انضمت فرنسا الجمعة إلى ايطاليا في الدعوة إلى دعم تونس
انضمت فرنسا اليوم الجمعة إلى ايطاليا في الدعوة إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خانقة، بينما تعثرت مفاوضات تجريها مع صندوق النقد الدولي على قرض تمويلي بـ1.9 مليار دولار.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة في بروكسل إلى العمل على تقديم الدعم لتونس “من أجل تخفيف ضغط الهجرة”.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي اثر قمة أوروبية “التوتر السياسي الكبير جدا في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقلقة للغاية”.
وأضاف أن ذلك “يؤدي إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي”، داعيا إلى “العمل معا” على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس و”السيطرة على الهجرة”.
وشدد الرئيس الفرنسي أنه “على المدى القصير جدا، نحتاج إلى النجاح في وقف تدفق المهاجرين من تونس”، موضحا أنه تناول الموضوع مع رئيسة الوزراء الإيطالية خلال اجتماع ثنائي.
وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي بعد يوم من تصريحات مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف عبرت فيها قلق بلادها البالغ من الوضع في تونس، مشيرة إلى أن مصير الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات والحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي، في يدي الحكومة التونسية.
كما تحدث عن وضع المهاجرين الأفارقة في تونس، معلقة على اجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد المتعلقة بترحيل المهاجرين غير النظاميين قائلة “كانت هذه التعليقات سببا في خلق مناخ رهيب من الخوف، لكن نتج عنها ما هو أكبر من ذلك إذ تسببت في هجمات على هؤلاء الأشخاص الضعفاء وموجة عارمة من الخطاب العنصري”.
وأشارت ميلوني من جهتها إلى أنها “طرحت موضوع تونس أمام المجلس الأوروبي، لأنه قد لا يكون الجميع على دراية بالمخاطر التي يمثلها الوضع هناك وضرورة دعم الاستقرار في بلد يعاني من مشاكل مالية كبيرة”.
وردا على سؤال حول بعثة إيطالية فرنسية محتملة إلى تونس مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، قالت ميلوني “نعم، هناك بعثة على مستوى وزيري الخارجية، كثيرون في الوقت الحالي يتجهون إلى تونس”.
وتابعت رئيسة الوزراء الايطالية التي تميل حكومتها اليمينية المتطرفة إلى إتباع نهج مناهض للهجرة “إذا لم نتعامل مع هذه المشاكل بشكل مناسب، فهناك خطر إثارة موجة هجرة غير مسبوقة”.
كما ناقشت جورجيا ميلوني الوضع في تونس مع المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني الذي “سيتوجه إلى هناك في الأيام المقبلة”. وشددت على “ضرورة العمل على المستوى الدبلوماسي لإقناع الطرفين: صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية، بإبرام اتفاق لتحقيق الاستقرار المالي”.
وتتفاوض تونس منذ أشهر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تناهز قيمته ملياري دولار، لكن يبدو أن النقاشات بين الطرفين توقفت منذ الإعلان عن اتفاق مبدئي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين الماضي من أن الوضع في تونس “خطير للغاية”، حتى أنه أشار إلى خطر “انهيار” الدولة الذي من المحتمل أن “يتسبب في تدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. واستنكرت الخارجية التونسية تصريحات بوريل معتبرة أنها “غير متناسبة” مع الوضع و”مبالغ فيها”.
وتأتي هذه التطورات بينما أعلنت السلطات التونسية الجمعة أنّ 34 مهاجرا غير نظامي يتحدّرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء اعتُبروا في عداد المفقودين إثر غرق مركبهم قبالة السواحل الشرقية للبلاد.
وقال المتحدث الرسمي باسم محكمة صفاقس فوزي المصمودي “تمّ إنقاذ أربعة مهاجرين في حين لا يزال 34 آخرون مفقودين” إثر غرق المركب الذي كان متجها نحو السواحل الإيطالية، قبالة سواحل محافظة صفاقس. والخميس أفاد خفر السواحل بانتشال سبع جثث لمهاجرين كان مركبهم قد غرق قبالة سواحل المحافظة.
وفي التاسع من مارس/اذار الحالي أعلن خفر السواحل أن 14 مهاجرا من دول إفريقيا جنوب الصحراء لقوا مصرعهم غرقاً قبالة سواحل تونس حيث يواجه المهاجرون وضعا صعبا منذ ألقى الرئيس التونسي خطابا حول المهاجرين غير النظاميين.
ويأتي هذا الحادث بينما يرغب عدد كبير من المهاجرين في مغادرة تونس بعد تصريحات سعيّد التي اعتُبرت “عنصرية”.
وانتقد الرئيس التونسي في تصريحاته التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، متحدّثا عن مؤامرة لتغيير “التركيبة الديموغرافية” في بلاده.
ومع تحسّن أحوال الطقس تتسارع وتيرة محاولات المهاجرين عبور البحر الأبيض المتوسط في قوارب متهالكة في أغلبها.
وأكد خفر السواحل التونسية في بيان إحباط 26 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة خلال يومي الخميس والجمعة قبالة السواحل الشرقية والشمالية للبلاد، مضيفاأنهّ “تمّ توقيف 1080 مجتازا، من بينهم 25 تونسيّا، بعد أن تعرضت مراكبهم للغرق بعرض البحر”.
وفي تونس أكثر من 21 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء، بينهم طلبة، وفقا لإحصاءات رسمية. وتمثّل نقطة عبور لآلاف المهاجرين الآتين من دول جنوب الصحراء والمتجّهين في رحلات غير نظامية بحرا إلى السواحل الأوروبية وتحديدا سواحل إيطاليا.
وتستقبل ايطاليا أعدادا كبيرة من المهاجرين الوافدين من تونس عبر البحر الأبيض المتوسط. وتفيد الأرقام الرسمية بأن هذا البلد استقبل أكثر من 32 ألف مهاجر في العام 2022 من بينهم 18 ألف تونسي.
وتونس التي تبعد سواحلها أقلّ من 150 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية تشهد بانتظام محاولات لمغادرة المهاجرين إلى إيطاليا.