أمريكا تستعجل تونس للتوصل لاتفاق مع النقد الدولي
حذّر وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن اليوم الأربعاء من أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. فيما يأتي هذا التحذير بعد أن عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء ما وصفه بـ”تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في هذا البلد”.
وتأتي هذه التصريحات في خضم تزايد الضغوط الخارجية التي يواجهها الرئيس قيس سعيد. منذ شروعه الفعلي في محاسبة من يعتبرهم مسؤولين عن تردي أوضاع البلاد ومحاولة ضرب استقرار الدولة.
الفساد
مؤكدا في آخر ظهور له أن “تونس تعيش حاليا حرب تحرير وطنية ضد الفساد. لضرب الفاسدين الذين لا وطنية لهم دون هوادة ولا رجعة في ذلك”. مجددا رفضه لأي تدخل أجنبي في شؤون تونس. لافتا إلى أن البلاد ليست تحت الوصاية.
وقال بلينكن ردا على سؤال حول تونس خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي. “أهم ما يمكنهم فعله في تونس من الناحية الاقتصادية هو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”. مضيفا “نشجّعهم بشدّة على القيام بذلك لأن الاقتصاد قد يتجه إلى المجهول”. معبرا في الآن ذاته عن “مخاوفه بشأن التحول السياسي لتونس في عهد الرئيس قيس سعيد”.
وتكافح تونس تحت وطأة ديون متزايدة وتفاقم ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وتوصلت إلى اتفاق مبدئي في أكتوبر للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي يبلغ 1.9 مليار دولار، لكنها لا تزال تعمل على تسريع صرف التمويل.
وتطالب الجهات الدولية المانحة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تونس بإصلاحات قاسية شرطا لمنحها قروضا تمويلية تشمل مراجعة منظومة الدعم. وقد عبر الأخير عن قلقه في الفترة القليلة الماضية من سلسلة مواقف وصفها بـ”عنصرية” على خلفية تصريحات للرئيس قيس سعيّد انتقد فيها التواجد الكبير لمهاجرين أفارقة غير قانونيين في بلاده وتحدث فيها عن مؤامرة لتغيير “التركيبة الديموغرافية” في البلاد.
وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد صرّح بأن التكتل يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس ويخشى انهيارها. قائلا “إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع”.
وأكد بوريل أن الرئيس التونسي مطالب بأن يوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي وينفّذ وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة إلى تونس. بينما عبرت الخارجية التونسية الثلاثاء عن رفضها لهذه التصريحات. معتبرة أنها “مبالغ فيها” واصفة إياها بـ”الانتقائية” بما أنها “تتجاهل أي مسؤولية عن الوضع السائد في تونس، خاصة منذ العام 2011 وحتى 25 يوليو 2021”.
وتنضاف تصريحات كل من بلينكن وبوريل إلى تحذيرات أطلقها مؤخرا البرلمان الأوروبي. معبرا من خلالها عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بـ”التحول الاستبدادي للرئيس سعيد واستغلاله للوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ في تونس لعكس مسار التحول الديمقراطي التاريخي في البلاد”. داعيا السلطات التونسية إلى الإفراج عن جميع “المعتقلين تعسفيا واحترام حرية التعبير”. مطالبا بوضع حد ما أسماها “الحملة المستمرة على المجتمع المدني في البلاد”.
وتنفذ السلطات التونسية منذ 11 فبراير حملة توقيفات شملت لفيفا من السياسيين وقاضيين ورجل أعمال ومحاميا ونشطاء ووزراء سابقين ومدير إذاعة خاصة. فيما اتهم سعيد بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة” ووصفهم بـ”الإرهابيين” و”الخونة”.
ويحمّل الرئيس التونسي الموقوفين مسؤولية التخطيط لضرب استقرار البلاد عبر حياكة المؤامرات. ويتّهم أيضا العديد منهم بافتعال بعض الأزمات. التي شهدتها البلاد والمتعلقة بنقص عدد من المواد الأساسية وانفلات الأسعار بهدف تأجيج الأوضاع الاجتماعية.
وفي مسعى لتكثيف الضغط على سعيد أسس محامو الموقوفين هيئة أطلقوا عليها “الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين السياسيين”. فيما تأتي هذه الخطوة في إطار تحركات جبهة الخلاص الوطني التي تمثل الواجهة السياسية لحركة النهضة الإسلامية للمطالبة بإطلاق سراح الموقفين. بعد أن أعلنت في مناسبة سابقة عن عزمها على طرق أبواب الخارج والالتجاء إلى المنظمات الدولية لدفع السلطات التونسية إلى الاستجابة لمطالبها.
وطالبت الهيئة اليوم الأربعاء برفع الضغط عن القضاء، مشيرة إلى أن القضاة المتعهدين بملفات المعتقلين يتهددهم العزل إن قرروا ما يخالف مصالح سلطة الانقلاب، وفق تعبيرها.
وقال عضو الهيئة المحامي سمير ديلو “عديد المعتقلين السياسيين تم القبض عليهم دون أذون قضائية ودون تهم واضحة. أو ما يؤكد ارتباطهم بالتآمر على الدولة وبطرق مخالفة للمواثيق الدولية. وهو ما يجب أن ينتبه إليه القضاة لرفع المظلمة عن المعتقلين”.
بدوره ذكر عزالدين الحزقي، والد القيادي بجبهة “الخلاص الوطني”، جوهر بن مبارك “ما يحصل اليوم هروب إلى الأمام من الممسك بالسلطات”.