تحذيرات من إزالة “الحرس الثوري” الإيراني من قائمة الإرهاب
تعثرت من جديد مفاوضات فيينا بسبب قضية رئيسية، تتمثل في إصرار طهران على رفع مليشيات “الحرس الثوري” من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية رغم الحديث عن قرب الوصول لاتفاق نووي مع إيران.
بحسب ما قاله إليوت أبرامز هناك ما يدعو للقلق، زميل أقدم لدراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية، وبهنام بن طالبلو، زميل أقدم بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، خلال مقال منشور بمجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية.
وعلى مدار العام الماضي، زعم ما لا يقل عن ثلاث مجموعات مختلفة من المصادر – بما في ذلك تقارير رسمية للحكومة الإيرانية، وتسريبات لمسؤولين سابقين بالحكومة الأمريكية. وعدة تقارير إعلامية – أن إدارة الرئيس جو بايدن سترفع الحرس الثوري من القائمة في إطار ما يبدو كنسخة أصغر من الاتفاق النووي لعام 2015 والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وتعقيبا على ذلك، قال أبرامز وبن طالبلو في المقال إن “الفشل في التطبيق الصارم للعقوبات الأمريكية الحالية (مثل المتعلقة بالنفط) على إيران وضع واشنطن بالفعل في مأزق في المفاوضات النووية أعطى الضوء الأخضر للتصعيد النووي الإيراني والابتزاز“.
وأضاف الباحثان: “رفع العقوبات الإرهابية عن آلة الجهاز الإيراني الراعي للإرهاب سيكون بمثابة حماقة استراتيجية خالصة، وهذا لأن الحرس الثوري الإيراني تم تشكيله قبل أربعة عقود ليكون قوة عسكرية موازية للجيش“.
وعلى مدار العقود التي تلت ذلك، أصبح الحرس الثوري الإيراني قويا، وربما أقوى لاعب داخل إيران، بحسب الباحثين.
مشيرا إلى أنه “بالإضافة إلى وجود ما يقال إنه 190 ألف فرد، لدى الحرس الثوري هناك عدد لا يحصى من قدامى المحاربين والمؤيدين في شتى المؤسسات الإيرانية السياسية والاجتماعية والدينية والعسكرية والتعليمية والاقتصادية، وأقرب تشبيه له هو الاستخبارات السوفيتية (كي جي بي) في ذروة قوتها“.
وحسب المصدر نفسه فإن “الحرس الثوري الإيراني شارك في أعمال الإرهاب أو دعمها، أو عمليات الاختطاف، أو زعزعة الاستقرار الإقليمي عبر عدة قارات خلال فترة وجوده، وكان في مقدمة جهود إيران لتصدير ثورتها“.
ويعتبر الحرس الثوري الإيراني هو الوحدة العسكرية المسؤولة عن العمليات الخارجية لإيران، مع أذرع مثل فيلق القدس الذي يدرب ويجهز الوكلاء لاستهداف القوات الأمريكية، ومصالحها وشركائها.
وخلال حرب العراق (2003- 2011) على سبيل المثال، قدر أن إيران، من خلال الحرس الثوري ووكلائه، ضلعت في أكثر من 600 قتيل أمريكي وآلاف الإصابات. وهذا يعني أنه يمكن إرجاع كل حالة وفاة واحدة من بين ستة خلال حرب العراق إلى فيلق القدس، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق الباحثين.
وهناك ذراع أخرى للحرس، القوة الجوفضائية، وهي المسؤولة عن أكبر هجوم صاروخي باليستي على القوات الأمريكية: الوابل الذي وقع في يناير على المواقع الأمريكية غير الحصينة في العراق.
وتتولى القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري مسؤولة الترسانة الصاروخية الباليستية الإيراني، الأكبر في المنطقة. وتواصل إيران تطوير، واختبار، ونقل، وحتى استخدام الصواريخ الباليستية في العمليات العسكرية.
وقال أبرامز وبن طالبلو إن إدارة دونالد ترامب أصابت في تصنيف الحرس الثوري وجميع أذرعه في أبريل عام 2019 كمنظمة إرهابية أجنبية. منهية بذلك ما يزيد على عقد من المناقشات في واشنطن بشأن فرض عقوبات على جزء من الحرس الثوري لدعمه الإرهاب أو بأكمله.
وكانت إدارة ترامب فرضت عقوبات أولاً على الحرس الثوري بأكمله بموجب سلطات مختلفة لمكافحة الإرهاب في أكتوبر لعام 2017 بموجب قانون صادر عن الكونجرس.
وقبل ذلك، فرضت إدارتا جورج بوش وباراك أوباما عقوبات بموجب عدة أوامر تنفيذية بسبب دعمه لأسلحة الدمار الشامل وبرامج الصواريخ الباليستية (2007). بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان (2011) وسوريا (2012).
لكن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية يختلف اختلافا نوعيا، فعلى عكس الأمر التنفيذي المتعلق بمكافحة الإرهاب. يحوي تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” بندا خاصا بحظر تأشيرات السفر فيقيد سفر أو هجرة عناصر الحرس الثوري الإيراني الحاليين أو السابقين إلى الولايات المتحدة.
كما يتيح تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” لضحايا إرهاب الحرس الثوري الإيراني حقا خاصا لاتخاذ إجراءات بالمحاكم الفيدرالية لمحاسبة الحرس. وإذا رفعته إدارة بايدن من تلك القائمة، سيواجه الأمريكيون من ضحايا إرهابه عقبات في تحصيل التعويضات المستحقة.
ولذلك يعتبر تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” أقوى سلطة أمريكية لمكافحة الإرهاب، ولهذا السبب اختصته طهران بالذكر، بحسب أبرامز وبن طالبلو. ومن غير المرجح أن إيران هددت الاتفاق النووي الذي من شأنه أن يحرر أصولا مجمدة تقدر قيمتها بـ130 مليار دولار لإلغاء تصنيف يعتبره البعض “رمزيا”.
وعند خلط احتمالات رفع الحرس الثوري من القائمة مع إتمام اتفاق نووي، تزداد الصورة قتامة. حيث أشار الباحثان إلى أن الاتفاق النووي سيحرر الحرس الثوري مما سيخلق مشاكل تنسيق للعقوبات للمجتمع عبر الأطلسي في نهاية أي اتفاق جديد.
ووفقا لخطة تطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة، من المقرر أن يرفع الاتحاد الأوروبي مجموعة من الكيانات من قوائم العقوبات الخاصة به، بما في ذلك الحرس الثوري وفيلق القدس، والقوة الجوفضائية في أكتوبر/تشرين الأول لعام 2023، بعد أكثر من عام من الآن.
وعلاوة على ذلك، يسيطر الحرس الثوري الإيراني على 30% من الاقتصاد الإيراني. وإلى جانب مجموعة من الكيانات المرتبطة بأسوأ الجهات الفاعلة في إيران. كان الحرس الثوري بين المستفيدين الرئيسين اقتصاديا من اتفاق عام 2015.
ورأى أبرامز وبن طالبلو أن “رفع العقوبات الإرهابية عن كيان لديه قدرة ونية لشن هجمات إرهابية ويديه ملطخة بدماء الأمريكيين والحلفاء لا يبشر بالخير لسياسة مكافحة الإرهاب الأمريكية أو الشرق الأوسط بالمستقبل”.
وأكدا على أنه “إذا أسقطت الإدارة العقوبات عن الحرس الثوري. فمن المرجح أن تضاعف مجموعة المليشيات الإيرانية في العراق التي تشكل جزءًا رئيسيا من محور مقاومتها من هجماتها الصاروخية والهجمات المسيرة ضد المواقع الأمريكية بدلًا من إلقاء أسلحتها“.