حكم النهضة… كيف أدى لغرق تونس في بئر من الديون؟
يحاول الشعب التونسي منذ رحيل الإخوان العمل لتحسين أوضاعه المعيشية والخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة. التي جاءت بعد سلسلة من السياسات الخاطئة. وعانت تونس خلال الأعوام الأخيرة من توالي الأزمات السياسية والاضطرابات الاجتماعية. مما ظهر بشكل واضح على أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية بتراجع أهم رافعات الاقتصاد التونسي.
تحديات وأزمات
أخفقت تونس منذ عام 2011 في تحقيق الانطلاقة الاقتصادية المرغوبة، فبسبب الاضطرابات السياسية توقفت الخطط والبرامج الموضوعة لدفع الاقتصاد إلى الأمام وبدأت النزاعات الحزبية ومحاولات السيطرة على الدولة بقيادة حركة النهضة الإخوانية والأحزاب التي تدور في فلكها، وبلغت الأزمات ذروتها الأمر الذي دفع الرئيس قيس سعيّد إلى الاستجابة للرغبة الشعبية وإزاحة الإخوان ونظامهم من الحكم، إلا أن ذلك جاء مع أزمات اقتصادية عالمية فاقمت من الأزمة الحالية، لتشهد المؤشرات الاقتصادية تراجعًا ملحوظًا.
إحصائيات البنك المركزي
من جانبه، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي إنّه “من المتوقع اتساع عجز الميزانية إلى 9.7% من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام مقابل توقعات سابقة أعلنت عنها وزيرة المالية سهام نمصية أواخر العام أن تبلغ 6.9 %، أما بخصوص حجم الدَّيْن العمومي المقدر لسنة 2022، فقد أفادت وزيرة المالية التونسية أنه من المقدر أن يبلغ 114142 مليون دينار وهو ما يمثل 82.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 85.6% مقارنة بقانون المالية التعديلي لسنة 2021. كما تحدثت في سياق متصل عن أن كتلة الأجور التي ضبطت في قانون مالية 2022 ستكون في حدود 21573 مليون دينار بعد أن كانت 20345 مليون دينار سنة 2021 أي بزيادة قدرها 1228 مليون دينار، ولفتت وزيرة المالية إلى أنّ هذه التوازنات تتطلب حاجيات تمويل تقدر بـ 18673 مليون دينار وحاجيات خزينة تقدر بـ 1310 ملايين دينار، وهو ما يستدعي تعبئة حاجات الاقتراض في حدود 19983 مليون دينار، وتتوزع بين 12562 مليون دينار اقتراض خارجي و73331 مليون دينار اقتراض داخلي. من جانبه أوضح العباسي أنّ ذلك يرجع إلى تزايد قوة الدولار والارتفاع الحاد في أسعار الحبوب والطاقة وتبعات الحرب الأوكرانية، التي قال العباسي إنّها أوجدت احتياجات تمويلية إضافية تصل إلى مبلغ 1.6 مليار دولار.
تعثر سداد
في السياق ذاته، كشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية، أن تونس بين الدول المرجح تعثرها في سداد ديونها الخارجية، على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وحذّر أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم بنك “مورغان ستانلي” من توجه تونس نحو التخلف عن سداد ديونها إذا استمر التدهور في ماليتها العمومية. وقال البنك “في سيناريو يستمر معه المعدل الحالي لتدهور المالية العمومية، من المحتمل أن تتخلف تونس عن سداد ديونها” مرجحا أن يحدث ذلك العام القادم ما لم تتوصل البلاد سريعا إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي تجري تخفيضات كبيرة في الإنفاق.
إنقاذ الاقتصاد
وبدأ الرئيس قيس سعيد مرحلة بناء “الجمهورية الجديدة” في وقت تعاني فيه تونس من أزمة اقتصادية ومالية حادّة، زادت من تفاقمها الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، والحرب الروسية-الأوكرانية وتأثيرها على تضخم أسعار السلع والنفط.
في حين يسعى زعيم “حركة النهضة” الإخوانية راشد، بث حالة من التشاؤم بشأن تحسُّن الأوضاع في ظل الدستور الجديد، ترى الأحزاب المؤيدة للدستور الجديد أن تحسن الأوضاع سيكون أول التغييرات المنتظرة في المرحلة المقبلة.
من جانبه، قال مهدي عبد الجواد المحلل السياسي التونسي، إن الشعب ينتظر في المرحلة المقبلة “تحسين أوضاعه المعيشية، بعدما بلغت نسب البطالة 20%، والمديونية أكثر من 100%، فيما أصبح أكثر من مليوني تونسي تحت خط الفقر”.
وشدد عبد الجواد على أن أهم ملف مطروح على طاولة رئيس الجمهورية هو الملف الاقتصادي والاجتماعي، مضيفاً أن على الرئيس أن يبعث “رسائل إيجابية إلى هذا الشعب من خلال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية”.