مواقف موالية للفاشية لم تكن الدافع اللحظي للأحداث التي شهدها عام 2014، التي شرعت خلالها القوى الهدامة في أوكرانيا في رفع رؤوسها، كما يقال، بل وفي الاستيلاء أيضاً على السلطة علانية، لقد تراكمت كل هذه العمليات السلبية في الجمهورية على مدى سنوات عديدة، بتواطؤ من السلطات الأوكرانية، وبإذكاء مشاعر التطرف القومي من الخارج ودون قيام المجتمع الدولي بالتقييم اللازم لهذه التحولات السلبية والخطرة.

استشرف “أصدقاء” أوكرانيا خلف المحيط الآفاق المواتية، وعملوا على تأجيج المشاعر المعادية لروسيا داخل المجتمع المحلي، وأفصح الرعاع النازيون، المسكونون بالأيديولوجية اللا إنسانية لحقبة الحرب العالمية الثانية، عن أنفسهم بصوت أعلى فأعلى، وكانوا يسكبون باستمرار وبلا كلل القاذورات على روسيا، التي لولا مساعدتها النزيهة لكانت ولادة الدولة الأوكرانية متعذرة تماماً، وأعتقد أن الوقت قد حان لتذكير الجميع بذلك وليس أوكرانيا فقط.

غضّ الغرب الليبرالي الطرف عن كل هذا، واستمرت الحملات المعادية لروسيا بشكل ثابت ومنهجي، وأصبحت أكثر تعقيداً من عام إلى آخر، في ظل الإشادة بها من قبل أوروبا الليبرالية والولايات المتحدة. النازيون الأوكرانيون من مختلف المشارب، بمن فيهم أولئك الذين كانوا إلى جانب الإرهابيين الدوليين، قاتلوا في الشيشان، وأسهموا في قتل المدافعين عن شرفها وحريتها، لكن هذا لم يغضب الديمقراطيين الأوروبيين والأمريكيين بأي حال من الأحوال، على العكس من ذلك، أسهم الغرب فقط في زيادة حدة الخوف من روسيا في أوكرانيا، بهدف ضمها إلى حلف الناتو، وتجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنه تم في العام الماضي الكشف عن وثيقة محفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني، لا تزال مصنفة “سرية”، لكن ما من سر إلا ويتم الكشف عنه في وقت ما، وتبين أن هذه الوثيقة هي محضر اجتماع رؤساء أجهزة الشؤون الخارجية للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الاتحادية، الذي عقد في مدينة بون الألمانية في 6 مارس/آذار 1991.

يفتح هذا المحضر الذي كشف النقاب عنه، العيون على تناقض خطير في التاريخ الذي روّج له الغرب طويلاً، فقد تبين أن الناتو- الحلف العسكري للدول الغربية، قدّم في أثناء المفاوضات حول توحيد جمهورية ألمانيا الاتحادية وجمهورية ألمانيا الديمقراطية في دولة ألمانية واحدة، وعداً واضحًا لرئيس الدولة السوفيتية يقضي بتعهد حلف الأطلسي العسكري الاستراتيجي بعدم توسيع نفوذه ليشمل دول أوروبا الشرقية على الجانب الآخر من نهر أودر، في حين أعلن الدبلوماسي الأمريكي ريموند جورج هاردنبرغ سيتز بوضوح “لقد أوضحنا للاتحاد السوفيتي – في محادثات 2 + 4 وأيضاً في مفاوضات أخرى – أننا لا نعتزم العمل على جني أي فوائد من انسحاب القوات السوفيتية من أوروبا الشرقية، وعلى الناتو ألا يتوسع شرقاً سواء بشكل رسمي أو غير رسمي”، وقد شاطره نفس هذا الموقف ممثل وزارة الخارجية الألمانية، يورغن هروبوغ الذي صرح بأنه “خلال مفاوضات 2 + 4 (حول وضع ألمانيا بعد التوحيد)، أوضحنا أن الناتو لن يتوسع إلى الشرق، وبالتالي، لا يمكننا أن نقترح على بولندا وغيرها الانضمام للناتو”.

وقد تبين لاحقاً أن هذا الوعد تم انتهاكه مراراً وتكراراً من قبل جميع الدول التي شاركت في الاجتماع المشار إليه في البروتوكول، 14 مرة.

عام 1999 يتوسع الناتو ليشمل ثلاث دول في وقت واحد: المجر وبولندا وجمهورية التشيك.

عام 2004 – انضمام سبع دول أخرى: بلغاريا، ولاتفيا، وليتوانيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وإستونيا.

عام 2009 – انضمام ألبانيا وكرواتيا.

عام 2017 – انضمام الجبل الأسود، وفي عام 2020 – مقدونيا الشمالية.

جرى هذا في الوقت الذي كانت فيه روسيا الاتحادية الوليدة وشعبها مخدوعين بالوعود والآمال الكاذبة، تماماً كما تم خداع الشعب الأوكراني الشقيق.
في 5 ديسمبر/كانون الأول 1994، تم في العاصمة المجرية، بودابست، التوقيع على وثيقة “مذكرة حول الضمانات الأمنية فيما يتعلق بانضمام (المستقلة) إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية”، بموجب هذه المذكرة التي وقعها كل من يلتسين وكلينتون وميجور وكوتشما، أعلنت أوكرانيا مرة وإلى الأبد أنها تتخلى عن وضع القوة النووية، في سياق العملية الخاصة الجارية على أراضي أوكرانيا، أصبح من الواضح أنه لا أوكرانيا نفسها ولا الدول الضامنة أوفت بوعدها، بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على وثائق ومختبرات لإنتاج الأسلحة البيولوجية على أراضي أوكرانيا، تم إنشاؤها برعاية كاملة من الشركاء الغربيين، أو بالأحرى الولايات المتحدة، التي تسيطر على 336 مختبراً في 30 دولة ، بما في ذلك 26 مختبراً في أوكرانيا وحدها، إنه لأمر فظيع أن نتخيل ما كان يمكن أن يحدث للعالم لولا القرار القوي للرئيس فلاديمير بوتين.

في عام 2014، نتيجة لانقلاب مسلح غير دستوري (أطلق عليه ما يسمى “الميدان”) بدعم من الغرب، وصل قوميون متطرفون إلى السلطة، في العام نفسه، بدأت مجازر نازية حقيقية: اندلعت أعمال شغب في أوديسا في وسط المدينة، ونتيجة لذلك اضطر بعض معارضي التكامل الأوروبي إلى اللجوء إلى مجلس النقابات العمالية الذي تعرض في الحال إلى إطلاق النار وتم إحراقه من قبل النازيين الجدد، الأشخاص الذين قفزوا من النوافذ المشتعلة قُتلوا برصاص القناصين أو جرت تصفيتهم بالدوس عليهم بالأقدام، في هذا الجحيم، توفي 42 شخصاً بالحرق أحياءً، وقُتل ستة آخرون في الشوارع، وأصيب أكثر من 240 شخصاً، دخل هذا اليوم، الثاني من مايو/أيار، في تاريخ أوديسا باعتباره اليوم الأكثر سواداً، الذي أصبح نقطة تحول في الأزمة السياسية في أوكرانيا وبداية الحرب الأهلية في منطقة الدونباس.

في نفس عام 2014، عارضت منطقتان من أوكرانيا (وهما تاريخياً منطقتان روسيتان): جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان سلطة القوميين المتطرفين، ونتيجة للاستفتاء، صوّت غالبية السكان لصالح استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.

ومنذ ذلك الحين، بدأ القصف المتواصل لهذه المناطق، بما في ذلك القصف بالصواريخ والقنابل الذي نجم عنه مصرع نحو 13000 شخص، وفقاً لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، نظرت الولايات المتحدة وأوروبا بشكل غير مبالٍ إلى هذه الكارثة الإنسانية المستمرة – لم يلاحظوا مقتل الآلاف من المدنيين، تماماً كما لم ينتبهوا إلى مقتل السكان المدنيين نتيجة النزاعات المسلحة في العديد من الدول العربية ودول الشرق الأوسط الأخرى.

في فبراير/شباط 2015، بهدف حل النزاع المسلح في شرق أوكرانيا، تم الاتفاق على مجموعة من الإجراءات، وقّعها قادة ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا في مينسك، وفي وقت لاحق حظيت الوثائق التي اشتملت على هذه الإجراءات، وأصبحت تسمى اتفاقيات مينسك، بتأييد مجلس الأمن الدولي بموجب قرار خاص صدر عنه.

على الرغم من كل الجهود الروسية، لم تمتثل أوكرانيا لاتفاقيات مينسك، ولم تفعل ألمانيا وفرنسا، بصفتهما ضامنتين، شيئاً على الإطلاق للتأثير في كييف ودفعها للامتثال لها، أي أن العالم كله تابع مقتل الأبرياء، وقيام أوكرانيا بقتل مواطنيها.

على مدار الثلاثين عاماً الماضية التي تلت إعلان الاستقلال، تم بنشاط في أوكرانيا إنشاء المنظمات القومية المتطرفة، كان هناك عمل منهجي لغرس الأفكار المعادية للروس في المجتمع، لم تُزرع الكراهية لروسيا في الفضاء الإعلامي فحسب، بل نُفِّذت هذه الدعاية حتى في رياض الأطفال والمدارس.

وهكذا، ظهرت الفاشية السافرة من جرثومة النازية في أوكرانيا، وظهرت فصائل راديكالية خارجة عن السيطرة في المدن الأوكرانية، لقد ساروا بفخر مع رموز الرايخ الثالث، وبرروا النازيين في شعاراتهم وأثنوا علانية على أكثر قادة ألمانيا النازية وحشية، تم نشر كل هذه المشاعر الفاشية من قبل الراديكاليين من أعضاء منظمات UNA-UNSO وRight Sector وTryzub وAidar وAzov ومجموعات أخرى، بفعل هذه الآراء والأفكار النازية، تم قتل الآلاف من المدنيين الأوكرانيين جراء عدم اتفاقهم مع الأيديولوجية الفاشية لمريدي ستيبان بانديرا.

طوال سنوات الحرب في منطقة الدونباس، تم تزويد الجيش الأوكراني والكتائب القومية المتطرفة (آزوف وآيدار)، التي لا تخضع في الواقع للسلطة الرسمية، بالأسلحة من قبل الولايات المتحدة ودول الناتو، كانت أوكرانيا ببساطة تفيض بالأسلحة الغربية، مع كل ذلك، فإن “آزوف” هي فصيل إرهابي قذر يحظى بدعم الشريحة العليا في السلطة الأوكرانية، وقد أوكلت إليه صلاحيات مطلقة وغير محدودة للتنمر على السكان المدنيين، للاقتناع بما يقترفه هذا الفصيل من أفعال، يكفي مراجعة مقتطفات موجزة من التقريرين الثالث عشر والرابع عشر لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، فضلاً عن تقرير منفصل بعنوان “العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في أوكرانيا”:

“في يوليو/تموز من عام 2014، احتجزت القوات الأوكرانية طبيبة متطوعة تعمل مع المجموعات المسلحة في جمهورية دونيتسك الشعبية، ومعها تم اعتقال أربعة أشخاص آخرين، وتعرضت هي ومحتجزة أخرى بشكل منتظم للتهديد بالاغتصاب، في إحدى المرات صدرت التعليمات للمرأتين بخلع الملابس، وجرى استجوابهما من قبل جنود رجال، وهما تقفان عاريتين ومعصوبتي الأعين”.

“في يونيو/حزيران من عام 2015، اقتاد عشرة رجال مسلحين يرتدون أقنعة وبزات سوداء دون شارات تميزهم وسترات واقية وخوذات امرأة من منزلها، وتم اصطحابها إلى قبو مبنى غير مكتمل من الطوب، حيث تم تقييد يديها إلى أنبوب صلب كبير، وجرى ركلها من قبل رجلين على منطقة الرأس والجسم وضرباها بقبضتيهما وبأنبوب معدني وهددا باغتصابها وقتلها، طالبين منها تأكيد علاقتها بأشخاص لا تعرفهم، لم تحصل على طعام أو ماء ولم يُسمح لها باستخدام المرحاض لمدة 24 ساعة، ونُقلت فيما بعد إلى مركز احتجاز احتياطي، في 15 يناير/كانون الثاني 2017، وأدينت وحُكم عليها، وهي الآن رهن الاحتجاز”.

“في ربيع عام 2016، تم اعتقال رجل يقيم بشكل دائم في الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة من قبل ثمانية أشخاص يرتدون أقنعة وأزياء مموهة للاشتباه في تورطه في أنشطة عسكرية إلى جانب المجموعات المسلحة، في اليوم التالي نُقل إلى مبنى مهجور حيث تم استجوابه، جرده المجرمون من ثيابه وربطوا رجليه وذراعيه خلف ظهره بقفص معدني، أخذ أحدهم سيخاً معدنياً (قضيباً معدنياً يستخدم لتنظيف البندقية) وبدأ بإدخاله في الرجل […]، ما تسبب في ألم شديد للضحية، وقام آخر بتصوير هذا التعذيب على هاتفه المحمول، ثم ضربوا الضحية وهددوا بنشر الفيديو المسجل على صفحة الرجل على مواقع التواصل الاجتماعي، وأُجبر الرجل على توقيع وثيقة يقر فيها بالذنب، لاحقاً حُكم عليه وهو الآن رهن الاعتقال”.

تجد هذه الوقائع المخزية، التي تعد وصمة عار في جبين البشرية جمعاء، انعكاساً لها في الوثائق الرسمية للأمم المتحدة، ولكن لم يكن هناك أي رد فعل من المجتمع الدولي الذي يقبع تحت جناح الولايات المتحدة الأمريكية.

لمدة 8 سنوات طويلة، تم ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد سكان جمهورية لوغانسك الديمقراطية الشعبية من قبل كييف الرسمية، ولم تقم الحكومة في ظل بوروشينكو أو زيلينسكي بمحاولة واحدة لوقف التنمر على الأشخاص الذين اعتبروهم مواطنيهم.

أصبح عام 2014، إلى حد ما، عاماً مفصلياً، وهذا يعود ليس فقط لأن القوى القومية المتطرفة والهدامة في أوكرانيا قد استولت بالفعل على السلطة بشكل علني، وبدأت في قمع السكان الروس في الجمهورية، بل لأن هذا العام شهد أيضاً بداية “حقبة” الاستخدام النشط لـ”سياسة العقوبات” من قبل الدول الغربية ضد روسيا الاتحادية، لقد تحولت “سلسلة العقوبات” هذه إلى محاولات للضغط على البلاد بقصد “تصحيح” سياستنا الداخلية والخارجية، وكما أشار الرئيس فلاديمير بوتين في أحد خطاباته، فإن روسيا ليست تلك الدولة التي يمكن مخاطبتها بلغة الإنذارات، لكن دول الناتو لا ترغب، على ما يبدو، سماع لغة دبلوماسية عقلانية حول الحاجة إلى حوار عادل ومنصف يأخذ في الاعتبار مصالح الأطراف المختلفة.

لم ينقضِ سوى وقت قصير على ظفرها بالسلطة حتى أطلقت “النخبة السياسية” الجديدة في أوكرانيا العنان لحرب دموية واسعة النطاق في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، ما عرّض السكان المحليين للاضطهاد الجماعي والعنف.

في الآونة الأخيرة، صدرت عن المسؤولين في أوكرانيا بشكل عام تهديدات صريحة بإنتاج أسلحة نووية، وأعلن زيلينسكي عن خطط للانسحاب من مذكرة بودابست التي منعت أوكرانيا من امتلاك أسلحة نووية خاصة بها، يتم الإفصاح عن هذه النوايا في الوقت الذي تمتلك فيه أوكرانيا ما يكفي من الإمكانات والوسائل لصنع ما يسمى “القنبلة القذرة” على الأقل، وفي حال ظهور أسلحة نووية في أوكرانيا، فإن الوقت الذي تستغرقه الصواريخ للوصول إلى موسكو يتقلص إلى نحو 4 دقائق فقط، خلال هذا الوقت من المستحيل درء الهجوم.

بحكم هذه العوامل التي تشكل تهديداً للأمن الاستراتيجي لبلدنا، فقد اتخذ الرئيس الروسي ليس  القرار الطبيعي والصائب تماماً فحسب، بل القرار الصحيح الوحيد، الاعتراف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين وإطلاق عملية عسكرية خاصة لنزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية منها.

لقد غفل العديد من المسؤولين والصحفيين الغربيين عن حقيقة أخرى، فعشية العملية الخاصة للقوات المسلحة الروسية، توجه رئيس الدولة فلاديمير بوتين لقادة دول الناتو بنداء يقضي بالعمل على إنشاء نظام يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويضمن الأمن لكل من الغرب وأوكرانيا وجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، ولروسيا الاتحادية أيضاً، إلا أن هذه المقترحات العقلانية تم رفضها بدرجة كافية من الوقاحة.

إن الحقائق التي أشرت إليها عن تطوير أسلحة بيولوجية في أوكرانيا ستشكل تهديداً ليس فقط لروسيا! بل إن الحرب العالمية الثالثة، وإنتاج أسلحة نووية واستخدام أسلحة بيولوجية سيكون لها تأثير شديد الخطورة في العالم بأسره، إن روسيا اليوم لا تدافع عن منطقة الدونباس وعن مستقبلها فحسب، بل إنها تعمل على وقف كارثة ستطول العالم بأسره.

وبهذه الطريقة منعت روسيا الضربة الحتمية التي خطط الناتو لتوجيهها إلى الأراضي الروسية بأيدي أوكرانيا. إن العملية العسكرية الجارية على أراضي أوكرانيا تعد ضرورية، على ما أعتقد، جازماً، للعالم بأسره، أن الشعب الأوكراني ليس عدواً لروسيا، وإن المهمة التي حددت للجيش الروسي تقضي بالمحافظة على أرواح المدنيين من الشعب الأوكراني الشقيق.

غير أن الجيش الأوكراني وكتائب النازيين الجدد يلجأون لتكتيكات معاكسة باستخدام مواطنيهم “دروعاً بشرية”: وضع أسلحة ثقيلة في المناطق السكنية، وسد الممرات الإنسانية، والاختباء خلف ظهور المدنيين، والهدف من هذا السلوك واضح: التسبب في مقتل مئات الأشخاص من أجل التقاط صورة لصالح وسائل الإعلام الأجنبية.

حدّد رئيس روسيا بوضوح أهداف العملية في أوكرانيا، وهي تتمثل في حماية جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، والقضاء على البنية التحتية العسكرية التي شيّدت واتسعت بفضل الناتو وتدمير التشكيلات النازية الجديدة ومحاكمة المجرمين القوميين المتطرفين، هذه هي الوسيلة التي تسمح بضمان أمن العالم كله.

روسيا لا تضع لنفسها هدف احتلال أوكرانيا! وشعب أوكرانيا هو من سيحدد مصيره بنفسه: دون مشاركة النازيين الجدد وبمعزل عن النفوذ الغربي، تلتزم روسيا بهذه السياسة في جميع أنحاء العالم ، فيما يتعلق بأي دولة، فهي تدافع عن حقوق الأمم في تقرير مصيرها.

منذ فترة طويلة نعكف على متابعة استفزازات القيادة الأوكرانية، نتابعها بصبر، لأن الروس والأوكرانيين هم في الأساس شعب واحد، لكن صوت العقل لم يسمع، لقد طالبنا بإصرار بالتنفيذ الكامل لاتفاقات مينسك، لكن زيلينسكي، بابتسامة مهرج محترف، أعلن بلا تفكير عدم رغبته في الالتزام باتفاقيات مينسك، متجاوزاً بشكل صارخ حدود الدبلوماسية، اما فرنسا وألمانيا، اللتان لعبتا دور الضامن لهذه الاتفاقيات، لم تتخذا الإجراءات المناسبة، وتحللتا من التزاماتهما الدولية، ومنحتا بذلك كييف الفرصة للتصرف، وفقاً لتقديرها الخاص.

في هذه الأثناء، واصل العالم بأسره مشاهدة كيف كانت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يزودان الجيش الأوكراني بالأسلحة لمواصلة الحرب في دونباس ولوغانسك، حيث كان الأشخاص الذين يرفضون أن يكونوا تحت سلطة نظام الميدان غير الشرعي يتعرضون للقتل في كل يوم على مدى ثماني سنوات، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن وسائل الإعلام الأوكرانية ومثيلاتها الصفراء في الغرب حجبوا المعلومات المتعلقة بجميع هذه الجرائم البشعة، وتحت ستار من هذا الضباب الكثيف تنفذ أوكرانيا خطتها المشؤومة.

لنتذكر أنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت أوكرانيا تجري مفاوضات مباشرة بشأن الانضمام إلى الناتو، بطبيعة الحال، لم تستطع روسيا، تمشياً مع مهام تأمين أمن مضمون، أن تتجاهل ما يجري في المنطقة المتاخمة مباشرة لحدودها الغربية من مناورات عسكرية وسياسية، لقد حذرت قيادة بلادنا القادة الأوروبيين ورعاتهم الأمريكيين من أن الدول المجاورة مباشرة لروسيا لا ينبغي قبولها في حلف الناتو، وأن أي قرار آخر قد تكون له عواقب وخيمة، من الواضح أنهم لم يسمعونا! ومن الواضح أيضا أن خصومنا نسوا أنهم بدأوا لعبة قصيرة النظر مع دولة قوية خرجت منتصرة من أشرس الحروب.

يستحق الاهتمام الخاص ما يسمى “الرئيس” فولوديمير زيلينسكي، وهو ممثل محترف، بالمناسبة ليس سيئاً، لكنه لا يتصف بهذه الصفة كسياسي، أود هنا أن أشير إلى أن الزعيم القوي والمقتدر هو الذي يجعل بلده قوياً وقادراً، وهو الذي لا يسمح أبداً بأن يكون ألعوبة في يد الآخرين، وهو الذي يدافع ويصون بحزم وصرامة مصالح شعبه! لكن ماذا عن زيلينسكي؟ اليوم هو لا يستطيع معرفة كيف وتحت أي ذريعة يمكن أن يفر من البلاد بأمان، أي قائد هذا!، إني فعلاً أرثي للحالة التي وصل إليها شعب أوكرانيا، الذي يجد نفسه مكرهاً على هذه المعاناة الناجمة عن غباء حاكمهم وتأثير إمبراطورية الأكاذيب الغربية والعالمية.

لكن الخير دائماً ينتصر على الشر، وأنا فخور بأن أكون مشاركاً في حدث تاريخي على درجة فائقة من الأهمية، يتمثل في إعلان فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين شنّ العملية العسكرية الخاصة الرامية لإنهاء معاناة السكان المدنيين في منطقة الدونباس.

وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة “بشأن الحق غير القابل للتصرف لأي دولة في الدفاع الفردي والجماعي عن النفس”، فإن قوات التحرير الروسية تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين تموضعت في أراضي جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين وأوكرانيا لمساعدة أشقائهم في مواجهة الغزاة النازيين.

أنا فخور بحق لأن من بين محرري شعب دونباس المضطهد، مواطنين من جمهورية الشيشان  أعلنوا الانضمام إلى الجبهة الموحدة والاستعداد للدفاع عن الوطن.

واليوم، عندما نتحدث عن عملية خاصة لتجريد أوكرانيا من السلاح واجتثاث النازية منها، يتوجب علينا أن نتذكر أننا نتحدث عن أمن العالم بأسره، نحن ندافع عن العالم من الفاشية والقومية المتطرفة التي نشأت على أراضي أوكرانيا، وبفضل الإجراءات الفعالة التي اتخذها قائدنا الأعلى في الوقت المناسب تم إيقاف المأساة، وهذه العملية تسير في أوكرانيا وفقاً للخطة، كما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين.

أشعر بالهزيمة الوشيكة للنظام النازي في أوكرانيا، وهي ستلتزم مجدداً بوضع عدم الانحياز إلى أي حلف، وستمتثل لمذكرة بودابست، وستعترف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم  وباستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، ستفهم السلطات الأوكرانية أنه ليس من اللائق التلويح بالأسلحة النووية لأولئك الذين قاموا بتربيتك وتعليمك، أعتقد أن الشعب الأوكراني الجميل سيستعيد حريته في القريب العاجل، وستصبح أوكرانيا قريباً جداً دولة متعددة الأعراق كما كانت من قبل، وسيقوم رفاقي بكل فخر بتنفيذ المهمة المشرفة – سوف يقضون على بقايا نظام بانديرا وعلى قوته الرئيسية، سيتم إما تدمير فصيلي “آزوف” و”آيدار” وإما تقديمهما إلى محكمة الشعب في غروزني، وهنا من الأفضل لهما أن يقررا بنفسيهما أي مصير أنسب لهما، وليس أمامهما خيار ثالث، كما ترون.

ونحن نتابع جميعاً كيف أن القوات المسلحة الأوكرانية وما يسمى “الكتائب الوطنية” التي هددت بـ”الاستيلاء على القرم” غير مؤهلة تماماً للقيام بذلك، نحن نرى كيف تعامل الناتو مع الشعب الأوكراني بالطريقة التي يتعامل بها دائماً، تنكر له واستدار بعيداً، نلاحظ كيف بدأت الدعاية الأوكرانية تنشر على العالم كله بصورة هستيرية مزاعم أن “روسيا هاجمت أوكرانيا”، وبذلك تعلن استسلامها في حرب المعلومات أيضاً، اسألوا أنفسكم: على مدى الأعوام الثمانية الماضية، كنتم تقصفون المدنيين، وقتلتم أكثر من 500 طفل وزعمتم أن روسيا هي التي ترتكب هذه الأفعال، لكنكم صرختم بصوت عالٍ فقط عندما كانت الدبابة الروسية الجبارة موجودة بالفعل على الحدود! إن الكذب الذي مارستموه على مدى سنوات عديدة تكشف في لحظة الإدراك بأن المساءلة عن الكلمات التي أطلقتموها قد دنت.

يجب على السلطات الأوكرانية قبول الهزيمة والتوقف عن استخدام السكان الذين خدعتهم كدروع بشرية، على الرفيق زيلنسكي أن يفهم أن المغامرة التي أطلق العنان لها لا تفيد الشعب الأوكراني بأي شكل من الأشكال، بادر إلى الاتصال برئيس روسيا واعترف بهزيمتك، سيكون هذا هو القرار الأفضل والأكثر صحة الذي سيحمي الشعب الأوكراني.

وإذا بدأت مقالي باقتباس من القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية، فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، فسأنهيها، ربما بكلمات محرر الشعب الشيشاني، “لتنتصر العدالة”، هذا ما قاله أحمد حاجي قديروف ذات مرة، وهي سوف تنتصر بالتأكيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى